البصرة / عمّار عبد الخالق
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في منطقة البرجسية بمحافظة البصرة، بعدما خرج 117 موظفاً عراقياً من شركة «هاليبرتون» الأميركية للتنديد بقرار إنهاء خدماتهم واستبدالهم بعمالة أجنبية. واعتبر الموظفون أن هذه الخطوة «قاسية وغير مبررة»، وتهدد مصدر رزقهم الوحيد، في تناقض مع دعوات الحكومة إلى دعم وتشغيل العمالة المحلية.
شهادات المحتجين
قال عصام دواد، ممثل المحتجين، في تصريح لـ«المدى»: «نمتلك خبرات تمتد من 10 إلى 15 عاماً، وساهمنا في نجاح مشاريع الشركة في حقول مثل غرب القرنة ومجنون، ولا يوجد أي مبرر منطقي لإنهاء خدماتنا».
ووجّه مهندسون في الشركة رسائل استغاثة، حيث أوضح المهندس علي محمد لـ«المدى»: «أشرفت طوال 12 عاماً على تنفيذ مشاريع معقدة في حقول البصرة، ولم يسبق أن قصّرنا في عملنا، ومن غير المنطقي أن يُستبدل جهدنا بعقود أجنبية».
أما المهندس أحمد كريم، فقال لـ«المدى»: «العمال المحليون أثبتوا أنهم عصب هذه المشاريع، وبدونهم ستتكبد الشركة خسائر فنية وزمنية».
وأكد المحتجون أن إدارة «هاليبرتون» مطالبة بالتراجع الفوري عن القرار، مشددين على أن خبراتهم الطويلة تشكل رصيداً استراتيجياً للشركة. كما دعوا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، النقابات العمالية، ومجلس النواب العراقي إلى التدخل العاجل لحماية حقوقهم، محذرين من أن استبدالهم بعمالة أجنبية سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على الاقتصاد المحلي.
مخاوف اقتصادية واجتماعية
وتُعد «هاليبرتون» واحدة من أكبر الشركات العالمية العاملة في العراق منذ سنوات، إذ حصلت على عقود ضخمة مع وزارة النفط لتنفيذ أعمال الحفر والخدمات الفنية. ويرى مراقبون أن قرارها الأخير يثير تساؤلات حول التزامها بالمسؤولية الاجتماعية، خصوصاً في ظل وجود قوانين عراقية تلزم الشركات الأجنبية بتشغيل نسب محددة من العمالة المحلية.
وأكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الأسدي لـ«المدى» أن «أية عملية استبدال واسعة للعمالة المحلية بالعمالة الأجنبية ستؤدي إلى هزّة في سوق العمل بالبصرة، حيث يشكل النفط أكثر من 90% من إيرادات المحافظة». وأضاف أن «فقدان 117 عائلة لمصدر رزقها دفعة واحدة يعني مضاعفة الضغوط على الاقتصاد المحلي».
من جانبها، حذّرت نقابة عمال النفط في البصرة من تداعيات القرار، مشيرة إلى أن العمالة الأجنبية غالباً ما تُشغّل بعقود مرتفعة الكلفة، بينما يُستبعد العراقيون رغم امتلاكهم الكفاءة والخبرة.
دعوات للحوار
واقترح المحتجون تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الشركة والحكومة والنقابات لمراجعة القرار وإيجاد حلول عادلة، مطالبين بسياسات توظيف شفافة تضمن الأولوية للعمالة المحلية. وفي المقابل، لم تصدر إدارة «هاليبرتون» أي بيان رسمي حتى الآن، ما زاد من غضب الموظفين. ويؤكد مراقبون أن الأزمة الراهنة تكشف هشاشة العلاقة بين الشركات الأجنبية واليد العاملة المحلية، مشيرين إلى أن استقرار قطاع النفط في البصرة لا يتحقق فقط عبر الاستثمارات، بل أيضاً عبر تأمين حقوق الكفاءات العراقية التي أثبتت قدرتها على قيادة المشاريع الاستراتيجية.










