TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > العراق يخطو نحو تنظيم التجارة الإلكترونية وسط تحديات تشريعية وبنيوية

العراق يخطو نحو تنظيم التجارة الإلكترونية وسط تحديات تشريعية وبنيوية

نشر في: 31 أغسطس, 2025: 12:07 ص

 بغداد / كريم ستار

يشهد العراق نمواً متزايداً في التجارة الإلكترونية رغم غياب إطار قانوني ناظم لهذا القطاع. وفي 28 كانون الثاني/يناير 2025 صادق مجلس الوزراء على مشروع نظام لتنظيم التجارة الإلكترونية أعدته وزارة التجارة بالتنسيق مع مجلس الوزراء ومجلس شورى الدولة، في خطوة وُصفت بأنها بداية لتقنين واحد من أسرع القطاعات نمواً في البلاد.
وقال المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون إن «النظام الجديد يمثل خطوة حاسمة طال انتظارها»، مؤكداً أن الوزارة بصدد تأسيس وحدات متخصصة لمراقبة نشاط التجارة الإلكترونية في جميع المحافظات. وأضاف أن حجم هذا النشاط لا يمكن حصره بدقة لأنه يُمارس خارج الأطر الرسمية، موضحاً أن النظام الجديد سيسهم في ضبط العمليات وإخضاعها لقواعد واضحة تكفل حماية المستهلك وتنظم العلاقة بين البائع والمشتري.

سوق متنامية خارج الأطر الرسمية
ورغم غياب التشريعات، فإن التجارة الإلكترونية تشهد نمواً منذ عام 2020 مع توسع الصفحات التجارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويُرجع كثيرون ذلك إلى سهولة دخول السوق الرقمية وانخفاض تكاليفها مقارنة بالمحال التجارية التقليدية.
ويقول سالم الكرخي، مدير إحدى شركات التوصيل في بغداد، إن «عدد الطلبات تضاعف خلال العامين الأخيرين»، مشيراً إلى أن بعض المتاجر تبيع مئات القطع أسبوعياً عبر الإنترنت من دون تراخيص أو رقابة. ويؤكد أن هذا الوضع يربك عمل شركات التوصيل التي تُجبر على التعامل مع جهات غير معرّفة قانونياً، ما قد يؤدي إلى نزاعات مع الزبائن.

مخاوف قانونية واستهلاكية
ويعتبر الخبير القانوني فراس الزيدي أن «التجارة الإلكترونية في العراق لا تزال منطقة رمادية»، مبيناً أن النظام الحكومي الجديد «خطوة إيجابية لكنها غير كافية» ما لم تُقر تشريعات برلمانية تضع شروط التراخيص وتحدد الضرائب وتوفر الحماية الجزائية للمستهلكين. وأضاف أن العقود الإلكترونية لا تحظى باعتراف قضائي واضح، ما يجعل إثبات الحقوق أمراً معقداً، داعياً إلى إشراك المؤسسات القضائية ونقابة المحامين في صياغة القوانين المقبلة.
وفي المقابل، تخشى ليلى حسين صاحبة متجر إلكتروني لبيع الملابس، من تزايد عمليات الاحتيال. وتقول إن «الزبون يطلب سلعة معينة لكنه يتسلم شيئاً مختلفاً تماماً»، مؤكدة أن غياب الرقابة يحرم المتضررين من جهة يلجأون إليها لتقديم الشكاوى.
ويواجه القطاع عقبات كبيرة في البنية التحتية، أبرزها ضعف خدمات الإنترنت وقلة بوابات الدفع الإلكتروني، إلى جانب اعتماد الغالبية على الدفع النقدي عند التسليم. ويشير المهندس المتخصص في تكنولوجيا المعلومات علي عبد المنعم إلى أن «غياب بوابات دفع محلية آمنة يعوق توسع الشركات»، لافتاً إلى ضرورة شراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، مع حوافز لتبني أنظمة الدفع الإلكتروني مثل تخفيض الضرائب أو تقديم الدعم الفني.
ورغم التحديات، يؤكد مراقبون أن العراق يمتلك سوقاً رقمية واعدة بفضل التركيبة السكانية الشابة وانتشار الهواتف الذكية. ويتوقع أن تنتقل مئات المشاريع الناشئة إلى العمل الرسمي إذا توافرت الحماية القانونية والبنى الرقمية المناسبة، شرط أن ترافق النظام الجديد حملات توعية وتدريب للشباب لتحويل النشاط العشوائي إلى اقتصاد رقمي منظم.
ويُعد إقرار نظام التجارة الإلكترونية خطوة أولى نحو تقنين السوق الرقمية في العراق، غير أن نجاحها مرهون بتشريعات برلمانية مكملة وبنية تقنية وتشريعية داعمة، بما يضمن دخولاً آمناً وفاعلاً للشباب إلى هذا القطاع ويعزز مساهمته في الاقتصاد الوطني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram