عرض علاء المفرجي
بوابة الجحيم هي رواية الكاتب الفرنسي لوران غوديه التي صدرت عن المدى بترجمة أيف كادوري وحازم عبيدو.
تبدأ الرواية بأطلاق نار في نابولي، يرى ماتيو كل معنى للحياة ينهار. مات ابنه الصغير. اختفت زوجته جوليانا. غرق هو نفسه في الوحدة، وليلة تلو الأخرى، يجوب شوارع المدينة بلا هدف في سيارته الأجرة الفارغة.
ولكن في إحدى الأمسيات، سمح لزبون غريب بالركوب في سيارته، فعرض عليه، مقابل أجر، مشروبًا في مقهى صغير. ليلاً، يلتقي ماتيو بشخصيات غامضة في مقهى صغير: من بينها الأستاذ بروڤولون الغرائبي، الذي يجادل بأن بوابات الجحيم ليست خيالاً، وأنه يمكن النزول إليها فعلاً،. يقوده هذا اللقاء إلى رحلة تحت الأرض، في محاولة لاستعادة ابنه رغم يقين الجميع بأن ذلك ضرب من المستحيل. يلعب المؤلف على وتر الأسطورية لأورفيوس الذي نزل إلى عالم الأموات لإعادة حبيبته، ليحولها إلى قصة وطنية معاصرة، حيث يتقمص ماتيو دور أوراوس المحاصر بين الحب واليأس أولئك الذين يموتون يأخذون معهم جزءًا من حياتنا إلى الآخرة، ونحن نيأس من استعادتها، لذاتها ولتخفيف آلامنا. في إدراك كل حزن - حزنه وحزننا - واجه لوران غودي الموت بإحدى أقوى الأساطير في تاريخ البشرية. مشمسة ومظلمة، آسرة وخاطفة للأنفاس، روايته الجديدة تأخذنا في "رحلة" حيث يتحول الزمن والمصير بسبب الرغبة في إنقاذ كائن من العدم.
الرواية تستكشف كيف أن الحب—خاصة حب الأبوة—يمكن أن يكون محركًا للتحدي والمجازفة في مواجهة الموت والإحساس بالعجز. هذا الحب يغدو ذا بعد ميتافيزيقي، يدفع صاحبه لكسر حدود الممكن
يتجلى "الجحيم" في نهج رمزي أكثر من كونه مكانًا ماديًا؛ هو أماكن في القلب، هو الذاكرة، هو النسيان، هو الألم الذي يستهلك الإنسان حتى يُنسى تمامًا. البوابة هنا ليست مجرد بوابة جغرافية بل بوابة نفسية وروحية نحو اللاعودة، اللغة، شاعرية، قوية، ذات وتيرة درامية كما في المسرح، تعكس خلفية المؤلف المسرحية. اعتمد سردا تغيّب بين الراوي المتكلم والمروي، وبين الأزمنة (الحاضر والماضي) بشكل يثير شعور الانفصال والاغتراب.
فيما يتعلق بنشأة روايته، صرّح لوران غوديه: "لقد راهنتُ على نفسي: أن أبدأ كتابًا يكون موضوعه الرئيسي النزول إلى الجحيم، بينما تدور أحداث الرواية في عالم معاصر، واقعي قدر الإمكان" وأوضح المؤلف أن ما يهمه أيضًا هو وصف رؤيته الخاصة للجحيم في هذه الرواية، دون الاستناد إلى قصص مسيحية أو بوذية أو غيرها، صرح المؤلف عن تسلسل أحداث الرواية في الجحيم قائلاً: "كتبتُ الصفحات الأربعين تقريبًا المتعلقة بالنزول إلى الجحيم بسرعة وبهجة وسرور". إلا أن المؤلف بذل جهدًا كبيرًا في الجزء الذي يسبق هذا التسلسل من الرواية، ليقترب القارئ من النزول إلى الجحيم "مؤمنًا به": فقد عُدِّل تسلسل الأحداث عدة مرات ومن العناصر التي احتفظ بها تقديم شخصيات غريبة تُعبّر عن نفسها بقناعة في مواضيع تتعلق بالأساطير، مثل البروفيسور بروفولون.
ولوران غوديه، روائي وكاتب مسرحي، وُلد عام 1972، نشر العديد من المسرحيات والروايات منها: "كريس" 2001؛ و"موت الملك تسونغور" 2002، الحائزة على جائزة غونكور عام 2002، وجائزة المكتبات عام 2003؛و"شمس سكورتا"2004، الحائزة على جائزة غونكور عام 2004، وجائزة جان جيونو عام 2004؛ و"إلدورادو" 2006 ، ومجموعة قصصية بعنوان "في ليلة موزمبيق".
بوابة الجحيم.. عندما يتحول الزمن بسبب الرغبة في إنقاذ كائن من العدم

نشر في: 1 سبتمبر, 2025: 12:09 ص









