متابعة / المدى

أثار قرار إلغاء صندوق تقاعد موظفي الدولة جدلاً واسعاً بين الخبراء الاقتصاديين والمتقاعدين. فبينما ترى الحكومة أن الخطوة تأتي لتوحيد عمل هيئة التقاعد الوطنية ضمن نظام موحد، يحذر خبراء من أنها مقامرة برواتب المتقاعدين وحقوق الموظفين، لكون الصندوق قائم أساساً على استقطاعات من رواتبهم.
المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أوضح أن الصندوق جاء ضمن تعديل قانون التقاعد لعام 2006، لكن تعارضه مع نظام الهيئة العامة للتقاعد استوجب إلغاءه لصالح توحيد الإجراءات. غير أن خبراء اقتصاد، مثل هلال الطعان، وصفوا الإلغاء بأنه «غير مدروس»، وربطوه بتأخر صرف الرواتب التقاعدية خلال الشهرين الماضيين، متوقعين استمرار الأزمة إذا لم تعتمد وزارة المالية آليات واضحة لتوزيع الرواتب.
الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي أكد أن الصندوق لا يمكن إلغاؤه إلا بقانون يصدر عن البرلمان، مشيراً إلى أن ملايين الموظفين والمتقاعدين الذين استُقطعت مبالغ من رواتبهم يعتبرون أصحاب ديون على الدولة في حال إلغائه. واقترح علي إعادة هيكلة الصندوق ودمجه بقانون موحد يشمل القطاعين العام والخاص لتقليل الضغط على الموازنة الحكومية.
من جانبه، أوضح الخبير مصطفى حنتوش أن ما جرى هو دمج إداري لا يمس حقوق المتقاعدين المالية، فيما شدد الخبير المالي محمود داغر على أن الرواتب ستبقى مؤمّنة سواء عبر الصندوق أو من الموازنة، لافتاً إلى أن ما يجري أقرب إلى إصلاحات فنية وإدارية.
الأمانة العامة لمجلس الوزراء بيّنت أن الإلغاء جاء بطلب من هيئة التقاعد الوطنية لعدم وجود تعليمات نافذة تنظم عمل الصندوق، مؤكدة إعداد نظام داخلي جديد لتشكيلات الهيئة يتضمن الصندوق ضمن هيكليتها.
عدد من المتقاعدين أبدوا جهلهم بطبيعة عمل الصندوق منذ تأسيسه، مؤكدين أن ما يعنيهم هو ضمان استمرار رواتبهم. فالمتقاعد مهدي صالح ذكر أنه لم يسمع بالصندوق إلا بعد الإعلان عن إلغائه، بينما أوضحت المتقاعدة أم زهراء أنها لم تفهم يوماً وظيفة الصندوق رغم معرفتها به. أما عبد الكريم أحمد، المدير العام المتقاعد، فتساءل عن مصير الاستقطاعات التي دفعت من رواتب الموظفين لصالح الصندوق.
محاولة الاطلاع على موقع وزارة المالية أظهرت أن القسم المخصص للصندوق يكاد يكون خالياً من أي تفاصيل، باستثناء تعريف مقتضب، وهو ما يعكس غياب الشفافية رغم مرور أكثر من 15 عاماً على تأسيسه.