متابعة المدى
الانجاز العراقي الكبير الذي حققته السينما العراقية في مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة من خلال فيلم "كعكة الرئيس"، الذي أخرجه المخرج الشاب حسن هادي، هو الإنجاز العراقي الأول، الذي أكد حضور السينما العراقية في المحافل السينمائية الدولية، سألت (المدى) المخرج هادي حول انطباعه عن هذا الحدث ومشاركته في الدورة الأخير للمهرجان، قال:
"صعبٌ أنْ يتوقّع أحدٌ أي شيء في مهرجان "كان"، لأنّ المنافسة شديدة للغاية، مع أسماء لمع نجمها فيه، عندما حضرت إليه، كان الأمل أن يتفاعل المشاهدون مع الفيلم وقصته إيجابياً، يوم العرض ملأتني مشاعر حماسة وترقّب، والأعصاب مشدودة خوفاً من وقوع أي خطأ أو طارئ، ومع انتهاء العرض الأول تنفّست الصعداء، رأيت المشاهدين يُصفّقون واقفين لعشر دقائق، وهذا إستثنائي لأول فيلم، الاستثنائيّ أيضاً عندما وجدت الجمهور ينتظر خروج فريق العمل في الردهات لتحيتهم مباشرةً. مع ردّ الفعل الاستثنائي هذا، تمنّيت نيل إحدى الجوائز، فحصلت على اثنتين، هذا إنجاز تاريخي، عراقياً وعربياً."
تناول الفيلم فترة من أكثر الفترات مأساوية في البلد وهي فترة الحصار، رغم أن المخرج في عمر لم يعش تلك المرحلة، وعن ذلك قال: "كنت طفلاً عندما عشت سنوات الحصار، وبكوني رجلاً بالغاً الآن، لا أتذكّر كثيراً عن طفولتي، لكنّي أتذكّر جيداً الأيام التي مرّت ونحن جائعون، والأهل يبيعون الغالي والرخيص لسدّ رمق يومهم، والنجاة ليوم آخر، أتذكّر كيف كان يكافح الجميع للنجاة، الإنسان بطبيعته ينسى اللحظات التي تمتلئ بالراحة، لكنّ الحرمان والجوع والفقر والخوف تحفر آثارها كالوشم على الجلد، ربما كانت سنوات الحصار الأكثر تأثيراً في المجتمع العراقي، الحصار ضرب في جذور المجتمع العراقي، وغيّر أخلاقياته، وشوّه مبادئه، وأذاب محرّماته."
وعن المشاهد التي صورها في بغداد ومناطق الأهوار وأبرز المفارقات والأحداث التي حصلت معه قال: هناك مفارقات كثيرة، لكنّ اللافت للانتباه أنّه، رغم الصعوبات اللوجستية والتقنية والمشاكل الإنتاجية، كانت أمورا عدّة ظننت أنّها صعبة التحقّق، لكني وجدتها سهلةً جداً. مثلاً: حصلت على إذن بالتصوير في أماكن حسّاسة، فكانت أسهل من التصوير في مواقع اعتيادية، كشارع بسيط في منطقة معينة، نحن نحتاج إلى إشاعة أكثر لثقافة التصوير السينمائي والإنتاج الفني داخل مؤسّساتنا، الناس سيكونون في العادة مُتعاونين أكثر إذا ما شعروا بأنّ الأمر معتاد، ولا يعرّضهم إلى أي خطر، هناك أيضاً الحكايات التي نسمعها من الأجداد والآباء والأصدقاء عن تلك السنين، التي ساهمت في إثراء الفيلم بجوانبه كلّها. أما عن الطفلة "بنين أحمد" بطلة الفيلم، إن كان قد عثر عليها خلال ورش الإختبار، أم أنه كان على معرفة سابقة بموهبتها؟ قال: لم أكن أعرف بنين من قبل، وهي لم تمثّل في أي عمل فني قبل هذا، ولكن بفضل الكاستينغ (الإختبار) تعرّفت إليها، كنتُ أبحث وعملت كاستينغ لمئات الأطفال في مختلف المدن، وبمجرّد لقائي بـ "بنين"، عرفت أنّي أمام الشخصية التي كتبتها، كانت تتمتع بحضور جيد وذكاء عال، ما سَهّل العمل معها وتجهيزها للتصوير.










