نجاح الجبيلي
نالَ هذا الفيلم بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، الأمر الذي أثار دهشة النقاد: بعضهم استغرب أن تكون هذه أول جائزة كبرى لألمودوفار في مهرجان أوروبي، وآخرون استغربوا أن يكون هذا العمل تحديداً هو الفائز، فيما لم يرَ بعضهم أنه يستحق الفوز أساساً. لكن بيتر برادشو الناقد السينمائي من صحيفة الغارديان وجد فيه فيلماً فخماً، غامضاً بإصرار، يقدم أداءً باذخاً وواعياً من بطلتيه، ويحمل في طياته تياراً مظلماً يتجاهله المادحون والناقدون على السواء.
الفيلم مقتبس من رواية لكاتبة معروفة، كتبه وأخرجه ألمودوفار بنفسه، وهو أول أعماله الطويلة بالإنجليزية، صُوّر في الولايات المتحدة وإسبانيا معاً. بعض النقاد رأوا أن استخدام لغة جديدة جعل أسلوبه يبدو مبالغاً فيه أو غير أصيل، لكن الناقد برادشو اعتبر أن ذلك أبرز ملامح تأثره بالمخرجين الكبار، من موسيقى أوركسترالية طاغية، وألوان قوية (خاصة الأحمر القاني)، وحبكة متشظية تمزج بين الحاضر والذكريات والمشاهد الجانبية.
تتمحور القصة حول كاتبة مشهورة تكتشف أن صديقة قديمة لها، مراسلة حربية، تحتضر بسبب مرض سرطان عنق الرحم. تعودان للتواصل بعد قطيعة طويلة، في ظل ذكريات مشتركة وحتى علاقة سابقة برجل واحد. المرض يضفي عمقاً على صداقتهما المتجددة، لكن الصديقة المريضة تطلب خدمة صادمة: أن تمضي عطلة أخيرة في الريف وتنهي حياتها بجرعة دواء، بينما تبقى صديقتها في الغرفة المجاورة لتتظاهر بأنها لم تكن تعلم شيئاً. هذه البداية تقود إلى تعقيدات قانونية ونفسية، خصوصاً مع أسرار لم تُفصح عنها الكاتبة، ومواجهة مؤثرة مع ابنة المريضة.
الفيلم يجمع بين دفء سريالي وبرودة رمزية تستدعي نصوصاً أدبية كلاسيكية عن الموت مثل قصة "الموتى" لجيمس جويس، ويطرح قضية الموت الرحيم في سياق طبقي يبرز أن الثراء يخفف من قسوة التجربة، لكنه لا يلغي الحاجة الإنسانية العميقة إلى الاستعداد لوداع الحياة والأحبة.
"الغرفة المجاورة" فيلم عن الموت الرحيم

نشر في: 28 أغسطس, 2025: 12:02 ص









