بغداد / المدى
دعا النائب عارف الحمامي، أمس الاثنين، إلى إعلان الأهوار العراقية في جنوب البلاد مناطق منكوبة، محذراً من أن نسب الجفاف فيها وصلت إلى 85%، ما يهدد حياة أكثر من نصف مليون نسمة من سكانها.
وقال الحمامي في تصريح لـ(المدى) إن الوضع في الأهوار "حرج للغاية"، رغم إدراجها على لائحة التراث العالمي، مشدداً على أن الواقع الحالي "يستدعي التعامل معها باعتبارها منكوبة". وأوضح أن الاستراتيجية الخماسية التي يقترحها لإنقاذ الأهوار تتضمن تأمين المياه، دعم الأهالي، وإنشاء صندوق طوارئ لتوفير مياه الشرب وصرف التعويضات، محذراً من أن استمرار الجفاف قد يقود إلى نزوح واسع من القرى نحو المدن، ما سيزيد الضغط على البنى التحتية ويهدد الاستقرار الاجتماعي.
وأشار الحمامي إلى أن الأهوار تمثل "إرثاً بيئياً وحضارياً لا يقدر بثمن"، محذراً من أن فقدانها سيعني خسارة التنوع البيولوجي والحياة الثقافية التي ازدهرت على ضفافها لعقود طويلة. ودعا البرلمان إلى التحرك العاجل لإقرار مشاريع إنقاذية طويلة الأمد، تشمل إعادة تأهيل شبكات الري والقنوات المائية ومراقبة استنزاف المياه من الأنهار المغذية، بما يضمن استدامة الأهوار للأجيال المقبلة.
تحذيرات بيئية وضغوط غير مسبوقة
من جانبه، أكد الخبير البيئي محمد سلام أن الأهوار تتعرض اليوم إلى ضغوط غير مسبوقة نتيجة الجفاف، واختلال التوازن البيئي، وارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن عمليات التحويل المائي غير المنظمة من قبل الدول المجاورة.
وأوضح سلام أن الآثار البيئية للجفاف واضحة، إذ فقدت المنطقة مساحات واسعة من الغطاء النباتي والمياه السطحية، وانخفضت أعداد الطيور المهاجرة والأسماك، ما أثر سلباً في سلاسل الغذاء المحلي وهدد سبل عيش المجتمعات التقليدية المعتمدة على الصيد والزراعة.
وبيّن أن إنقاذ الأهوار يتطلب إجراءات متكاملة تبدأ بحماية الموارد المائية وضمان وصول المياه العذبة بشكل منتظم، وإنشاء محميات بيئية لتعويض الانخفاض في التنوع الحيواني والنباتي، إلى جانب تشجيع برامج إعادة التحريج وإنشاء سدود صغيرة لتخزين مياه الأمطار. كما دعا الحكومة إلى التنسيق مع المجتمع الدولي لتأمين التمويل اللازم والاستفادة من الخبرات العالمية في إعادة تأهيل المناطق الرطبة.
وشدد الخبير على أن تأخير أي خطوات عملية قد يقود إلى تفاقم الأزمة، بما قد يصل إلى تحول الأهوار إلى مناطق صحراوية جافة بشكل دائم، وهو ما يعني خسارة التراث البيئي والثقافي للأجيال القادمة. وأكد أن إعادة تأهيل الأهوار "ليس مجرد مسألة بيئية، بل استثمار اقتصادي واجتماعي يعزز مكانتها السياحية ويوفر فرص عمل جديدة للمجتمعات المحلية".
تواجه الأهوار العراقية منذ عقود موجات متكررة من الجفاف، سببها التغير المناخي، والتحويلات المائية من دول الجوار، إضافة إلى ضعف إدارة الموارد المائية، ما جعل هذا الإرث البيئي في حالة خطر دائم. ويأمل المراقبون أن تؤدي الدعوات البرلمانية والمبادرات البيئية إلى تحرك عاجل لإنقاذ الأهوار قبل أن تصل الأزمة إلى مرحلة لا رجعة فيها.
الأهوار العراقية على حافة الانقراض: جفاف بنسبة 85% يهدد حياة نصف مليون إنسان

نشر في: 26 أغسطس, 2025: 01:05 ص









