ترجمة/ حامد أحمد
مع إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق القوائم النهائية للتحالفات السياسية والأحزاب والمرشحين الأفراد قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، يطرح سؤال حاسم حول مستقبل المكوّن المسيحي في البلاد: هل سيكون لهم صوت حقيقي في صنع القرار، أم سيُضحَّى به لصالح الأحزاب والكتل النافذة؟
يتنافس أكثر من 30 مرشحًا مسيحيًا، بشكل فردي أو ضمن كتل وأحزاب محددة، على المقاعد الخمسة المخصصة لهم بموجب القانون الانتخابي العراقي. وتوزَّع هذه المقاعد بين محافظات بغداد ونينوى وكركوك ودهوك وأربيل. وفي الوقت نفسه، قامت المفوضية العليا للانتخابات مؤخرا باستبعاد ثلاثة من هؤلاء المرشحين لأسباب مختلفة.
حيث أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استبعاد عدد من المرشحين الكلدان، السريان، الآشوريين، مما اثار ذلك جدلا حول معايير الاستبعاد وانعكاساته على تمثيل المكونات الصغيرة في البلاد. وشمل القرار مرشح كلداني ممثل المكون المسيحي في محافظة نينوى، وكذلك ممثل عن مسيحيي كركوك، واستبعاد مرشح آخر عن الحزب الوطني الآشوري في محافظة أربيل.
وفي محاولة لاستقطاب أصوات الناخبين المسيحيين، برزت عدة كيانات وتحالفات انتخابية، وصفها مراقبون بأنها تمثل "استغلالًا سياسيًا للمكوّن المسيحي."
وعلى الرغم من اختلاف انتماءاتهم السياسية وخلافاتهم حول قضايا عديدة، فان هذه الكيانات تشترك في استراتيجية واحدة: تبنّي أسماء مسيحية والتنافس على المقاعد الخمسة، الامر الذي أثار مخاوف جدية بشأن استقلالية القرار السياسي المسيحي في البرلمان.
دعوة الى المشاركة
رغم التراجع الكبير في اعداد المسيحيين في العراق خلال العقود الأخيرة، خصوصا بعد ان تعرض كثيرون لتهجير القسري على يد تنظيم داعش عام 2014، يواصل بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاردينال لويس روفائل ساكو دعوته العراقيين، ولا سيما المسيحيين، الى المشاركة في الانتخابات المقبلة، مؤكدا على الدور الحاسم الذي يمكن ان يلعبه كل فرد في رسم مستقبل البلاد.
وقد دافع ساكو، الذي تمثل كنيسته غالبية المسيحيين في العراق، منذ فترة طويلة عن اقتصار التصويت على مقاعد الكوتا المسيحية. كما أعرب عن قلق متزايد داخل مجتمعه، مشيراً إلى أن خطر الهجرة يتفاقم "بسبب سيطرة الفصائل المسلحة على بلداتهم، خاصة في سهل نينوى، إلى جانب الابتزاز والمضايقات ومصادرة الحصص والمناصب الحكومية، في ظل غياب إجراءات فعالة لحماية حقوقهم وأمنهم."
اتهامات وتراجع ديموغرافي
تستمر الاتهامات المتبادلة بين ما يُعرف بـ “التحالفات المسيحية"، حيث تلوم بعض الأطراف الأخرى بأنها خاضعة لسيطرة أحزاب كبرى غير مسيحية وتستولي على مقاعد الكوتا من دون أن تقدم تمثيلاً حقيقياً للمسيحيين. ويستمر هذا الصراع الداخلي في وقت يواجه فيه المجتمع المسيحي تراجعاً ديموغرافياً متسارعاً وظروفاً قاسية.
وفي الوقت ذاته، يبرز نواب جدد في البرلمان، غالباً ما يُعزى نجاحهم إلى أصوات غير مسيحية، إذ يُنظر إليهم على أنهم مرتبطون بأحزاب وتحالفات سياسية قوية.
وتتصاعد المطالب بإصلاح قانون الانتخابات، حيث يدعو ناشطون إلى تعديل يضمن منع استحواذ "الغرباء" على مقاعد الكوتا المسيحية، بما يكفل أن يُسمع الصوت المسيحي الحقيقي بعيداً عن التهميش والتبعية والاستغلال. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يبقى السؤال الأساسي قائماً: هل ستمنح الانتخابات المقبلة فرصة لتمثيل مسيحيين حقيقيين، أم سيعاد إنتاج التاريخ نفسه؟
ويرى مراقبون ان الأحزاب تستغل الكوتا المسيحية عبر تشكيل قوائم بواجهة مسيحية لكنها خاضعة لتحالفات غير مسيحية، ما يفقد القرار المسيحي استقلاليته.
الكاردينال لويس ساكو يطالب بان يقتصر التصويت لمقاعد الكوتا المسيحية على المسيحيين فقط ويحذر من ان السيطرة على بلدات المسيحيين من قبل فصائل مسلحة، إضافة الى الابتزاز والمضايقات، تدفع مزيدا من العائلات نحو الهجرة. في وقت تطرح هناك دعوات ملحة لإصلاح قانون الانتخابات، بما يضمن ان تعكس مقاعد الكوتا إرادة المسيحيين انفسهم لا مصالح الكتل السياسية الكبرى.
يذكر ان مجلس النواب العراقي يتألف من 329 مقعدا، بينها 9 مقاعد مخصصة للأقليات ضمن نظام الكوتا، تشمل المسيحيين، الايزيديين والشبك.
عن موقع كاثوليك تليغراف










