علي إبراهـيم الدليمي
الفنان عجيل مزهر الأسدي، المعروف بلقب "بيكاسو العراق" بين زملائه البصريين في بداياته الفنية، ولد في البصرة عام 1939، وكرس الأسدي حياته منذ صغره، للرسم والتجريب الفني المتواصل، وإستمر في عطائه الغني لغاية اليوم، ويستعد حالياً لإقامة معرضه الإستعادي، بعد أن قام بجمع بعض أعماله.
تحديات مسيرته التعليمية
في منتصف السبعينيات، عمل الأسدي مدرسا للرسم في إعدادية المعقل بالبصرة، وكان يطمح لترسيخ مادة الرسم بقوة بين الطلاب، وضع منهجا أكاديميا صارما للدرس، متضمنا امتحانات نظرية وعملية جادة، مما أدى إلى رسوب بعض الطلاب غير الملتزمين!، هذا الاجتهاد لم يلق قبولا من إدارة الإعدادية ومسؤولين في تربية البصرة، الذين اعتبروه "عقوبة" وتلقى تهديدات نفسية، انتهت بنقله الإجباري إلى إعدادية أخرى.
الهجرة إلى فرنسا والعودة إلى بغداد
بسبب الظروف السياسية الصعبة التي لم تكن في صالحه، وخوفا من تدمير مستقبله، إستقال الأسدي وهاجر مع زوجته إلى فرنسا عبر لبنان عام 1974. هناك، واصل دراسته الفنية وحصل على شهادة "البوزار" في فن الرسم، كما اطلع عن كثب على روائع الفن العالمي. بعد ذلك، سافر إلى إيطاليا لدراسة فن الديكور الداخلي.
لظروف صحية متعلقة بزوجته، عاد الأسدي إلى العراق، لكنه اختار العيش في بغداد بدلا من البصرة، بعيدا عن الأنظار خشية الملاحقة أو الاعتقال. في بغداد، انطلقت مسيرة الأسدي الفنية الجديدة، حيث شارك في العديد من المعارض داخل وخارج العراق. اشتهر بتجاربه الفريدة، أبرزها: زراعة الألوان: تجربة أدهشت الكثيرين ولا يزال يحافظ على "أسرارها". والخلايا: تجربة يسعى لترسيخها وجعلها هويته المميزة في فن اللوحة المعاصرة. والرسم بالطين: تجربة قدمها في الثمانينيات وأثارت اهتمام النقاد والمتلقين. معرض "الحلم" (قبل الهجرة): افتتح هذا المعرض الذي احتوى على تسعة عشر عملا زيتيا على فايبر، مستلهمة من رؤيا في منامه لرجل مقطع الأوصال، كما تضمنت لوحاته قصيدة كتبها إثر هذه الرؤيا، وقد أشار بعض النقاد إلى هذا المعرض كبداية لسريالية تشكيلية عراقية. أقيم المعرض لمدة أسبوعين في قاعة التربية بالبصرة، ثم نُقل إلى بغداد لمدة شهر كامل، حيث لاقى استحسان النقاد والمتلقين. أقام الأسدي معرضه الأول في البصرة عام 1964، قدم فيه أكثر من مائتي عمل تمثل جميع تجاربه في الرسم، وحظي بصدى إعلامي كبير.
في الستينيات، انقسم التشكيليون البصريون إلى فريقين. الأسدي، بالتعاون مع الفنانين محمد راضي وفاروق حسن، سعوا لتشكيل جماعة فنية خاصة بهم، وإتفقوا في البداية على تسميتها "جماعة الشراع" لدلالتها في الفولكلور البصري، وصاغوا بيانا خاصا بذلك، لكنهم لم يتفقوا على بعض الأمور، ثم بعد مدة، عادوا واتفقوا على تسمية جديدة هي "جماعة المثلث" دون إصدار أي بيان، ونتج عن هذه الجماعة معرضا مشتركا ثلاثيا على قاعة كولبنكيان في بغداد، حيث قدم كل فنان رؤيته الفكرية وأسلوبه الفني الخاص.










