بغداد - المدىتساءل عمر مهدي (27 عاما) عن إمكانية ان يفعل البرلمان العراقي دوره المفترض لملاحقة ملفات الفساد ومحاسبة المقصرين بعد تصريحات متعددة بهذا الشأن اطلقها نواب من كتل مختلفة في أعقاب الموجة الأولى من التظاهرات التي شهدتها بغداد . ويقول مهدي، الذي يعمل في مطعم صغير في منطقة البياع بعد تخرجه من كلية الإدارة والاقتصاد ان “قرار البرلمان الهادف إلى إلغاء المنافع الاجتماعية الخاصة بالرئاسات الثلاث وفتح تحقيق باختفاء 40 مليار دولار في جلسة واحدة فقط خطوة لم نعهدها من قبل”.
ويضيف مهدي قائلا “لم نألف سابقا خطوات جدية من البرلمان كما حصل في الأيام الماضية، فالبرلمان الذي رأيناه غير ذلك البرلمان الذي سيطر خلال السنوات الخمس الماضية على الرغم من ان الكثير من أعضائه ما زالوا في مقاعدهم”. وكان رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي اعلن في الحادي والعشرين من الشهر الماضي “تشكيل لجنتي تحقيق لمعرفة المصير المجهول لـ 40 مليار دولار سحبت من صندوق التنمية العراقية في إطار متابعة ملفات الفساد”. واكد في حينه أن “موازنة 2011، التي أقرها البرلمان في العشرين من الشهر ذاته طموحة وستحقق مطالب الناس المشروعة”، في إشارة منه إلى حالة الاستياء الشعبي إزاء تفشي الفساد وتراجع مستوى الخدمات وانتشار البطالة . وتقول عالية نصيف عضو لجنة النزاهة النيابية ان “لجنتها تنتظر نتائج التحقيق في اختفاء المبلغ المذكور”. وتضيف نصيف ان "الموضوع لا يتعلق بأسماء معينة بقدر ما يتعلق بمتهمين بهدر المال العام”، مشيرة إلى ان “الهروب لا يعني الحصانة أو توقف الإجراءات وسنلاحق المتورطين بعد التأكد من وجود أدلة دامغة ضدهم حتى خارج العراق”. من جانبه يؤكد النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد الصيهود ان “البرلمان عازم على معالجة الفساد الإداري كخطوة أولى للنهوض بالواقع المعيشي للعراقيين”، لافتا إلى ان "ضغط الشارع بدا واضحا في القرارات التي اتخذها مجلس النواب”ويقول الصيهود ان “الضغط الشعبي كان له تأثير مباشر على السياسيين ورؤساء الكتل السياسية وهذا اسهم في تحرر النواب من سطوة زعماء الكتل”.ويضيف الصيهود ان “النواب بدأوا يتحررون من سيطرة رؤساء الكتل ويستجيبون لما يريد الشارع، والدليل على ذلك رفض مشروع إضافة نائب رابع لرئيس الجمهورية باعتباره خطوة تسهم في هدر المال العام”، كما تجسد في ما خرجت به موازنة 2011 من قرارات مهمة”. وكانت بغداد والمحافظات الاخرى شهدت تظاهرات شعبية طالبت بالكشف عن أسماء الفاسدين وإحالتهم للقضاء وتحسين واقع الخدمات .ويرى كاظم المقدادي أستاذ الإعلام الدولي وأحد الناشطين في حركات الاحتجاج ان “التظاهرات تسعى إلى ان تدفع العجلة إلى الأمام وتحريك الجهات المعنية بالملفات التي تمس المواطنين”. ويقول المقدادي ان "الاتجاه العام والعناوين التي قامت عليها التظاهرات هو الاهتمام بالواقع الخدمي وهذا قد يكون مدخلا لمحاسبة المقصرين”. ويأمل عمر مهدي، عامل المطعم وخريج الإدارة والاقتصاد في ان يستمر البرلمان بالاستجابة لمتطلبات الشارع وان يكون جادا في التحقيق المعلن، ويقول “الجلسات الأخيرة منحتني الأمل في إمكانية اتخاذ النواب تدابير من شانها النهوض بالواقع وكان مجلس التواب قد عقد جلسة امس الخميس مخصصة لمناقشة مطالب المتظاهرين، قدم رئيس الوزراء خلالها تصوره لعمل الحكومة خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة إلى البرنامج الحكومي. وكان البرلمان أرجأ مناقشة تقارير نواب المحافظات عن مطالب المتظاهرين إلى جلسة امس الخميس وقرر استضافة المالكي.وشهدت الجلسة قراءة تقارير نواب عن مطالب المتظاهرين والأحداث التي رافقت تظاهرة كل محافظة، ويتوقع أن يعرض المالكي خطة الـ 100 يوم التي أعطاها لحكومته، وكذلك عمل الوزراء ما بعد هذه الخطة، وسيجدد دعوته لإجراء انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات.وقال النائب عن ائتلاف المالكي علي شلاه في تصريح صحفي ان "رئيس الوزراء جاد في تطبيق فترة 100 يوم لاختبار أعضاء حكومته وكبار المسؤولين وطرحها على البرلمان يعني جعلها اكثر صدقية".ولفت إلى أن "هناك صلاحيات يجب أن يمنحها البرلمان للمالكي كي يتمكن من محاسبة أو إقالة المسؤولين المفسدين لاسيما أنه يرى ضرورة تغيير كثير من المديرين العامين ووكلاء الوزارات وموظفين كبار أيضاً".وتجددت التظاهرات المنددة بنقص الخدمات والفساد في بغداد ومدن عراقية أخرى يوم الجمعة الماضي، رغم إعلان الحكومة العراقية عن حزمة إصلاحات لتهدئة الأوضاع في البلاد.واجتاحت عدد من المدن العراقية منذ الخامس من الشهر الماضي تظاهرات حاشدة، وصلت إلى ذروتها يوم الجمعة قبل الماضي، عندما امتدت الاحتجاجات لغالبية المحافظات العراقية، وقتل فيها نحو 10 أشخاص في مصادمات مع قوات الأمن.وتتركز مطالب المواطنين حول الحد من الفساد وتحسين الخدمات، وزيادة ساعات تجهيز الكهرباء، وإيصال مواد البطاقة التموينية بصورة منتظمة دون انقطاع، وإيجاد حلول ناجحة للقضاء على البطالة، وحل وإقالة بعض المحافظين والمجالس المحلية.واتخ
برنامج الحكومة على طاولة البرلمان.. فهل يمارس النواب دورهم الحقيقي؟
نشر في: 10 مارس, 2011: 06:30 م