اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > صنعُ الله فـي العراق

صنعُ الله فـي العراق

نشر في: 13 مارس, 2011: 05:23 م

عبد الكريم يحيى الزيباريالشاعر الأمير لا يرى غير سلبيات السلطة، وشاعر الأمير لا يرى غير محاسنها، ولكلٍّ أنصارٌ ومريدون، وإنْ تناقشتَ مع شاعر الأمير، أو أحد مثقفي السلطة، سيجدُ ألف تبرير لأخطائها، ويظل يهذي، ويثرثر، فهو يعتبرُ أدنى نقد للسلطة التي ترعاه، تهديداً لمصلحته الخاصة.
والمثقف يملك سلطة يقرعُ بها سلطة الحكومة، ببثِّهِ أفكاراً قد تكون بنَّاءة، وقد تكون هدَّامة، وغالباً ما يجدون مَنْ يُصغي إليهم، ولهذا ترى السلطة في المثقف شرَّاً ضرورياً، من المحتَّم، احتواؤه، وإذا قاوم تُحَجِّم دوره، بمنعهِ من دسِّ أنفهِ في ما لا يعنيه، أو منافسة الحكومة في دورها راعية وحامية المصلحة العامة. الشاعر الصعلوك حسين مردان يسأل صديقه فوزي كريم (يُقال إنِّي شاعر وطني! هل تُصدِّق ذلك؟ - عليَّ أنْ أجِدَ معنىً لذلك أولاً، حتى أُصَدِّقهُ أو أكذِّبُهُ). معنى الشاعر الوطني غير ثابت بحسب الرائي، وحسب العصر، ففي زمن البعث، هو الشاعر مدَّاح القائد الرمز، مدَّاح المعارك العبثية، ومصطلح المصالحة الوطنية الذي يتردَّد كثيراً في تصريحات ساسة العراق الجديد، يحتاج إلى فوزي كريم وسؤالٍ كهذا، وإذا كانَ الشاعر الصعلوك، يمتاز ظاهريِّاً بعدم الاهتمام بثيابهِ أو هيئتهِ، وإدمان الخمر ربما، ولا مبالاتهِ، وداخليا بالاغتراب الداخلي، والتمرد ضد المجتمع، والصمود في وجه السلطة الغاشمة، فهذا صباح العزاوي وهادي السيد كانا نزيلين دائمين لدى مديرية الأمن، حتى وهما طليقان ينامان في مزبلةٍ قربها، كإدانة رمزية للتعذيب والقمع. وهذا الشنفرى الشاعر الصعلوك، يقول(نحن الصَّعالِيك الحُماةُ البُزَّلُ/ إذا لَقِينا لا نُرَى نُهَلّلُ). وهذا جان بول سارتر يقود التظاهرات، وَيزَجُّ بهِ في السجن بسبب مواقفه ضد السلطة الحاكمة، ويقول(المثقفون مذنبون كبار، لأنَّهم خدعوا الشعب في الظروف الخطيرة كافة)، وغيره الكثير، والأكثر منهم مثقفو السلطة، الذين لا يقدرون على قول لا، لسلطةٍ احتضنتهم، ووفرَّت لهم كلَّ شيء، ولكن مبارك في أوج قوته، يحرجهُ صنع الله إبراهيم برفض جائزة الدولة، أمام الملأ والبث المباشر، قائلاً: أرفضُ الجائزة لأنَّها ممنوحة من سلطة غير شرعية!!.هل حدث في عراق البعث، أنْ رفضَ مثقفٌ لتكريم السلطة؟ هل حدثَ في عراق اليوم، أنْ رفضَ مثقفٌ تكريماً من وزارة الثقافة؟ وقرأ صنع الله، في ورقةٍ أسباب رفضهِ الجائزة، ومما قال(لا يراودني شك في أن كل مصري يدرك هنا في هذه القاعة حجم المأساة المحدقة بنا جميعاً، ولاسيما في سياسة حكومتنا الخارجية، ولم يعد لدينا مربع واحد ولا متر لم يدنسه الأعداء، فلم يعد لدينا سوى صندوق الأكاذيب والفساد والنهب، واختفت الأبحاث العلمية والصناعة والزراعة وتفشى النهب، ومن يعترض يتعرض للسحل والضرب).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram