المدى/خاص
أكد عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، أن الحكومة الاتحادية ارتكبت مخالفة واضحة لنصوص قانون الموازنة من خلال تأخيرها إرسال الجداول المالية الخاصة بالموازنة العامة إلى مجلس النواب، رغم أن القانون ألزمها بإحالتها منذ الشهر العاشر من السنة السابقة. وقال الكاظمي في تصريح لـ«المدى» إن «رئاسة الوزراء لا تبدي جدية حقيقية في إرسال جداول موازنة العام الجاري إلى البرلمان للتصويت عليها وتمريرها»، مشيرًا إلى أن «هذا التأخير يمثل إخلالًا بالتزامات الحكومة ويضعف ثقة السلطة التشريعية بها». وأضاف أن «العام الحالي مضى منه أكثر من ثمانية أشهر من دون أن تصل الجداول إلى مجلس النواب، الأمر الذي يعطل مشاريع خدمية وتنموية ويكشف عن ضعف الإدارة المالية للدولة».
انعكاسات اقتصادية واجتماعية
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي طه الجنابي أن استمرار تأخر الحكومة في إرسال الجداول لا يقتصر على كونه إشكالية إجرائية أو سياسية، بل ينعكس بشكل واسع على الاقتصاد والمجتمع. وبيّن الجنابي في حديث لـ«المدى» أن «الموازنة تمثل الخطة المالية للدولة، فهي تحدد حجم الإنفاق الاستثماري والتشغيلي ومجالات صرف الإيرادات. وحين تتأخر الجداول، تبقى الوزارات والهيئات والمحافظات في حالة جمود مالي، ما يمنعها من الشروع بالمشاريع أو إطلاق التخصيصات، ويخلق بيئة من التعطيل والانتظار». وأشار إلى أن «القطاع الخاص يتأثر بشكل مضاعف، إذ تعتمد الشركات المحلية والمستثمرون على عقود الدولة، وتأخر إقرار الجداول يجعلهم في حالة من عدم يقين بشأن مستحقاتهم أو موعد تنفيذ المشاريع المرتبطة بهم».
تأثير مباشر على الخدمات
ولفت الجنابي إلى أن «الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية تتضرر بشكل مباشر، إذ أن تجهيز المستشفيات أو تأهيل المدارس أو مشاريع الماء والكهرباء ترتبط بجداول الموازنة. وكل تأخير يعني استمرار معاناة المواطن». وأضاف أن «القانون كان واضحًا في إلزام الحكومة بإرسال الجداول بوقت محدد لإتاحة المجال أمام مجلس النواب لمناقشتها وإجراء التعديلات اللازمة. أما التأخير الحالي فقد وضع البرلمان أمام مأزق ضيق الوقت، ما قد يجعله يمرر الجداول بسرعة من دون دراسة معمقة، وهو ما يزيد احتمالية الأخطاء في التنفيذ». وأكد الجنابي أن «الاقتصاد العراقي لم يعد يحتمل المزيد من الشلل المالي، خصوصًا في ظل الضغوط المتمثلة بانخفاض أسعار النفط أحيانًا، وارتفاع التزامات الدولة في الرواتب والدعم الاجتماعي». وختم بالقول إن «المطلوب من الحكومة أن تدرك أن الموازنة أداة أساسية لإدارة الدولة وليست ورقة شكلية، والتأخر في إرسالها يضعف الاستقرار المالي والاقتصادي ويدفع المواطنين والشركات والمحافظات إلى حالة من القلق والانتظار، ما ينعكس في النهاية على الثقة العامة بأداء السلطة التنفيذية».










