TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: لعنة الكرسي

مجرد كلام: لعنة الكرسي

نشر في: 8 سبتمبر, 2025: 12:03 ص

عدوية الهلالي

لم يكن التواضع سمة لرجال السياسة لدينا منذ ان كان القائد يعتبر نفسه (ضرورة) فيسبغ على نفسه اجمل الصفات ويمنح نفسه ارفع المناصب ولا يرضى بنسبة أقل من 100‌% في استفتاء مصطنع وضع شروطه بنفسه بل ويطالب الأدب والفن بكل مجالاته بالتغني به وتلميع صورته.. أما من جاء بعده من المتعلقين بأهداب ديمقراطية زائفة فهم يجافون التواضع ماإن يضعوا اقدامهم على عتبة السلطة فنراهم أيضا يتبجحون بانجازاتهم التي بقي معظمها محض كلمات خيالية لم تهبط الى ارض الواقع وما تحقق منها فهو لا يخلو من مكاسب شخصية ضخمة يرافقها تهويل اعلامي وأهازيج وأشعار تتغنى ايضا بالقادة (الضروريين)..إذن، يمكن ان نجزم بأن السلطة تفسد حتى القادة حسنو النية!
المؤسف في الأمر اننا لازلنا نؤمن بأسطورة المنقذ ونتخيل ان سياسيينا موجودون لانقاذنا من الأزمات، وان حاكم البلاد صانع معجزات وهو من ينهي الازمات التي تصيب بلدنا باستمرار..وفي كتابه "الأساطير السياسية"، وصف المؤرخ راؤول جيرارديه الحاكم المنقذ بأنه "الشخصية الكاريزمية التي يُفترض، بوصولها إلى السلطة، أن تحل المشاكل العالقة" ومن الواضح لدينا ان رجال الدولة يستخدمون الأزمات كذريعة للادعاء بأن السلطة العامة وحدها قادرة على حلها، أو على الأقل احتوائها.
منذ سنوات، ومنذ أن حطت الديمقراطية رحالها في بلدنا، تعاقب عدد من القادة على اعتلاء كراسي الحكم، وتصور كل منهم انه القائد الضرورة لدرجة ان احدهم عقد علاقة حب أبدية مع الكرسي متصورا انه لابد وأن يعود اليه في دورات انتخابية أخرى ترافقه تصريحاته النارية التي تؤكد كونه المنقذ الوحيد للعراق ومن سيحقق له جميع احلامه ويوفر له كل ما يحتاجه من خدمات..
وهناك رجل سياسة آخر لا يقبل التنافس في دائرته الانتخابية فهو يصر على كونه الوجه الأفضل متجاوزا بذلك التنافس الديمقراطي المشروع بين الاحزاب والتيارات المختلفة من خلال الاعتماد على النفوذ العشائري والولاءات الطائفية والتحالفات المتنافرة مع استخدام السلطة لغرض التسقيط بالمنافسين.. أما الرجل السياسي الذي حظي بقبول جيد من نسبة كبيرة من الناس التي تبحث عن وجه مقبول فيبدو انه وقع أسير اغراءات السلطة هو الآخر فملأ الشوارع بصوره وشعاراته على أمل ان يظل متربعا على الكرسي.. لابد أن ننسى اسطورة المنقذ إذن لأن كل من سيصل الى السلطة ستصيبه لعنة الكرسي!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram