متابعة المدى
قال وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو، الثلاثاء الماضي، إن بلجيكا ستعترف بدولة فلسطين في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر وتفرض 12 عقوبة صارمة على إسرائيل، لتصبح بذلك الدولة الغربية السادسة التي تنضم إلى الحملة الدبلوماسية التي تقودها فرنسا للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب على غزة ودفع خيار حل الدولتين، مضيفًا بذلك ضغطًا دوليًا متزايدًا على إسرائيل بعد خطوات مماثلة من فرنسا وأستراليا وبريطانيا وكندا.
وتحت وطأة الانتقادات العالمية المتصاعدة بسبب حربها في غزة، أبدت إسرائيل والولايات المتحدة غضبهما من التعهدات بالاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية في قمة تُعقد خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة برعاية فرنسية وسعودية في 22 أيلول الحالي.
ووجهت إسرائيل والولايات المتحدة انتقادات شديدة للخطوات التي تقوم بها عدة دول نحو الاعتراف بفلسطين، وتبدو العقوبات الـ12 الجديدة التي أعلنها بريفو، يوم الثلاثاء، واسعة النطاق، لكنها تتركز أساسًا على المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.
وفي نهاية تموز الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين عندما يجتمع قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن إعلان فرنسا الاعتراف بفلسطين هو «قرار متهور» ولا يخدم سوى دعاية حماس، بينما انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار كندا دعم إقامة دولة فلسطينية.
وفي الشهر الماضي، استقال وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب بعد أن قال إنه لم يتمكن من الحصول على دعم حكومي لفرض عقوبات ذات مغزى إضافية على إسرائيل في ظل حربها الوحشية على غزة.
وقالت الولايات المتحدة، يوم الجمعة الماضي، إنها ستمنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس من السفر إلى نيويورك في أيلول لحضور قمة الأمم المتحدة، التي من المتوقع أن تعترف خلالها عدة دول حليفة لواشنطن بدولة فلسطين رسميًا.
ويأتي قرار بلجيكا بالاعتراف بفلسطين بينما تسببت حرب إسرائيل على غزة بمقتل ما لا يقل عن 63 ألفًا و460 شخصًا وإصابة أكثر من 160 ألفًا آخرين. وفي تموز/يوليو، أحال مدعون عامون بلجيكيون شكوى بجرائم حرب ضد جنديين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية، بعد اتهامات بمشاركتهما في فظائع بغزة.
وقال وزير الخارجية البلجيكي بريفو، في منشور على منصة «إكس»، إن بلجيكا ستنضم إلى الموقّعين على «إعلان نيويورك» الذي يمهد الطريق نحو حل الدولتين، أي إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام جنبًا إلى جنب مع إسرائيل. وأضاف أن القرار جاء «على ضوء المأساة الإنسانية الجارية في فلسطين، وخاصة في غزة، وردًا على أعمال العنف التي ترتكبها إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي».
وأوضح بريفو أن بلجيكا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مبادرة دبلوماسية مشتركة تقودها فرنسا والسعودية، مشيرًا إلى أن الخطوة تُعد أيضًا إشارة سياسية تهدف إلى إدانة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي والوجود العسكري في الأراضي الفلسطينية. مضيفًا أن بلجيكا تعتزم أيضًا فرض 12 عقوبة «صارمة» على إسرائيل، من بينها حظر استيراد منتجات المستوطنات، ومراجعة سياسات المشتريات العامة مع الشركات الإسرائيلية. كما شدد على التزام بلجيكا بإعادة إعمار فلسطين.
بهذا تنضم بلجيكا إلى قائمة متزايدة من الدول الغربية التي تتماشى مع هذه المبادرة، بما في ذلك بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا ومالطا. وبينما تعترف أكثر من 130 دولة الآن بدولة فلسطين، كانت الدول الغربية بين الأكثر ترددًا، إذ يرى كثيرون، مثل ألمانيا، أن خطوة كهذه لا يمكن اتخاذها إلا في نهاية عملية سياسية.
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد انقسموا بشدة خلال اجتماع لهم في كوبنهاغن، يوم السبت الماضي، بشأن الحرب في غزة، إذ دعا بعضهم إلى ممارسة ضغوط اقتصادية كبيرة على إسرائيل، بينما عارض آخرون تلك الخطوات بشكل قاطع.
ويطالب الفلسطينيون منذ زمن بإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون القدس الشرقية عاصمتها، فيما تقول الولايات المتحدة إن مثل هذه الدولة لا يمكن أن تقوم إلا عبر مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ونقلت رويترز عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، في آب الماضي، أن إسرائيل تدرس خيار ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة كرد محتمل على خطوات فرنسا ودول أخرى للاعتراف بدولة فلسطينية.
وفي العام الماضي، هدد وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش بإقامة مستوطنة غير قانونية جديدة في الضفة الغربية عن كل دولة تعترف بفلسطين.
يُذكر أن سموتريتش هو أحد وزيرين إسرائيليين متطرفين يواجهان عقوبات من أستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج والمملكة المتحدة.
في الوقت نفسه، دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا البانيزي، الدول إلى اتخاذ إجراءات لإنهاء حرب إسرائيل على غزة، بما في ذلك فرض عقوبات وحظر أسلحة على إسرائيل.
تتناقض أهداف «إعلان نيويورك» بشأن دولة فلسطينية منزوعة السلاح تشمل غزة مع الخطط المدعومة من الولايات المتحدة لإنشاء «ريفيرا الشرق الأوسط»، والتي تهدف إلى تحويل القطاع إلى وصاية أميركية ونقل كامل سكانه البالغ عددهم مليوني نسمة إلى دول أخرى في المنطقة عبر حوافز مالية. وقد رفض الفلسطينيون والدول العربية والأوروبيون هذه الخطة، التي تتوافق مع توجهات اليمين المتطرف الإسرائيلي. وبعد مكالمة مع العاهل الأردني عبد الله الثاني، يوم الاثنين، قال الرئيس الفرنسي ماكرون على منصة «إكس»: «السلام لا يولد من بين الأنقاض، بل يُبنى على العدالة والكرامة».
وأضاف ماكرون: «نؤكد معارضتنا القوية لأي خطة لإعادة إعمار غزة تتضمن التهجير القسري لسكانها أو وضع القطاع تحت الوصاية».
عن وكالات عالمية










