TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > روسيا قد تقبل بصفقة انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي كخطوة للتسوية

روسيا قد تقبل بصفقة انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي كخطوة للتسوية

نشر في: 31 أغسطس, 2025: 12:01 ص

 متابعة / المدى

بينما ستكون العملية شاقة، فإن هناك براغماتية معينة في قبول روسيا بها. فقد ضاعت الأسبوع الماضي، وسط التركيز على اجتماع القمم وتبادل الأراضي والضمانات الأمنية، قضية أكثر مركزية بالنسبة للتوصل إلى حل دبلوماسي لحرب أوكرانيا: ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعدًا لقبول عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي كجزء من صفقة تسوية.

 

كان ذلك التنازل عنصرًا مهمًا في اتفاق سلام صاغه المفاوضون الروس والأوكرانيون تحت وساطة تركية عام 2022، وهو الاتفاق الذي تخلت عنه أوكرانيا لاحقًا. ومنذ ذلك الحين عارض بعض المسؤولين الروس مثل تلك العضوية، لكن المتحدث باسم الكرملين أشار في وقت سابق من هذا العام إلى أن روسيا لن تعترض عليها، في تناقض صارخ مع معارضتها الشديدة لعضوية أوكرانيا في حلف الناتو. ثم خلال اجتماعه في البيت الأبيض مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين، أجرى الرئيس دونالد ترامب مكالمتين هاتفيتين، الأولى مع بوتين، والثانية مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لحثه على تخفيف معارضة هنغاريا لعملية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي. ويثير التوقيت تساؤلًا عمّا إذا كانت المكالمتان مرتبطتين ببعضهما.
لكن لماذا قد يقدم بوتين مثل هذا التنازل، الذي سيترك أوكرانيا محايدة عسكريًا، لكنها راسخة سياسيًا واقتصاديًا في أوروبا مثل النمسا وإيرلندا، في وقت تحقق فيه القوات الروسية تقدمًا متزايدًا على جبهات القتال، ويصر فيه بوتين على أن أوكرانيا يجب أن تعود إلى دائرة النفوذ الحصرية لروسيا، كما يزعم كثيرون؟
أحد الأسباب، بطبيعة الحال، أن روسيا تشك في قدرة أوكرانيا على اجتياز عملية الانضمام الطويلة والمعقدة بنجاح. فهنغاريا ليست وحدها التي أعربت عن قلقها بشأن عضوية أوكرانيا، إذ إن كلا من بولندا وفرنسا تخشيان من تأثير الإنتاج الزراعي الأوكراني على قطاعاتهما الزراعية، كما أن آخرين يخشون أن تصبح أوكرانيا عبئًا مكلفًا وفاسدًا على خزائن أوروبا.
لكن، ورغم أن الشكوك الروسية قد تكون مبررة، إلا أنها لا ترقى إلى اليقين بأن أعضاء الاتحاد الأوروبي سيغلقون الباب أمام كييف. فبوتين كان لا بد أن يتوقع أن الولايات المتحدة ستبدأ فورًا بالضغط على شركائها الأوروبيين لتسريع عملية الانضمام. إن التظاهر بقبول عضوية أوكرانيا سيكون مقامرة عالية المخاطر قد ترتد بسهولة على موسكو.
العامل الأرجح ببساطة هو البراغماتية. فقد أظهرت القوات الروسية بالفعل أنها لا تستطيع غزو كل أوكرانيا. فمحاولة الاستيلاء السريع على كييف عبر الهجوم على مطار أنتونوف فشلت نتيجة لتحذيرات استخباراتية أميركية مسبقة ومقاومة أوكرانية. ونتيجة لذلك اضطرت روسيا لإعادة تركيز جهودها على شرق وجنوب أوكرانيا. وحتى لو كانت روسيا قادرة على غزو أوكرانيا كلها، وهي أكبر دولة من حيث المساحة تقع بالكامل في أوروبا، فلن يكون لديها أمل كبير في حكمها، إذ ستواجه يقينًا هجمات مقاومة أوكرانية نشطة، وستحتاج إلى قوة احتلال تفوق عدة مرات حجم الجيش الروسي الحالي.
وفوق ذلك، حتى لو تمكنت روسيا بطريقة ما من غزو أوكرانيا واحتلالها وحكمها، فستظل مضطرة لمواجهة حلف الناتو الذي تضاعف حجمه منذ نهاية الحرب الباردة، والذي يقوم أعضاؤه الأوروبيون بإحياء صناعتهم العسكرية المتهالكة ويعدون ببناء قدراتهم القتالية لأول مرة منذ عقود. أما الولايات المتحدة، فقد أعلنت خططًا لوضع صواريخ نووية متوسطة المدى في ألمانيا لأول مرة منذ أن وقع رونالد ريغان وميخائيل غورباتشوف معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى عام 1987، وهي صواريخ يمكنها الوصول إلى أهداف استراتيجية في دقائق وباحتمالية عالية لتجاوز الدفاعات الصاروخية الروسية.
غزو الأراضي الأوكرانية لن يحل هذه المشاكل الأمنية الأوسع لروسيا، بل إنه سيعمّق على الأرجح عداء الناتو، مما سيدفع روسيا إما لوضع اقتصادها في حالة حرب مكلفة ودائمة تقريبًا، أو الاعتماد بشكل متزايد على الأسلحة النووية التكتيكية لمواجهة الناتو. وفي كلتا الحالتين، ستجد روسيا نفسها أكثر اعتمادًا على الصين من أجل التجارة والتكنولوجيا والدعم الدبلوماسي، وهو أمر يتعارض مع صورتها كقوة عظمى يعتقد النخب الروس أن بلادهم تمثلها ويجب أن تظل عليها.
من المرجح أن يدرك بوتين أن الاستعداد للتعايش مع احتمال عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي هو الثمن الضروري لتجنب مثل هذا السيناريو والحصول على شروط في صفقة سلام أوكرانية يعتبرها أساسية لأمن روسيا.
أما المطالب الروسية الأساسية فتتلخص في أن تغلق الولايات المتحدة الباب أمام انضمام أوكرانيا إلى الناتو أو استضافة قوات قتالية تابعة للناتو على أراضيها، وهي مطالب ظل المسؤولون الروس يرددونها لعقود وكانت من بين العوامل الرئيسية التي دفعت إلى اندلاع الحرب في أوكرانيا. وكذلك المطلب الآخر المتمثل في إحياء المفاوضات بشأن الأمن الأوروبي والحد من التسلح النووي التي يمكن أن تقلل من التهديدات لروسيا، والتي إما ماتت أو على وشك الانهيار.
هذه ستكون أثمانًا صغيرة بالنسبة للولايات المتحدة تدفعها مقابل تثبيت أوكرانيا سياسيًا واقتصاديًا في أوروبا. لذا فإن الالتزام الرسمي بوقف توسع الناتو شرقًا سيكون أقل تنازلًا لروسيا وأكثر اعترافًا بواقع قائم بالفعل.
بالنظر إلى شبه استحالة انضمام أوكرانيا للناتو، فإن احتمال الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قد يكون الأمل الأفضل لإقناع المواطنين الأوكرانيين بأن تسوية سلام تستحق الدماء التي ضحوا بها على مدى السنوات الثلاث الماضية، وهي تسوية يجب أن يتبناها ترامب وأوروبا وأوكرانيا.
من جانب آخر ناقش الرئيس الأوكراني زيلينسكي مسألة تطوير الضمانات الأمنية مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، مؤكدًا أن عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي يجب أن تكون أحد المكونات الرئيسية لهذه الضمانات.
وقال زيلينسكي في منشور له على «تليغرام»: «ناقشنا تطوير الضمانات الأمنية. يجري الآن العمل على استكمال جميع المكونات، ومن بين الضمانات الرئيسية التي نراها عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي. نتوقع أنه قريبًا، مع مولدوفا، سيكون هناك تقدم في هذا الشأن».
وكان مجلس الأمن قد عقد إحاطة طارئة علنية مساء الجمعة حول أوكرانيا بطلب منها بعد هجمات روسية ليلًا على كييف، وشارك في الاجتماع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأعضاء في الاتحاد وكذلك الأعضاء الدائمون: المملكة المتحدة وروسيا والصين.
وقال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة إنه في الوقت الذي تجري فيه محادثات رفيعة المستوى من أجل السلام، فإن القادة الأوروبيين يعملون مع أوكرانيا وبقية الحلفاء لوقف الحرب وتحقيق السلام في أوكرانيا على نحو فوري، مع الترحيب بالجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتحقيق ذلك ووقف القتال.

• عن وكالات عالمية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وزير الخارجية الايراني: لا نريد حرباً.. ونسعى للدبلوماسية

وزير الخارجية الايراني: لا نريد حرباً.. ونسعى للدبلوماسية

متابعة / المدى أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي استعداد القوات المسلحة والشعب الإيراني للدفاع عن بلادهم، قائلًا: «لا نريد حربًا، بل نريد حل القضايا عبر الدبلوماسية». وقال عراقجي، في مقابلة تلفزيونية حول «حرب...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram