 ترجمة/ حامد أحمد

أكدت الناشطة الايزيدية في حقوق الانسان، نادية مراد، والحائزة على جائزة نوبل للسلام، انها وبعد متابعات مستمرة على مدى العقد الماضي عثرت مؤخرا على اسمين من افراد عائلتها نشرتها الحكومة العراقية الشهر الماضي ضمن قائمة تضم 22 شخصا تم التعرف على رفاتهم، مشيرة الى انها ستبقى تنتظر نشر بقية أسماء افراد عائلتها واقاربها بضمنهم والدتها وبقية اخوانها واخواتها.

وقالت مراد، في مقال نشرته مجلة التايم الأميركية وترجمته (المدى)، انه في التاسع من تموز نشرت الحكومة العراقية قائمة تضم اثنين وعشرين شخصا جرى التعرف على رفاتهم بعد ما يقرب من أحد عشر عاما على مقتلهم على يد عصابات داعش ضمن جريمة إبادة جماعية بحق الايزيديين، وعلى مدار أسبوعين من بدء الهجوم على قريتي كوجو في سنجار، نشر التنظيم الإرهابي الرعب والفوضى قبل ان يقتل تقريبا كل رجل ايزيدي في القرية ويأسر النساء والأطفال.
وتذكر انها قرأت تلك القائمة كما فعلت مرات كثيرة على مدى العقد الماضي، مترقبة على أمل ان تجد أسماء والدتها واخوتها وبنات خالاتها، الذين فقدوا جميعا في الحرب ولم يعودوا بعدها.
وتقول مراد: "مثل كثير من البنات والاخوات والامهات في مجتمعي، أتوق الى نهاية هذا الانتظار . اشتاق الى فرصة الوداع، الى تكريم احبائي، ومنحهم مراسيم دفن لائقة حتى نحصل نحن الناجين على شيء من السكينة."
وتشير الى انها شعرت بمسحة غريبة من الراحة حين وصلت الى الرقمين 11 و 12 في القائمة المنشورة، وهما أسماء اثنين من اخوانها، الياس وجلو، جنبا الى جنب كما كانا في الحياة دوما. وتقول انها واصلت قراءة الأسماء علها تجد اسم والدتها او ابنة اخيها كاثرين وبقية اخوانها، لكنهم لم يكونوا هناك، مؤكدة بالقول: "هذه هي الإبادة الجماعية، تحول البشر الى قوائم وأرقام. لكن اخوتي ليسوا أرقاما."
تقول مراد ان اخيها، الياس، من مواليد 1973، كان الابن البكر لوالدتها وهو الشقيق الأكبر لأحد عشر فرد آخر من العائلة، وكان ميكانيكيا وعلم نفسه بنفسه وفعل كل ما بوسعه لتوفير لقمة العيش للعائلة، كان زوجا محبا وابا لخمسة أطفال ، مع طفل آخر في الطريق.
أما أخيها الآخر، جلو ، فكان يصغره بسنتين ، وكان يعمل لحاما ويكد بالعمل يوميا، كان ابنا واخا وزوجا وابا لثلاثة أولاد. وعندما اجتاح داعش منطقتنا في آب 2014 ، كانت زوجته حامل أيضا.
وتقول مراد: ان "العالم كان يعرف ان نحو 1,700 انسان بريء في قريتي مطوقون ويواجهون الابادة الجماعية . وهذا منحنا بصيص أمل ، خصوصا بعد ان سمعنا في التلفاز خطابا للرئيس أوباما يتحدث فيه عن مساعدة الايزيديين . لكن تلك المساعدة لم تصل الى قريتنا. وعلى مدى ثلاثة أيام بقينا نصلي وننتظر."
وتشير الى انه في اليوم التالي ومع مجيء داعش للقرية قتل اخويها الياس وجلو . وان هذه المعاناة التي واجهتها كذلك بعد اسرها هي من جعلتها ناشطة بكونها كانت شاهدة على أبشع جرائم داعش في العصر الحديث.
وتمضي بقولها "اواجه مهمة إيجاد تفسير لأطفال اخوتي عن غياب آبائهم ، لا أعرف الجواب. كل ما اعرفه انني اليوم سأقوم بدفن اخوتي. سأودعهم ، وسأشاهد رفاتهم وهي مغطاة بعلم بلادي ." تقول ان أحد عشر عاما مضت ، وما زال كل يوم يمر يجلب الى ذهني لحظاتهم الأخيرة . وانا اعلم انهم حين اقتيدوا الى الإعدام كانوا يفكرون في اخواتهم وبناتهم وامهم، وفي زوجاتهم الحوامل اللواتي سيتم اجبارهن على إنجاب أطفال في الاسر ولن يلتقوا بآبائهم ابدا.
وتقول الناشطة مراد " اليوم لا يسعني الا ان أفكر كيف مسلحين عراقيين من داعش ومسلحين أجانب من شتى أنحاء العالم انضموا الى داعش ، و جاؤوا ليقتلوا هذه الارواح البريئة ويمزقوا العائلات الى الابد . قتلوا الرجال و استعبدوا النساء واخذوا الفتيات الصغيرات سبايا. واجبروا الصبية الصغار على دخول معسكرات التدريب."
وتضيف بأنها تخشى من سهولة تكرار هذا المشهد المؤلم "فالحروب مشتعلة في كل أنحاء العالم وظلالها أطول وأظلم مما نتصور . ولكي نمنع هذه الفظائع مستقبلا، علينا ان ندرك كلفتها الكاملة . ومع الإخفاقات الأخلاقية على نطاق عالمي، لا بد أن يأتي حساب أخلاقي عالمي. سأواصل الدفاع عن عالم يكون فيه الجانب الإنساني في المقام الأول، عالم يحترم احدنا الآخر رغم الاختلافات، وليس هناك احد من يحرم من حق الوجود."
تقول مراد انها بانتظار القائمة القادمة، والتي بعدها، حتى ترى أسماء والدتها وأبناء أخويها وبقية أسماء اخوانها الآخرين.
 عن مجلة التايم الأميركية