خاص/ المدى
تشهد محافظة الأنبار أزمة سكن متفاقمة منذ سنوات، نتيجة تراكم آثار النزاعات المسلحة السابقة، وتزايد النمو السكاني، وغياب خطط التنمية العمرانية المستدامة.
وقال سامر العاني، خبير في التخطيط العمراني، خلال حديث لـ(المدى)، إن "الأنبار تواجه تحديًا مزدوجًا، الأول يتعلق بتدمير البنية التحتية السكنية خلال فترة النزاع مع داعش، والثاني يتمثل في العجز الكبير عن توفير مساكن بديلة للسكان العائدين من المخيمات".
وأضاف العاني أن "نسبة الأبنية المدمرة أو غير الصالحة للسكن تتجاوز 60% في بعض المدن مثل الرمادي والفلوجة، ما يفاقم أزمة السكن ويزيد الطلب على الوحدات الجديدة".
وعبر مواطنين من الرمادي، عن معاناتهم اليومية في إيجاد مسكن آمن ومناسب. تقول سارة حميد، إحدى سكان حي الحوز، إن “الوضع مأساوي، نحن ننتظر إعمار المنازل منذ أكثر من خمس سنوات، ومعظم العائدين يعيشون في خيام أو مساكن مؤقتة لا تحمي من الحر الصيفي ولا برد الشتاء القارس".
ويضيف محمد الزبيدي، رب أسرة مكونة من سبعة أفراد، أن "أسعار الإيجارات في بعض المناطق تضاعفت مقارنة بما قبل النزاع، ونحن عاجزون عن تلبية هذه التكاليف بسبب ضعف الدخل وفرص العمل المحدودة".
من جانبه، الناشط المدني علي منذر إلى أن "أعمال إعادة الإعمار تسير ببطء نتيجة محدودية التمويل والمشاكل الإدارية، فضلاً عن صعوبات الأمن والمخلفات الحربية المنتشرة في العديد من الأحياء".
ويؤكد منذر أن "الجهود الحكومية لا تزال مركزة على إنشاء مشاريع سكنية صغيرة، بينما الطلب يفوق العرض بشكل كبير، ما يجعل الأزمة مستمرة".
وتشير تقارير صادرة عن منظمات غير حكومية إلى أن العائدين من المخيمات يمثلون أكبر شريحة متضررة، إذ أن أكثر من 50 ألف أسرة عائدة لم تجد مساكن مناسبة، وهو ما يخلق ضغطًا اجتماعيًا واقتصاديًا على المحافظة.
وتضيف هذه التقارير أن غياب استراتيجيات شاملة للتخطيط العمراني يفاقم المشكلة، ويؤخر إعادة تأهيل الأحياء المتضررة.
ويحذر الخبراء من أن استمرار هذه الأزمة قد يؤدي إلى نتائج خطيرة على مستوى المجتمع، مثل انتشار العشوائيات، وارتفاع معدلات الفقر، وتهديد الاستقرار الاجتماعي.
ويطالب المواطنون الحكومة بسرعة وضع حلول عاجلة، تشمل زيادة دعم إعادة الإعمار، وتوفير تمويل للمشاريع السكنية، وتحسين الخدمات الأساسية في المناطق العائدة، مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، لتشجيع السكان على العودة وإعادة بناء حياتهم.
يذكر أن أزمة السكن في الأنبار ليست مجرد مشكلة عمرانية، بل تمثل تحديًا إنسانيًا واجتماعيًا يتطلب تعاون جميع الجهات، من الحكومة المحلية، والخبراء، والمجتمع المدني، لضمان إعادة إعمار متكاملة ومستدامة تلبي احتياجات السكان العائدين وتحافظ على الاستقرار الاجتماعي في المحافظة.










