 بغداد/المدى

يشهد قطاع غزة انهياراً متسارعاً في الأوضاع الصحية والإنسانية، بعد تدمير محطات معالجة المياه وتلوث مصادر الشرب، ما أدى إلى تفشي مرض مميت بين الأطفال، في وقت تحذر فيه منظمات دولية من أن المجاعة في القطاع أصبحت واقعاً ملموساً وليست مجرد تهديد.

أمراض فتاكة بسبب تلوث المياه
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن القطاع سجل خلال الأشهر الثلاثة الماضية أكثر من 110 إصابات بمرض الشلل الرخو الحاد، في ارتفاع غير مسبوق مقارنة بحالة أو حالتين فقط سنوياً في الأعوام الماضية. وأكدت أن غالبية الإصابات سُجلت بين الأطفال دون سن الخامسة عشرة، وأن المرض أدى بالفعل إلى وفاة تسعة أطفال. وتعود أسباب التفشي إلى تدمير محطات معالجة المياه بفعل القصف الإسرائيلي، ما تسبب في تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي. وأظهرت التحاليل المخبرية وجود فيروسات معوية وبكتيريا «كامبيلوباكتر جيجوني»، وهي عوامل مرضية قادرة على التسبب بالشلل وفشل الأعضاء الحيوية.
وتحذر منظمات إنسانية مثل أوكسفام وأطباء بلا حدود من أن انهيار البنية التحتية للمياه والصرف الصحي يقترن بعجز المستشفيات عن توفير العلاج اللازم، حيث تعاني المرافق الطبية من نقص حاد في الأدوية الحيوية مثل الغلوبولين المناعي الوريدي وتبادل البلازما، ما يفاقم أعداد الوفيات. الجيش الإسرائيلي نفى مسؤوليته عن عرقلة وصول المساعدات الطبية، لكنه حمّل حركة حماس مسؤولية الأوضاع. في المقابل، تؤكد المنظمات الدولية أن الحاجة ملحة لإدخال أدوية منقذة للحياة وتوفير مياه نظيفة لوقف انتشار المرض.

مجاعة تقترب من حدود الكارثة
في موازاة الأزمة الصحية، حذرت مجموعة الأزمات الدولية من أن المجاعة في غزة هي نتيجة مباشرة لما وصفته بـ«حملة تجويع متعمدة» استمرت قرابة عامين، مشيرة إلى أن القطاع يقف اليوم على أعتاب كارثة إنسانية واسعة النطاق. وأكدت الأمم المتحدة دخول غزة رسمياً في مرحلة المجاعة لأول مرة منذ اندلاع الحرب، وهو تصنيف نادر يعكس خطورة الوضع. ووفق بيانات التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، فإن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يعيشون ظروفاً كارثية (المرحلة الخامسة)، بينما يواجه أكثر من مليون شخص حالة «انعدام أمن غذائي حاد – طارئ». كريس نيوتن، كبير محللي قسم الإنذار المبكر في المجموعة، اعتبر أن المجاعة «متوقعة ويمكن تفاديها»، منتقداً استمرار الهجمات الإسرائيلية رغم التحذيرات السابقة. فيما شدد ماكس رودنبك، مدير مشروع إسرائيل–فلسطين في المجموعة، على أن الحرب أودت بحياة أو تسببت بإصابة «واحد من كل عشرة من سكان القطاع»، مؤكداً أن التجويع بات «تكتيكاً مدروساً» أدى إلى انهيار خطير في مستويات المعيشة. ورغم موافقة حركة حماس على هدنة إنسانية مؤقتة، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا المقترح، في إشارة إلى استمرار العمليات العسكرية، الأمر الذي يزيد من تفاقم معاناة السكان.