TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > 90‌% من الكتلة النقدية خارج المصارف.. إرث تاريخي يعكس ضعف الثقة بالمصارف!

90‌% من الكتلة النقدية خارج المصارف.. إرث تاريخي يعكس ضعف الثقة بالمصارف!

نشر في: 20 أغسطس, 2025: 01:08 ص

بغداد / تبارك عبد المجيد
في ظل استمرار ضعف الثقة لدى المواطن العراقي بالقطاع المصرفي، تبدو أزمة الثقة جزء من واقع أعمق يعكس انعدام الاطمئنان للنظام المالي الرسمي بأكمله.
ويقف أمام هذا الواقع عوامل بنيوية تمتد من ضعف حماية الودائع، إلى الانقسامات داخل السوق المصرفية، مرورا بالبيروقراطية المعقدة، ما دفع شريحة واسعة من العراقيين للاحتفاظ بأموالهم خارج المصارف واللجوء إلى أساليب تحوط ذاتي للحفاظ على قيمتها.
أكد الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي أن أزمة الثقة لدى المواطن العراقي تجاه المنظومة المصرفية تعكس حالة فقدان الثقة في النظام الرسمي العراقي بشكل عام، مشيراً إلى أن هذا الانعدام في الثقة يتجلى بشكل واضح في القطاع المصرفي بسبب المعيار النقدي الذي يمكن قياسه من خلال حجم الودائع والمدخرات النقدية لدى المصارف.
وأوضح الهاشمي في حديث لـ "المدى"، أن "ضعف الثقة في النظام المصرفي له جذور بنيوية عديدة، أبرزها ضعف نظام حماية الودائع المصرفية، ما أثر سلباً على استعداد المواطنين لاستخدام المصارف كمركز لإيداع وادخار الأموال"، وأضاف أن الثقة بالدينار العراقي ما تزال منخفضة، مما يدفع شريحة كبيرة من المواطنين لاعتماد أساليب التحوط الذاتي، عبر الاحتفاظ بالأموال بالعملات الأجنبية أو المعادن الثمينة، كوسيلة للحفاظ على القيمة، بدلاً من تخزينها بالدينار الذي قد يفقد قيمته لأسباب عدة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن البيئة البيروقراطية القديمة للنظام المصرفي ساهمت في خلق صعوبات أمام المودعين لتحريك أو سحب ودائعهم، ما زاد من ميل الجمهور إلى الاكتناز خارج المصارف.
وتابع الهاشمي بالقول، أن "البنك المركزي والمصارف العراقية أمام تحديات كبيرة لإعادة بناء الثقة مع الجمهور، من خلال توسيع القاعدة التشريعية الضامنة للودائع وحمايتها، والمضي قدماً في تطوير البنية التحتية والنظام البنكي بما يتواكب مع متطلبات العصر واحتياجات الاقتصاد والمواطن العراقي".
يشكل ضعف ثقة المواطنين العراقيين بالقطاع المصرفي تحدياً مستمراً، حيث تشير تقديرات الخبراء إلى أن نحو 90‌% من الكتلة النقدية تتداول خارج المصارف، ما يعكس إرثاً تاريخياً من عدم الاطمئنان إلى النظام المصرفي الرسمي.
وفي هذا السياق، قال مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، لـ "المدى"، إن "المشكلة الأساسية تكمن في الانقسامات داخل السوق المصرفية، سواء بين المصارف الحكومية والأهلية، أو حتى داخل المصارف الأهلية نفسها، خصوصاً تلك التي تمتلك مشاركات أجنبية، والتي تعرضت بدورها للعقوبات أو المقاطعة الاقتصادية"، هذه الانقسامات، بحسب صالح، أسهمت بشكل كبير في تراجع الثقة لدى المواطن العراقي وجعلته يلجأ إلى الاحتفاظ بالأموال خارج المنظومة المصرفية الرسمية.
ولمعالجة هذه الأزمة، أشار المستشار الاقتصادي إلى أن الإصلاح المصرفي الحالي يركز على توحيد الجهود وخلق سوق مصرفية متكاملة، عبر تطبيق التقنية المالية الحديثة وتوسيع مفهوم الشمول المالي، بما يتيح وصول الخدمات المالية إلى الفئات الهشة وتقديم الاعتمادات بأسعار فائدة معقولة مقارنة بالأسواق الموازية، حيث قد تصل الفوائد أحياناً إلى مستويات تتراوح بين 30 و70‌% سنوياً، وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على المستهلكين.
وأوضح صالح أن الإصلاح يقوم على ثلاثة محاور رئيسية: أولها القضاء على الانقسامات داخل المصارف الأهلية، ثانياً إزالة الانقسام بين المصارف الحكومية والأهلية، وثالثاً توحيد السوق المصرفية برؤية مشتركة ووظائف تنافسية متكاملة. وأكد أن هذه الإجراءات من المتوقع أن تعزز ثقة المواطنين تدريجياً، مع استهداف إتمام الإصلاح بحلول نهاية العام الحالي.
وذكر الخبير الاقتصادي عبد الله نجم إن أزمة الثقة في القطاع المصرفي العراقي ليست مجرد قضية عابرة، بل تعكس خللاً عميق في النظام المالي. وأوضح لـ "المدى"، أن ضعف حماية الودائع، وتعقيدات البيروقراطية، والانقسامات داخل السوق المصرفية، هي أبرز الأسباب التي دفعت شريحة كبيرة من المواطنين للاحتفاظ بأموالهم خارج المصارف.
وأضاف نجم أن هذا الواقع يشكل تهديد مباشر لاستقرار النظام المالي ويحد من قدرة الاقتصاد على النمو، مؤكدا أن إعادة بناء الثقة أمر ضروري لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الحل يكمن في إصلاح شامل يركز على توحيد السوق المصرفية وتعزيز الشفافية، وتبني آليات حماية قوية للمودعين. وأضاف أن هذه الإجراءات ستعيد تدريجياً الثقة لدى المواطنين، وتضمن استدامة المنظومة المالية بما يتماشى مع متطلبات العصر.
وتابع نجم بالقول: "على السلطات الاقتصادية العمل بسرعة على تنفيذ الإصلاحات البنيوية، لأن استمرار ضعف الثقة قد يؤدي إلى آثار سلبية طويلة الأمد على الاقتصاد والمجتمع العراقي".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram