علي حسين
يسألونك إذن عن البرلمانيين الذين اعلنوا انهم سيرتدون البدلات المرقطة اثناء جلسة البرلمان، لتأتي الاخبار من داخل قبة مجلس النواب لتقول ان نائبين اثنين فقط ارتديا المرقط، احدهم النائب رعد القدو الذي ظهر في بث مباشر من امام مجلس النواب يهنئ ناخبيه باختيار ابن شقيقه المهندس " هاني حنين القدو " سفيراً، وكان السيد هادي العامري قد هدد قبل ايام، بدخول البرلمان العراقي بالبدلة المرقطة، لكنه اكتفى مشكورا بتعيين شقيقه سفيراً، والحصول على حصة دسمة من قائمة السفراء التي ضمت "والحمد لله" 15 سفيراً من أبناء وأشقاء وأقارب نواب ومسؤولين في الدولة، العراقية، والانجاز الكبير الذي تحقق في جلسة البرلمان الأخيرة ان المواطن العراقي شاهد وسمع كيف انفعل رئيس البرلمان محمود المشهداني لتحقيق العدالة الاجتماعية بان يضع ابنه ضمن قائمة السفراء. هل انتهت المهزلة العراقية، لا يا سادة، فالنواب استبدلوا البدلات المرقطة بأن صوتوا لمدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية. وهكذا طبقوا علينا المثل الشعبي الذي يقول " تريد أرنب اخذ أرنب.. تريد غزال اخذ أرنب"، فالغزال محجوز للسادة المسؤولين الكبار ومعهم النواب وعوائلهم، اما الارنب فليهنأ به المواطن العراقي، فهذا استحقاقه من التغيير والديمقراطية الجديدة. يعيش المواطن العراقي اليوم في ظل ساسة ونواب يجسدون في تصرفاتهم ذلك التناقض الساذج في التعامل مع قضايا المرأة، فهم يتحدثون في البرلمان والفضائيات عن ضرورة مشاركة المرأة بالعمل السياسي، لكنهم في الخفاء يصرون على ترسيخ تعليمات وقوانين تؤمن بعدم التساوي بين الرجل والمرأة فيزيولوجيا أو عقليا. سيقول البعض من حق سياسيينا أن يشعروا بالفرحة الكبيرة بعد طول انتظار وشوق للمنصب ومنافعه، احد الأصدقاء سألني ذات يوم هل شاهدت الجلسة الاولى للبرلمان الاخير التي عقدت عام 2022؟ كان مشهداً الكل يريد فيه ان يتأكد انه لا يحلم وان المقعد موجود.. يريدون ان يتأكدوا انهم امسكوا بصولجان السلطة اخيرا.. صاحبي الذي يروي لحظات فرح النواب لم ينس ان يذكرني بان اول شروط السلطة عند سياسيينا هو المال والنفوذ، فهما الاثنان فقط من يشبع غرائزهم ويسكن جوعهم الى المنصب والسلطة. في كل دول العالم تكون وظيفة النائب اقرار قوانين تجعل الناس أكثر أمنا وسعادة وإيمانا بالمستقبل، إلا في العراق حيث يشيع ساستنا ثقافة التخلف والرجعية، مستخدمين فزاعة الأخلاق والخرافات. خطاب لا يختلف عن الخطاب الذي كان "قائد الحملة الايمانية" يصدع به رؤوسنا كل يوم، يتحدثون عن المساواة فيما هم أول من ينشر مبدأ التميز والتفرقة، يتباكون في الفضائيات عن الحق والعدالة، وفي البرلمان يصرخون من اجل ابنائهم واشقائهم.










