السليمانية / سوزان طاهر
بالرغم من بدء حزب العمال الكردستاني بتسليم أسلحته وإعلان زعيمه عبد الله أوجلان حل الحزب، فإن محادثات السلام مع تركيا تبدو شبه متوقفة.
وبدأ حزب العمال الكردستاني قبل أسابيع مراسم إلقاء سلاحه في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، حيث أضرم مقاتلون تابعون للحزب النار في أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة، في خطوة جاءت استجابة لزعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان، الذي طالب من سجنه في جزيرة إمرالي بإنهاء العمل المسلح المستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي، والدخول في العمل السياسي الديمقراطي.
ما يزال تطبيق قرار حل حزب العمال الكردستاني، الذي اتخذه زعيمه عبد الله أوجلان في شباط/فبراير الماضي، يأخذ مساحة واسعة من اهتمام العراقيين، لا سيما وأنه يتواجد على أراضيهم منذ نحو 40 عاماً.
وتُعتبر جبال قنديل وسنجار، ومناطق أخرى من العراق، معقلاً لـ"العمال الكردستاني"، الذي تصنفه بغداد منذ عام 2024 حزباً محظوراً، بينما تشن تركيا، التي تدرجه على لائحة الإرهاب، هجمات متكررة على مواقعه هناك، فضلاً عن تواجدها العسكري في الداخل العراقي.
ومنذ عملية إحراق 30 عنصراً من حزب العمال الكردستاني لأسلحتهم، توقفت محادثات السلام بين عناصر الحزب والسلطات التركية، التي ما تزال تحتفظ بقواعدها العسكرية في إقليم كردستان.
لا إيجابيات من قبل تركيا
وفي هذا الصدد يؤكد عضو لجنة العلاقات في حزب العمال الكردستاني كاوة شيخ موس أن عناصر الحزب التزموا بقرار زعيمهم عبد الله أوجلان، وباشروا بالخطوة الأولى نحو محادثات السلام.
ولفت خلال حديثه لـ "المدى" إلى أن "حزب العمال الكردستاني لن يقوم بأي خطوات أخرى، من بينها نزع السلاح، إذا لم تقدم السلطات التركية على خطوات إيجابية من جانبها، تعزز رغبتها بإنهاء الحرب وبدء المحادثات بشكل جدي".
وأضاف أنه "لا يمكن أن نسلم جميع أسلحتنا من دون ضمانات دولية، لأن ذلك سيعرضنا للاعتقال والسجن، ولا يوجد أي تقدم ملموس من الجانب التركي لاستمرار محادثات السلام".
وبعد أربعة عقود من حرب أودت بأرواح أربعين ألف شخص، جاء قرار حزب العمال الكردستاني استجابة لدعوة زعيمه عبد الله أوجلان التي أطلقها في شباط/فبراير الماضي بنزع السلاح.
شروط حزب العمال
لكن هذا القرار التاريخي يبدو أنه معرَّض للانهيار، بحسب ما يؤكده الباحث في الشأن السياسي حسين كركوكي، الذي يرى أن تركيا لم تقم بأي خطوات إيجابية تعزز عملية السلام.
وبين في حديثه لـ "المدى" أن "حزب العمال حل نفسه، وسلّم جزءاً من أسلحته، كما قام بإيقاف العمليات العسكرية ضد الجانب التركي، سواء في مناطق شمال العراق أو في الداخل التركي".
وأضاف أنه "من المفترض على تركيا أن تقوم بخطوات إيجابية، وعلى رأسها إطلاق سراح زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان المعتقل في السجون، وهو رجل كبير في السن، وهذا الأمر يُعتبر بادرة حسن نية".
وأردف أن "محادثات السلام مهددة بالتوقف إذا لم تقم الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بالضغط على الجانب التركي لغرض تقديم ضمانات لقادة حزب العمال، لأن الكثير منهم يخشى العودة إلى تركيا خوفاً من الاعتقال والمحاكمة، ولهذا ستبقى الأمور هكذا من دون تقدم".
وتأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978. وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "إرهابياً". وأطلق تمرداً مسلحاً ضد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة كردية. وخلف هذا الصراع أكثر من 40 ألف قتيل منذ 1984.
ولجأ معظم مقاتلي الحزب خلال السنوات العشر الماضية إلى مناطق جبلية في إقليم كردستان، حيث تقيم تركيا منذ 25 عاماً قواعد عسكرية لمواجهتهم، وشنّت بانتظام عمليات برية وجوية ضدهم.
وبحسب مصادر مختلفة فإن الجانب التركي يمتلك أكثر من 25 قاعدة عسكرية تتوزع على محافظتي دهوك وأربيل في إقليم كردستان، وتضم الآلاف من الجنود الأتراك، والأسلحة، والمنصات الجوية، بحجة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني.
وساطة بارزاني
من جانب آخر يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني صالح عمر أن محادثات السلام بين تركيا وحزب العمال ما تزال قائمة.
وأوضح في حديثه لـ "المدى" أن "الأهم هو صدور القرار التاريخي من زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان بحل الحزب، ونزع السلاح، واللجوء للخيار السياسي في طلب الحقوق والدفاع عن المواطنين الكرد في تركيا".
وتابع أن "محادثات السلام ما تزال مستمرة، والحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه مسعود بارزاني ما زالوا يمارسون دوراً مهماً لحل الإشكاليات الموجودة بين قادة حزب العمال والجانب التركي، لضمان التقدم في عملية السلام. وما نحتاجه هو الوقت، وأيضاً توفر عامل الثقة من قبل الطرفين، لضمان عدم العودة إلى المربع الأول".
هدنة تركيا والعمال الكردستاني في خطر وخشية من عودة القتال في أراضي كردستان

نشر في: 9 سبتمبر, 2025: 12:10 ص









