ذي قار/ حسين العامل
كشفت إدارة محافظة ذي قار عن تحقيق تقدم ملموس في تأهيل ضحايا المخدرات عبر ما استحدثته من مصحّات منذ عامين ونيّف، وفيما أعربت عن قلقها من ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات، أشارت إلى أهمية الاندماج الاجتماعي في مواجهة الانغلاق النفسي.
يأتي ذلك في ظل ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات في المحافظة، إذ كشفت بيانات المؤتمر التحليلي للواقع الأمني والجنائي السنوي الثاني عشر، الذي عُقد يوم (6 شباط 2025) على قاعة المسرح السومري في مدينة أور الأثرية، عن إلقاء القبض على 571 متاجراً ومتعاطياً للمخدرات خلال عام 2024، بواقع 426 متاجراً و135 متعاطياً و10 حالات أخرى. وأشارت البيانات التي اطّلعت عليها «المدى» إلى أن معظم الملقى القبض عليهم من الذكور البالغين، ولا يشكل الأحداث منهم سوى 15 متهماً بينهم أنثى واحدة. وبيّنت أن 347 من المتهمين أُلقي القبض عليهم بالجرم المشهود، وأن 224 متهماً بناءً على اعترافات.
وعن دور الحكومة المحلية في الحد من ظاهرة تعاطي المخدرات قال عضو اللجنة الفرعية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في محافظة ذي قار المستشار حيدر سعدي إبراهيم لـ«المدى» إن «ظاهرة الاتجار وتعاطي المخدرات من التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع العراقي، وإن ذلك يستلزم تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية لمواجهتها»، مشدداً على أهمية تفعيل البرامج التوعوية والتثقيفية، وتعزيز الرقابة على الحدود، وتطوير برامج العلاج والتأهيل، وتطبيق القانون وفرض العقوبات المشددة على المتاجرين بالمخدرات.
مبيناً أن «الدوائر والجهات المعنية ماضية في التضييق على نشاط المتاجرين بالمخدرات وتبنّي برامج توعوية في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية والقطاعات المجتمعية الأخرى».
وتطرّق إبراهيم، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين، إلى أثر المصحّات في مواجهة آفة المخدرات قائلاً: «قبل أكثر من عامين جرى افتتاح مركز الحياة للتعافي ومعالجة حالات الإدمان في مستشفى الحسين التعليمي، وقبلها انطلقت مبادرة مجتمعية وصحية لعلاج وتأهيل واحتواء المتورطين بتعاطي المخدرات والمدمنين عليها»، مشيراً إلى «إدخال المدمنين في مصحّات خاصة للعلاج يتضمن إعفاءهم من الملاحقة القانونية بشرط عدم العودة إلى التعاطي بعد اكتساب الشفاء التام».
مبيناً أن «المصحّات تستخدم برنامجاً علاجياً قد يستغرق شهراً واحداً أو عدة أشهر، بحسب نوع المادة والفترة التي استغرقتها حالة الإدمان وأثر المادة المخدّرة على وظائفه البدنية». مؤكداً أن «هذه المبادرة حققت نجاحات كبيرة وطرحت نموذجاً جيداً للمتعافين في المجتمع، وهو ما دفع بالكثير من متعاطي المواد المخدّرة إلى مراجعة تلك المصحّات». ويجد إبراهيم أن «أبناء المناطق الريفية كانوا أكثر إقبالاً من أبناء المدن في هذا المجال».
وتحدّث عضو اللجنة الفرعية لمكافحة المخدرات عن مصحّات أخرى تابعة لوزارة الداخلية، مبيناً أن «هذه المصحّات خاصة بالمتعاطين الملقى القبض عليهم، إذ يجري إعادة تأهيلهم أثناء فترة محكوميتهم، وذلك لتسهيل عملية دمجهم في المجتمع وعدم العودة إلى نشاطهم السابق في مجال المخدرات».
واسترسل أن «برامج الاندماج الاجتماعي إن حققت النجاح المطلوب فإنها ستجعل المتعاطي للمخدرات لا يعود إلى حالة الانغلاق النفسي الذي قد يدفع إلى الانتحار أو إلى التمادي بالتعاطي والإدمان، التي قد تكون واحدة من دوافع ارتكاب الجريمة».
ويرى إبراهيم أن «أثر المخدرات لا يقتصر على الفرد المتعاطي نفسه، وإنما ينعكس اجتماعياً على سمعة عائلته»، لافتاً إلى أن «الأعمار في سن ما بين 18 إلى 40 عاماً هم من أكثر الشرائح الاجتماعية حرجاً في هذا المضمار».
وأكد عضو اللجنة الفرعية لمكافحة المخدرات أن «ارتفاع معدلات تعاطي المواد المخدّرة غالباً ما يكون في المناطق الأكثر فقراً». وكانت الحكومة المحلية في ذي قار قد افتتحت يوم (20 آذار 2023) مركز الحياة للتعافي لمعالجة حالات الإدمان في مستشفى الحسين التعليمي، وذلك بعد إعادة تأهيل المبنى وتأمين المتطلبات الأساسية للعمل من خلال منحة البنك المركزي وبواقع 20 سريراً.
وبدوره نظم مركز معالجة مدمني المخدرات والأمراض النفسية في مستشفى الحسين التعليمي يوم (30 حزيران 2022) ندوة حواريّة لبحث ظاهرة المخدرات وإمكانية علاجها والحد من خطورتها من خلال مراجعة متعاطي المخدرات في المحافظة لغرض العلاج وإعادة التأهيل من الإدمان، وبالمجان ودون أي محاسبة قانونية، استناداً إلى نص المادة 40 من قانون المخدرات.
وتنص المادة 40 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، على إعفاء المتعاطي ممن يسلّم نفسه للمؤسسة الصحية من العقوبات الجزائية، وأن تُوفَّر له جملة من الحقوق من بينها اعتبار المتعاطي مريضاً وليس متهماً، ووضعه تحت الملاحظة الصحية لمدة 30 يوماً، وتلقيه العلاج لفترة تتراوح ما بين 90 - 180 يوماً.
وتشترط المادة المذكورة على المتعاطي الالتزام بالعلاج ومراجعة العيادة النفسية الاجتماعية بعد الشفاء لفترة محددة، وفي حال عدم الالتزام أو التخلف يتم إشعار المحكمة المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتعاطي.
يُشار إلى أن قيادة شرطة ذي قار كشفت في (أواخر كانون الثاني 2023) عن ارتفاع معدلات الانتحار والقتل العمد والمخدرات إلى أكثر من 20%. وشدّدت خلال مؤتمر تحليل الواقع الأمني العاشر على أن مؤشرات الجريمة تستدعي تشخيص الحلول وتبني المعالجات من الجميع.










