ذي قار / حسين العامل
كشفت مديرية زراعة ذي قار عن تقليص كبير جدًا في مساحات خطتها الزراعية للموسم الشتوي 2025 – 2026، مبينة أن الخطة تشمل 450 دونمًا فقط وتعتمد على مياه الآبار بصورة تامة، مؤكدة أن أزمة المياه الحادة حالت دون استخدام المياه السطحية في النشاط الزراعي بحوضي الفرات والغراف.
وشهدت مساحات الخطة الزراعية للموسم الشتوي في ذي قار تراجعًا كبيرًا خلال الأعوام الأخيرة، فبعد أن كانت تُقدَّر بـ438 ألف دونم عام 2016 تراجعت إلى 135 ألف دونم عام 2022 لتصل إلى 450 دونمًا فقط عام 2025، فيما تم تصفير الخطة الصيفية في العام الحالي.
وقال مدير زراعة ذي قار المهندس محمد عباس للمدى إن «الخطة الزراعية للموسم الشتوي القادم ستقتصر في محافظة ذي قار على زراعة 450 دونمًا فقط بمحصول الحنطة»، مبينًا أن «تأمين المياه لزراعة هذه المساحات المحدودة سيكون عبر الآبار المزودة بمنظومات»، لافتًا إلى أنها ستكون ضمن المناطق الصحراوية في الجبايش والحمار.
وأشار عباس إلى أن «الزراعة في الموسم الشتوي 2025 – 2026 لا تعتمد على المياه السطحية في نهري الفرات والغراف المتفرع من دجلة»، مؤكدًا أن «أزمة المياه حرمت ذي قار من خطتها الزراعية للموسم الصيفي بصورة تامة إذ تم تصفير الخطة في العام الحالي».
وعزا مدير زراعة ذي قار أسباب تقليص الخطة الزراعية إلى أزمة المياه غير المسبوقة، مبينًا أن «أزمة المياه قاسية على مستوى البلاد وقد تعدّت مرحلة الشح ودخلت ضمن مرحلة ندرة المياه»، مبينًا أن «الاهتمام بات ينصب في المرحلة المستقبلية على كيفية توفير مياه الشرب».
ولم يستبعد عباس اعتماد نظام المراشنة حتى في تأمين مياه الشرب»، مشيرًا إلى أن «التوجه الراهن يسير نحو حفر الآبار كون المياه السطحية باتت نادرة».
وتحدث عباس عن توجه مستقبلي لحفر المزيد من الآبار لغرض زراعة الخضروات التي تدخل ضمن تأمين مفردات السلة الغذائية اليومية، مشيرًا إلى أن «ذلك من شأنه أن يحدّ من ارتفاع أسعار الخضروات التي قد تشهد ارتفاعًا عند عدم تدارك آثار الأزمة المائية». وعن آثار تقليص الخطة الزراعية على الفلاحين قال مدير زراعة ذي قار إن «الأمر بالتأكيد سينعكس على مجمل النشاط الزراعي للفلاحين ويؤثر على دخلهم وأوضاعهم الاقتصادية».
ويأتي ذلك في ظل أسوأ موجة جفاف تمر بها البلاد ومحافظة ذي قار، التي أخذت تواجه تحديات كبيرة حتى في تغذية مجمعات مياه الشرب بالمياه وتفقد مساحات واسعة من أهوارها وأراضيها الزراعية، إذ تشهد حاليًا موجة نزوح سكاني كبيرة بين أوساط الفلاحين والصيادين ومربي المواشي الذين باتوا يواجهون مخاطر جمة تنعكس سلبًا على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتهددهم بالحرمان من مصدر دخلهم الرئيس.
وكانت وزارة الزراعة قد أعلنت الأحد الماضي عن تبنّي الزراعة الذكية والمستدامة كخيار استراتيجي لمواجهة شح المياه والتغيرات المناخية.
وقال المتحدث باسم الوزارة، مهدي سهر، في تصريح تابعته (المدى): «إن الوزارة تنفذ سياسة زراعية تهدف إلى مواجهة تحديات شح المياه والتغيرات المناخية من خلال اعتماد نهج الزراعة الذكية مناخيًا، بما يسهم في التكيف مع هذه المتغيرات وتقليل كُلف الإنتاج الزراعي».
وأضاف أن «الوزارة تتجه حاليًا إلى استخدام الطاقة النظيفة، خصوصًا الطاقة الشمسية، في تشغيل مشاريع الري بالتنقيط والثابتة والمحورية، إلى جانب تشغيل المضخات الزراعية ومشاريع الثروة الحيوانية بالطاقة المتجددة».
وبدورها كشفت إدارة محافظة ذي قار (مطلع آب 2025) عن تنسيق مع وزارة الموارد المائية لحفر المزيد من الآبار في المناطق النائية، وذلك لتدارك أزمة المياه وآثار الجفاف في المناطق المذكورة، فيما أكدت مديرية الماء الحاجة إلى أعداد كبيرة من الآبار.
وكانت الحكومة المحلية في ذي قار قد كشفت في (الأول من شباط 2025) عن تراجع مناسيب المياه في نهري الغراف والفرات وفقدان نحو 50 م³/ثانية من حصتها المائية، وفيما شددت على أهمية تأمين كامل الحصة للمحافظة، أعربت دائرة الزراعة عن خشيتها من تداعيات أزمة المياه على الخطة الزراعية.
فيما كشف انحسار المياه في ناظم البدعة، المصدر الرئيسي لرفد محافظة ذي قار بمياه الشرب، في (أواخر تموز المنصرم) عن أزمة مقلقة وغير مسبوقة أدت إلى توقف أكبر مشروع ماء يغذي أكثر من مليوني نسمة في المحافظة المذكورة.
وبدورها أبدت جهات حكومية ومنظمات مجتمعية يوم (4 حزيران 2024) قلقها من مخاطر تراجع مناسيب المياه في مناطق الأهوار، محذرين من موجة جفاف ونزوح سكاني وتدهور بيئي قادم يهدد الثروتين السمكية والحيوانية خلال موسم الصيف.
فيما أعلنت دائرة الهجرة والمهجرين في ذي قار يوم (28 تشرين الأول 2024) عن تسجيل نحو 10 آلاف عائلة نازحة من مناطق الأهوار ومناطق أخرى تعرضت للجفاف والتصحر والتغيرات المناخية، فيما أكدت تقديم معونات إغاثية لـ9600 عائلة من العوائل المذكورة.
وسبق لإدارة محافظة ذي قار أن حذّرت يوم (22 تشرين الأول 2024) من كارثة بيئية واقتصادية ناجمة عن شح المياه في المناطق الزراعية، وفيما توقعت تعرض 5 وحدات إدارية إلى كوارث ونزوح سكاني في حال لم تجرِ المعالجة الفورية لأزمة المياه.










