المدى / خاص
تناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ومدوّنون من أبناء محافظة ميسان مقاطع فيديوية لإطلاق كثيف للنيران الصادرة من أسلحة نارية خفيفة من دور تقع وسط حي سكني في مركز مدينة العمارة، ونُسب إلى نزاع مسلّح بين طرفين ينتميان لعشيرتين مختلفتين في أحد الأحياء.
وبيّنت مصادر رسمية مطّلعة أن إطلاق النار يعود إلى نزاع مسلّح في حي الفنانين في مركز مدينة العمارة وتسبّب بذعر للمواطنين الساكنين في الحي نفسه. ونقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بيانًا لقيادة عمليات ميسان أوضحت فيه أن مصدر إطلاق النيران يعود إلى "عدد من الأشخاص أثناء مشاجرة". وأكّدت خلال بيانها الذي اطّلعت عليه صحيفة (المدى) أن "الوضع تحت السيطرة والقوات الأمنية متواجدة لفرض هيبة الدولة وبسط سلطة القانون".
تساؤلات
وجّه العديد من المعنيين والمراقبين بالجانب الأمني في المحافظة تساؤلات عن مكامن الخلل التي تخرج منها تلك الأحداث، خصوصًا النزاعات والمشاجرات التي غالبًا ما تكون مسلّحة ومصحوبة باستخدام الأسلحة النارية المختلفة، رغم الإجراءات الأمنية المتلاحقة وآخرها الخطة الأمنية التي شهدتها المحافظة، ووجود عشرات الآلاف من رجال الأمن. وفي هذا السياق، بيّن عباس جمعة، مراقب أمني، لصحيفة (المدى) أن "عملية فرض الأمن تعتمد على عنصرين لا ثالث لهما وهما المواطن ورجل الأمن، فإذا أخطأ المواطن أوقفه رجل الأمن، وهذا ما يجري في كل دول العالم، وبالتأكيد الجميع يلقي باللوم على المواطن لأنه لم يلتزم بالتعليمات الأمنية وتجاوز عليها، وعلى رجل الأمن أيضًا لأنه لم يطبق القانون بشكل يحدّ من جميع تلك الخروقات. ولكن وللأسف المواطن لم يقف وحده يواجه عقوبة تجاوزه على الأمن، بل هناك من يدافع عنه، ورجل الأمن يلتزم الأوامر الصادرة له مهما كانت".
وأضاف: "ويبدو أن جميع الخطط الأمنية التي نُفذت في ميسان لم تكن بالمستوى التنظيمي والعلمي المطلوب، بل اكتفت بالترويج الإعلامي فقط، ولم تعالج مكامن الخلل الحقيقية".
شخّص مهتمون بالجانب الرقابي الوضع في محافظة ميسان وصنّفوه بأنه وضع تعيشه معظم المدن والمحافظات العراقية، لكن إفراط التركيز الإعلامي على ميسان جعلها تتواجد في مواقع الصدارة. وفي هذا السياق، يقول جواد عبد الحسين، باحث أكاديمي، لصحيفة (المدى): "تشهد جميع المحافظات العراقية ما تشهده ميسان، بل هناك محافظات ومدن أشد وطأة منها، وعلى سبيل المثال أيام قليلة تفصلنا عن مقتل ضابطين في العاصمة بغداد، ولكن تقوم القائمة على ميسان بسبب إطلاق نار في الهواء لم يسفر عن أي إصابة أو حالة قتل. وفي محافظات جنوبية قريبة من ميسان توجد حالات خطف لرجال أمن وضباط، ما يدلّ على أن ميسان أقل عنفًا من بقية المحافظات".
وأضاف: "عندما يحصل أقل خرق في ميسان تتهافت القنوات الإعلامية والمدوّنون وصفحات المواقع على تناقله بشكل سلبي، مما يُظهر أن ميسان هي محافظة النزاعات والقتلة، والحال أنها كغيرها من المحافظات وتعيش ما تعيشه".
أسباب رئيسية
أشار ناشطون مجتمعيون إلى وجود أسباب لها صلة وثيقة بالوضع الأمني في ميسان، وبالتحديد في مدينة العمارة التي بدأت تتحوّل تدريجيًا إلى القبلية وتفضيل الأحكام العشائرية على التوجّه نحو القانون والاحتكام إليه. وفي هذا الشأن، يقول الناشط الاجتماعي غزوان قاسم لصحيفة (المدى): "مدينة العمارة أصبحت مدينة جاذبة لسكان أقضية ونواحي المحافظة، خصوصًا بعد انعدام سبل الحياة في مناطقهم بسبب الجفاف ونزوح عشرات بل مئات الآلاف من أبناء تلك المناطق، مما تسبّب بفتح الباب على مصراعيه لتأسيس أحياء عشوائية أو ما تُسمى (الحواسم) وظهور مناطق على أساس عشائري في مناطق زراعية. وبدل تأثّر النازحين نحو المدينة بطباع أبنائها، تحقق العكس بتأثّر أبناء المدينة بطباع أبناء تلك المناطق وسط ضياع بعض القيم الأصيلة".
وأضاف: "كما لعب الانتماء والمحسوبية وامتلاك السلاح الناري المنتشر دورًا كبيرًا أيضًا في النزاعات والمشاجرات المسلّحة".
وأعلنت قيادة شرطة محافظة ميسان القبض على ستة متّهمين وضبط أسلحة نارية، خلال بيان أصدرته عن الحادثة اطّلعت عليه صحيفة (المدى)، ورد فيه أن "قوة أمنية مشتركة تمكنت من السيطرة على مشاجرة حدثت بين جارين بعد خلاف نشب بسبب أطفال، مما تطوّر إلى إطلاق نار في منطقة حي الفنانين ضمن مركز مدينة العمارة، حيث قامت بضرب طوق أمني على كامل محيط المنطقة ومحاصرة المسلّحين".
وأضاف البيان أنه تم "الإطاحة بالمتهمين من طرفي المشاجرة وضبط سلاح نوع كلاشينكوف عدد (2) كانت بحوزتهم، وتم اقتيادهم إلى مركز الاحتجاز الأمني لإكمال الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم أصوليًا".
نزاعات عشائرية مسلّحة تهزّ العمارة.. رغم خطة فرض القانون!

نشر في: 11 سبتمبر, 2025: 12:26 ص









