TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > منظمات بيئية تكشف عن تدهور القطاع السياحي في الأهوار إثر الجفاف

منظمات بيئية تكشف عن تدهور القطاع السياحي في الأهوار إثر الجفاف

بعد أن كانت تستقبل أكثر من 15 ألف سائح شهريًا

نشر في: 9 سبتمبر, 2025: 12:03 ص

 ذي قار / حسين العامل

كشفت منظمات بيئية في ذي قار عن تدهور كبير في القطاع السياحي في مناطق الأهوار نتيجة الجفاف والمتغيرات المناخية، مشيرين إلى تكبد خسائر جسيمة بسبب انحسار حركة السائحين في أهوار الجبايش التي كانت تستقبل أكثر من 15 ألف سائح شهريًا. يأتي ذلك في ظل أسوأ موجة جفاف تمر بها البلاد ومحافظة ذي قار، التي أخذت تواجه تحديات كبيرة في تأمين مياه الشرب، وتفقد مساحات واسعة من أهوارها وأراضيها الزراعية، وتتعرض لنزوح سكاني كبير في أوساط الفلاحين والصيادين ومربي المواشي، الذين باتوا يواجهون مخاطر جمة تنعكس سلبًا على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتهددهم بالحرمان من مصدر دخلهم الرئيس.

وقال رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب الأسدي لـ"المدى" إن "الجهات الحكومية شجعت سكان الأهوار قبل عدة سنوات على المشاركة في مشاريع للنهوض بالواقع السياحي"، وأضاف: "وهو ما دفع السكان إلى تبني مشاريع سياحية مختلفة".
ويرى الأسدي أن "تلك المشاريع تعرضت بسبب الجفاف والمتغيرات المناخية إلى أضرار جسيمة يصعب تحملها في ظل التراجع المريع في الأوضاع الاقتصادية لسكان الأهوار"، واصفًا المشاريع السياحية بأنها "مشاريع خاسرة باتت تشكّل عبئًا على أصحابها".
وأوضح رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية أن "ما يحصل من تدهور للقطاع السياحي وما مُني به أصحاب المشاريع السياحية من خسائر لم يحظَ بالتفاعل أو الاهتمام الحكومي أو من المنظمات الأممية، ولم تبادر أي منها إلى تبني برامج عاجلة لتخفيف شدة الضرر".
وتطرق الأسدي إلى ما يتعرض له متحف الأهوار العراقية الذي جرى تشييده بجهود فردية من أضرار وصفها بـ"البليغة"، رغم أنه يضم قطعًا فريدة تعبّر عن تراث وحضارة وتاريخ الأهوار، مبينًا أن "المتحف مبني من مواد طبيعية سرعان ما تتعرض للتلف نتيجة الظروف البيئية الناجمة عن المتغيرات المناخية، وأن إعادة إصلاحه باتت غير ممكنة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة".
وأشار إلى أن "إدارة المتحف باتت تتحمل أجور الحراسة وفواتير الماء والكهرباء من دون أن تجني أي فائدة"، مضيفًا: "كما أن العاملين في المتحف أخذوا يبحثون عن مهن بديلة بعد تراجع الحركة السياحية في مناطق الأهوار". ويرى رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية أن "المؤسسات الحكومية لم تقصّر فقط في دعم أصحاب المشاريع السياحية، وإنما مع كل سكان الأهوار الذين أخذوا يفقدون المصادر الأساسية لديمومة معيشتهم في هذه الأرض التي كانت تُوصف في السابق بأنها جنة عدن".
ولفت إلى أن "القطاع السياحي في كل دول العالم يتمتع برعاية حكومية كونه موردًا اقتصاديًا مهمًا للبلاد، غير أن ما يحصل في العراق يجري بخلاف ذلك".
ودعا الجهات المعنية إلى "تبني برامج طوارئ لتخفيف الضرر عن سكان الأهوار عمومًا، والعمل على تعويض ولو جزء من الخسائر التي تعرضوا لها على أقل تقدير، وتمكينهم من تجاوز المحنة". وتطرق الأسدي إلى مقارنة بين الحركة السياحية قبل الجفاف وبعده، مبينًا أن "مناطق أهوار الجبايش كانت تستقبل أكثر من 15 ألف سائح شهريًا، أما الآن، وبسبب الجفاف، فما عادت تستقبل أحدًا". وختم بالقول: "كل أعداد السائحين اختفت، وجميع المرافق السياحية تعرضت للضرر، والعاملون فيها تركوا العمل ونزحوا مع النازحين من سكان الأهوار أو بحثوا عن فرص عمل أخرى"، مشيرًا إلى أن "ما يقرب من 50 % من سكان أهوار الجبايش والحمار أخذوا بالنزوح من مناطقهم".
وبدورها أصدرت منظمة الجبايش للسياحة البيئية بيانًا حول الواقع السياحي الراهن، جاء فيه: "تشهد أهوار الجبايش في الآونة الأخيرة تداعيات خطيرة نتيجة موجات الجفاف المتكررة، إذ تعرضت المشاريع السياحية والأنشطة الترفيهية المرتبطة بالسياحة والاستجمام إلى خسائر جسيمة"، وأضاف: "وقد أدى ذلك إلى تدمير العديد من المواقع السياحية وفقدان موارد دخل أساسية لأصحاب المهن". ويرى البيان، الذي تلقت "المدى" نسخة منه، أن "الظروف المناخية الصعبة وانحسار حركة السائحين القادمين إلى الأهوار أسهما في تفاقم الأزمة، في ظل غياب واضح لبرامج الدعم المؤسسي من قبل الجهات المعنية".
ودعت المنظمة في بيانها إلى "ضرورة إجراء تقييم علمي شامل للخسائر التي لحقت بالمشاريع السياحية في الأهوار، وفق معايير واضحة تستند إلى مؤشرات بيئية واقتصادية واجتماعية"، مشددةً على أهمية توفير برامج دعم عاجلة لأصحاب المشاريع السياحية المتضررة لضمان استمرارية عملها وعدم خروجها من الخدمة".
كما دعت إلى "إعداد خطة استراتيجية وطنية تعالج تأثيرات التغيرات المناخية على السياحة البيئية، وتضع حلولًا عملية لتعزيز صمود المجتمعات المحلية وحماية الإرث الطبيعي والثقافي للأهوار".
وترى المنظمة أن "استمرار غياب الدعم سيؤدي إلى تداعيات كارثية على مستقبل السياحة البيئية في الأهوار، ويفقد العراق فرصًا ثمينة لجذب المستثمرين والشركاء الدوليين"، وأضافت: "إننا نؤمن بأن معالجة هذه الأزمة تتطلب تعاونًا مؤسسيًا عاجلًا يجمع بين وزارتي السياحة والبيئة، والحكومات المحلية، ومنظمات المجتمع المدني". ووجهت منظمة الجبايش للسياحة البيئية في بيانها مناشدة إلى رئيس الوزراء ووزير السياحة، دعتهم فيها إلى التدخل الفوري لإنقاذ السياحة البيئية في أهوار الجبايش، بما ينسجم مع التزامات العراق في مجال حماية التنوع الأحيائي والحفاظ على المواقع المدرجة ضمن التراث العالمي لليونسكو.
وتجمع محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) بين السياحة الدينية والآثارية والطبيعية، لما تمتلكه من مواقع أثرية ودينية تُقدَّر بأكثر من 1200 موقع، أبرزها مدينة أور الأثرية ومقام النبي إبراهيم الخليل (ع)، فضلًا عن مناطق الأهوار التي تشكّل خمس مساحة المحافظة، والتي تواجه مخاطر الجفاف وتذبذب مناسيب المياه بين آونة وأخرى نتيجة أزمة المياه.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) قد وافقت في 17 تموز 2016 على ضم الأهوار والمناطق الآثارية فيها إلى لائحة التراث العالمي بعد تصويت جميع الأعضاء بالموافقة.
وبموجب قرار منظمة اليونسكو، فإن الأهوار والمواقع الآثارية التي أدرجت على لائحة التراث العالمي هي: أور، وأريدو، وهور الحمار، والحويزة، والأهوار الوسطى في ذي قار وميسان، والوركاء في المثنى، وهور الحمار الشرقي في البصرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram