السليمانية/ سوزان طاهر
أخيراً وبعد طول انتظار، جرى الاتفاق بين الحزبيين الكرديين الكبيرين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني على عودة تفعيل برلمان كردستان بداية من شهر أيلول المقبل.
وأصدر الطرفان بياناً جاء فيه أنه خلال الاجتماع، أكدا أنه استناداً إلى المبادئ المتفق عليها في الرؤية المشتركة بينهما والخطوات المتخذة لتنظيم العمل المشترك للمرحلة المقبلة من الحكم في إقليم كردستان، وشهدت العملية تقدماً كبيراً، كما ناقشا الخطوات العملية لتنفيذ هذا البرنامج.
وجاء في البيان أنه، مع مراعاة الوضع الحالي في المنطقة والتطورات الجارية، واحتراماً لرغبة وإرادة شعب كردستان، والوفاء بالوعود التي قدمها الجانبان لجمهورهما، ونتائج الدورة السادسة لبرلمان الإقليم، والحفاظ على المكانة القانونية والسياسية للإقليم، اتفق الطرفان على تكثيف الجهود بجدية لضمان انطلاق الدورة السادسة لبرلمان كردستان بأعمالها الطبيعية والقانونية في سبتمبر/أيلول المقبل، ومواصلة الخطوات الأخرى لتشكيل الحكومة الجديدة.
لايوجد اتفاق على المناصب
ووفقًا للمعلومات التي نشرتها وسائل إعلام كردية فإنه لم يتفق (البارتي واليكيتي) حتى الأن على ألية توزيع المناصب في حكومة كردستان المقبلة، ولم يتخذوا قرارًا بشأن أي منصب.
وأشارت تلك الوسائل إلى أن "الحزب الديمقراطي غير راض عن بعض مقترحات ومطالب الاتحاد الوطني الكردستاني، والاتحاد الوطني بدوره غير راض عن مطالب الحزب الديمقراطي، بشأن توزيع المناصب".
أما بخصوص الإعلان الأخير فقد تم ذكر أنه ينبغي بذل جهود مكثفة لعقد جلسة للبرلمان في ايلول، وليس اتفاقًا لبدء جلساته، لأن الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي لم يتفقا بعد على توزيع المناصب، بما في ذلك المناصب داخل البرلمان، لذا كيف يمكن استئناف عمل البرلمان، وقد يكون ذلك لتخفيف المطالب والضغوط من المجتمع الدولي الذي يدعو باستمرار لتشكيل الحكومة جديدة.
من جهة أخرى يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني شيرزاد حسين أن البيان الأخير الذي صدر من الحزبين هو بمثابة الخطوة الأولى، لبدء مرحلة تشكيل الحكومة.
ولفت خلال حديثه لـ (المدى) إلى أنه "لا يمكن بدء مراحل تشكيل الحكومة، إلا بعد عودة البرلمان للانعقاد، وبالتالي هناك تقدم جيدة، وخطوة نحو الأمام، لتجاوز الخلافات السابقة بين الطرفين".
وأضاف أن "الاستحقاق الانتخابي يجب أن يكون حاضراً في أي مفاوضات، ومراعاة هذا الاستحقاق أمر ضروري جداً، خاصة وأن أغلب قوى المعارضة قد أعلنت مقاطعتها، وعدم المشاركة في الحكومة، وبالتالي بمجرد عودة البرلمان فإن عملية تشكيل الحكومة ستكون أسهل".
وشهد برلمان الإقليم بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول ديسمبر 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.
وبعد تأجيل دام أكثر من عامين، شهد الإقليم إجراء انتخابات برلمانية، غير أن نتائج هذه الانتخابات كشفت عن مشهد سياسي معقد، إذ لم يتمكن أي من الحزبين الكبيرين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، من تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة منفردة، ووضع هذا الأمر الحزبين أمام تحد جديد، إذ يجب عليهما التفاوض، بهدف التوصل لاتفاق تشكيل الحكومة.
المفاوضات ستستمر
من جانب آخر يرى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي بأن عملية تشكيل حكومة الإقليم، بعد كل دورة انتخابية تمر بمراحل معقدة، حتى تصل إلى مرحلة الحسم.
وبين في حديثه لـ(المدى) إلى إن "الخطوة الأهم في هذا التوقيت، هي عودة تفعيل البرلمان المعطل، والذي بغيابه، غابت الرقابة، وتعطل التشريع، وهناك الكثير من الأعمال التي هي من صلب عمل البرلمان متوقفة".
وأشار إلى أنه "بعد الاتفاق على تفعيل البرلمان في شهر أيلول، فإن الاجتماعات والمفاوضات بين الحزبين ستستمر، والخلاف ليس على المناصب، انما على آلية وطريقة إدارة الإقليم، والاتحاد الوطني لا يريد المشاركة بهدف المشاركة الشكلية فقط، وانما يريد مشاركة تضمن له صناعة القرار مع الحزب الديمقراطي".
ورغم مرور أكثر من 10 أشهر على الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان، لا تزال عملية تشكيل الحكومة الجديدة عالقة في حلقة مفرغة من المفاوضات المتعثرة والخلافات الحزبية المتجذرة ما بين الحزبين الرئيسيين، "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة بافل طالباني.
وفرضت نتائج الانتخابات في الإقليم، معادلة سياسية صعبة، حيث لم يحقق أحد الحزبين الكبيرين الفائزين الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وحده، وهي معادلة النصف +1، أي 50 مقعداً بالإضافة إلى مقعد واحد.
وفاز الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ39 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 100، تضاف إليها ثلاثة من مقاعد الأقليات التي فازت بها قوى مقرّبة منه، بينما يمتلك منافسه حزب الاتحاد الوطني، 23 مقعداً، إضافة إلى مقعدين من مقاعد الأقليات.
أما حراك "الجيل الجديد"، فقد حصل على 15 مقعداً، يليه حزب الاتحاد الإسلامي الذي حصل على سبعة مقاعد، ثم حزب الموقف الوطني الذي فاز بأربعة مقاعد، وجماعة العدل بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب جبهة الشعب، ومقعد لكل من حركة التغيير والحزب الاشتراكي.
الضغوط الدولية
في سياق متصل يشير الباحث في الشأن السياسي نوزاد لطيف إلى أن الإعلان عن تفعيل دور البرلمان في شهر أيلول، جاء استجابة للضغوط الدولية، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) إلى إن "الدول الكبرى ومن خلال اجتماعات السفراء والقناصل مع قادة الأحزاب الكردية، ضغطت عليهم، وطلبت منهم ضرورة العمل على تفعيل دور البرلمان، والإسراع بتشكيل الحكومة، خاصة في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة".
وذكر أن "الاتحاد الوطني يريد استثمار المفاوضات الحالية، واستغلال عدم مشاركة قوى المعارضة في الحكومة، وبالتالي الديمقراطي يستطيع تشكيل الحكومة، إلا بمشاركته، ولهذا يريد الحصول على أكبر قد من المناصب خلال الدورة الحالية، وهذا واحد من أسباب التأخير".
اتفاق كردي على تفعيل برلمان كردستان..خطوة أولى لتشكيل الحكومة

نشر في: 18 أغسطس, 2025: 12:10 ص









