البصرة / عمار عبد الخالق
شهدت محافظة البصرة خلال الساعات الماضية موجةً متصاعدةً من الاحتجاجات العمالية والمهنية تجسدت في تحركات واسعة نفذها موظفو مشروع الـFCC، الذين أغلقوا البوابة الرئيسية لشركة مصافي الجنوب في الشعيبة بقضاء الزبير في خطوةٍ تصعيديةٍ جاءت احتجاجًا على قرارات التسريح الأخيرة واستقدام العمالة الأجنبية، مطالبين الجهات المعنية بإعادة تثبيتهم وتعيينهم وِفْقَ حقوقهم الوظيفية.
وتركزت الاحتجاجات على المطالب المتعلقة بالحفاظ على فرص العمل ووقف الاستغناء عن الكوادر الوطنية، ما يعكس حجم الغضب المتنامي بين العاملين وإحساسُهم بعدم المساواة في التعامل مع الموارد البشرية المحلية.
وتزامنًا مع ذلك أقدمت قوات مكافحة الشغب على منع وصول حافظات تبريد المياه إلى خريجي الأقسام الهندسية والعلوميين المعتصمين أمام مقر شركة نفط البصرة، مما أسهمَ في تفاقم التوتر بين المحتجين والجهات الأمنية والإدارية وزاد من حدّة الاحتقان في صفوف المعتصمين الذين وصفوا القرار بالمستفز، مطالبين بحماية حقوقهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية خلال الاعتصام.
صرّح محمد هيثم، مسؤول الاحتجاج، للمدى بأن منع وصول المياه إلى المعتصمين يزيد من معاناتنا اليومية ويكشف بوضوح حجم التقصير والإهمال المستمر من قبل الحكومة تجاه حقوقنا ومطالبنا المشروعة في التعيين وتأمين مستلزمات حياتنا الأساسية، ويُظهِرُ تجاهلُها الكامل للأوضاع المعيشية الصعبة التي نعيشها، ويضعنا في مواجهة مباشرة مع ظروف قاسية ومتزايدة الصعوبة، ويزيد شعورنا بالإحباط والحرمان، ويؤكد أن الحكومة فشلت في أداء واجبها تجاهنا وامتثلت لممارسات تمييزية وغير عادلة تجاهنا، رغم مطالبِنا المتكرِّرة ومناشداتِنا المستمرّة التي لم تجد آذانًا صاغيةً.
فيما أضاف علي كاظم، المتحدث باسم موظفي مشروع FCC، أن التظاهرة سلمية وتهدف إلى المطالبة بإيجاد فرص عمل داخل موقع المشروع ضمن اختصاصاتهم أُسوةً بمصفى كربلاء، مبينًا أن أغلب المتظاهرين من سكان المناطق القريبة للمشروع ومنهم من عمل منذ بداية تشغيله وتم إنهاء خدماتهم بشكل غير عادل.
وبيَّن أنَّ الإغلاق الجزئي للبوابة الرئيسية لشركة مصافي الجنوب في الشعيبة كان خطوة احتجاجية مشروعة للتعبير عن رفضهم للاستبدال بالعمالة الأجنبية، وأن تجاهل الحكومة لمطالبهم يزيد من الاحتقان ويضع السلطات أمام مسؤوليات عاجلة لتفادي تصاعد الأزمة وضمان حقوق المواطنين.
وأكّد أحمد فهمي، ممثل نقابة العمال، للمدى أن مطالب الموظفين والمعتصمين في مشروع FCC مشروعة تمامًا، وأن الاعتصامات تأتي في إطار الدفاع عن حقوق العمال وضمان استمرار فرص التوظيف ضمن اختصاصاتهم، وأوضح أن النقابة تتابع عن كثب الإجراءات الحكومية المتعلقة بالمشروع وتدعو السلطات المعنية إلى التعامل مع المطالب بشكل جدي ومسؤول وعدم تجاهلها أو التسويف فيها لما لذلك من أثر سلبي على استقرار العمال وسير العمل بالمشروع.
وأشار إلى أن منع وصول مستلزمات أساسية مثل المياه إلى المعتصمين يعد مخالفة صريحة للحقوق الإنسانية والقانونية، ويزيد من حدّة الاحتقان ويهدد السلم الاجتماعي، مؤكّدًا أن النقابة ستواصل دعمها للموظفين حتى تحقيق مطالبهم المشروعة وحماية حقوقهم الوظيفية والدفاع عنهم أمام أي تجاوزات محتملة من قبل الجهات الإدارية أو الأمنية.
ولفت إلى أن استمرار تجاهل المطالب سيؤدي لا محالة إلى تصعيد الاحتجاجات، مما قد يؤثِّرُ في الأداء العام للمشروع ويدفع العمال إلى خطوات تصعيدية أكثر حدّة، مؤكّدًا في الوقت نفسه أن النقابة حريصة على الحفاظ على التواصل مع السلطات لتجاوز الأزمة بالطرق السلمية وضمان توفير بيئة عمل عادلة وآمنة لجميع العاملين.
وقال الخبير النفطي د. علي جبار إن الاحتجاجات والاعتصامات في مشروع FCC تشكّل تهديدًا مباشرًا لاستمرارية العمل داخل المنشآت النفطية، موضحًا أن أي توقف أو تعطيل في العمليات حتى لفترات قصيرة يؤدي إلى تراجع الإنتاج وزيادة التكاليف التشغيلية ويؤثر سلبًا على استقرار السوق المحلي. وأضاف جبار أن توظيف العمالة المحلية ضمن المشروع ليس مطلبًا اجتماعيًا فحسب بل ضرورة اقتصادية لضمان استمرارية الإنتاج وتقليل المخاطر التشغيلية، محذرًا من أن استبدالهم بعمالة أجنبية دون مراعاة الخبرة المحلية قد يخلقُ خللًا في إدارة العمليات اليومية ويزيد احتمالات الأخطاء الفنية ويهدد سلامة المنشآت.
وأكد جبار أن الحكومة مطالَبة بالاستجابة الفورية لمطالب العاملين لتحقيق التوازن بين حقوقهم والحفاظ على الأداء الطبيعي للمشاريع النفطية الحيوية بما يخدمُ الاقتصادَ المحليَّ ويضمنُ مصالحَ الدولةِ والمواطنين، محذرًا من أن أي تجاهل لهذه المطالب قد يؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات وزيادة الخسائر الاقتصادية ويجعل معالجة الأزمة أكثر تعقيدًا.










