ثائر صالح
الحلقة السابعة
بيت مندلسون
ساهم الموسيقار الألماني العبقري فيلكس مندلسون (1809 - 1847) في تحويل اوركسترا كِفاندهاوس في لايبسِج إلى واحدة من أفضل الفرق الأوروبية، فقد كان قائد اوركسترا بارع، يعرف كيف يستخرج من الفرق الموسيقية أقصى طاقاتها. قاد الفرقة منذ 1835 حتى وفاته المبكرة في 1847، تخلل ذلك تسلمه مهام اخرى في برلين مثلا لفترة عندما أصبح موسيقي البلاط لدى فريدريش ڤِلهلم الرابع ملك بروسيا بين 1841 - 1844، لكنه حافظ خلال ذلك على صلاته بالفرقة كقائد ضيف التي قادها في غيابه الدنماركي نيلس كاده. انتقل مندلسون مع عائلته سنة 1845 بعد عودته إلى لايبسِج إلى شقة جرى تحويلها في 1997 إلى متحف يسمى بيت مندلسون برعاية المؤسسة العالمية التي تحمل اسمه (تأسست في 1991)، وبدعم من قائد الأوكسترا الألماني المعروف كورت مازور (1927 - 2015) الذي قاد اوركسترا كِفاندهاوس لسنوات بين 1970- 1996.
يتألف البيت من ثلاثة طوابق، يحتل جزء من الأرضي والأول منها معرض عن مندلسون، بينما يحتل الطابق الثاني معرض عن اخته الموسيقارة وعازفة البيانو البارعة فانّي هنسل (1805 - 1847) وهنسل هو لقبها بعد زواجها من الفنان التشكيلي ڤِلهلم هنسل، كذلك معرض عن المايسترو كورت مازور والتعريف بالمؤسسة التي تحمل اسمه.
جرى تأثيث البيت بأثاث يعود لذلك العصر بعضه من ممتلكات الموسيقار الشخصية أو نسخا عنها، فيه غرفة عمل (مكتب) مندلسون وغرف النوم والمطبخ، وجرى تخصيص أكبر القاعات لتكون صالة تقدم فيها الحفلات الموسيقية بصورة منتظمة في الحادية عشرة من كل يوم أحد.
نجد بين أثمن المعروضات اللوحة الزيتية لبورتريه مندلسون التي رسمها إدوارد ماكنوس سنة 1845، لكن القائمين على المتحف علقوها بين شباكين فحرم ضوء النهار الساطع الزوار من متعة التمعن في تفاصيلها.
حصل مندلسون واخته فانّي على أفضل تعليم ممكن في ذلك العصر، فقد درسا الموسيقى بشكل مكثف وبرعا بالآداب والفنون بضمنها فن الرسم، وكان مندلسون يجيد العديد من اللغات الحية إلى جانب اللاتينية واليونانية القديمة. لذلك لا يتفاجأ زائر البيت لرؤية آخر لوحات الأكواريل التي رسمها مندلسون صيف 1847 قبل وفاته بأشهر معروضة في واحدة من غرف البيت، وهي تنم عن حرفية عالية وذوق فني رفيع ومهارة واضحة.
توجد في الطابق الأرضي مكتبة صوتية لكل أعمال مندلسون، وجرى تحويل غرفة فيه إلى منصة قائد أوركسترا مع شاشة تحكم يمكن فيها اختيار مدونات الأعمال الموسيقية وتغيير خصائص الصوت (مثلا تغيير تردد النغمة الأساسية من النغمة المعاصرة 443 هرتز إلى تردد ذلك العصر، أي 430 هرتز) لتقدمها الأوركسترا المتألفة من 11 صندوق صوتي، كل منها يمثل واحدة من مجاميع أدوات الأوركسترا (أو مجاميع الكورس). هذه القاعة تشير إلى الغرض الأساسي من المتحف، وهو نقل المعرفة عن هذا الموسيقار الاستثنائي إلى الأجيال الجديدة باستعمال الوسائط المتعددة، فالهدف تربوي واضح ليكون العرض جاذباً للزوار من الأطفال وطلبة المدارس الابتدائية كما هو مفيد بالمعلومات الجديدة للبالغين وحتى للموسيقيين والمتخصصين.
موسيقى الاحد: سياحة موسيقية في ألمانيا

نشر في: 24 أغسطس, 2025: 12:01 ص









