TOP

جريدة المدى > سياسية > تقرير دولي: حل مشكلة الكهرباء يحتاج إلى إرادة سياسية وإصلاحات جذرية

تقرير دولي: حل مشكلة الكهرباء يحتاج إلى إرادة سياسية وإصلاحات جذرية

نشر في: 14 سبتمبر, 2025: 12:07 ص

ترجمة: حامد أحمد

تناول تقرير لمعهد «تشاثام هاوس» للدراسات في لندن، نشر على موقع «ذي ناشنال» الإخباري، الأسباب العميقة وراء استمرار العراق في الاعتماد على استيراد الكهرباء في وقت يتمتع فيه بمؤهلات مالية كبيرة واحتياطيات نفطية هائلة، مبيّنًا وقوف إرادات سياسية وحالات فساد تستند إلى حلول مؤقتة في وجه تنفيذ مشاريع إصلاح كبرى في قطاع الكهرباء، مما يسبب استمرار حرق الغاز وتحويله إلى أزمة مزمنة تسبب خسائر اقتصادية وبيئية، مؤكداً أن إعطاء أولوية لإصلاحات طويلة الأمد هو الحل الأمثل للأزمة.
وأشار التقرير إلى أن استقدام باخرتين عائمتين من تركيا إلى البصرة كحل سريع ومؤقت لانهيار شبكة الكهرباء في البلاد لمواجهة درجات حرارة الصيف العالية إنما يكشف عن خلل أعمق في بلد ما يزال يعتمد على الحلول السريعة بدلاً من بناء بنية تحتية قوية طويلة الأمد.
لأكثر من عقد من الزمن، اعتمد نظام الكهرباء في العراق بشكل كبير على واردات الغاز والكهرباء من إيران، التي توفر في بعض الأحيان ما يصل إلى ثلث الإمدادات الوطنية. وهذا جعل بغداد عرضة للضغوط السياسية والعقوبات الأميركية، وكلاهما يعرقل عمليات الدفع والتسليم ويؤدي إلى انقطاعات متكررة للتيار.
ويشير التقرير إلى أن المبادرات الإقليمية في مجال الطاقة، مثل خطط استيراد الكهرباء من الأردن أو الربط مع شبكة مجلس التعاون الخليجي، توفر بعض الدعم، لكنها حتى الآن لم توفر سوى كميات صغيرة، كما أن جداول تنفيذ المشاريع تأخرت. تعكس هذه التدابير ميل العراق إلى البحث عن المساعدة الخارجية المؤقتة بدلاً من الاستثمار بشكل مستمر في قدراته المحلية. مثل هذه الحالات من الاعتماد على مصادر خارجية غير مستدامة تكشف في النهاية هشاشة خطط تعتمد على الحقن المتكرر بدلاً من الإصلاح الشامل. فقد كشفت حكومات عراقية متعاقبة عن خطط إصلاح طموحة بالتعاون مع شركات دولية. ففي عام 2019، اقترحت شركة «سيمنز» خارطة طريق لتحديث توليد الكهرباء ونقلها، بينما دفعت «جنرال إلكتريك» بمشروع مماثل منذ عام 2017 تقريبًا.
وفضلاً عن ذلك، تم توقيع صفقة بقيمة 27 مليار دولار مع شركة «توتال إنرجي» في عام 2023 بهدف استثمار الغاز المحترق وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة. لكن مثل هذه المبادرات لم تثمر سوى نتائج جزئية، إذ توقفت بسبب النزاعات الفئوية، وتضخم الميزانيات، والعقود غير الشفافة. يمكن لكل من هذه المشاريع أن يساعد في تنويع مزيج الطاقة في العراق، لكن جداولها الزمنية تمتد لسنوات، وأحجامها لا تزال صغيرة مقارنة بحجم الطلب. وقد حدثت بالفعل تأخيرات، مما يزيد من خطر أن يعود العراق مرة أخرى إلى الاعتماد على الواردات الطارئة.
ويشير التقرير إلى أن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وضعت قطاع الكهرباء في صميم أجندة الإصلاح، متعهدة بتسريع استثمار الغاز، وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، والمضي قدماً في مشاريع الربط الشبكي. وقد صيغت الاتفاقات الأخيرة مع «سيمنز» و«جنرال إلكتريك» وشركاء إقليميين باعتبارها جزءاً من حقبة جديدة من الاعتماد على منافذ متعددة.
هذه الالتزامات واعدة، خصوصاً أن حكومة السوداني ربطت هذا الموضوع بجانب أوسع لبناء الدولة وتحسين الخدمات. لكنها قد تعيد أيضاً تكرار أخطاء الحكومات السابقة إذا لم تتم مراقبة التنفيذ عن قرب، وإذا ظلت العقود غير شفافة، وإذا أعاقت المصالح السياسية الراسخة الإصلاح الحقيقي.
ويذكر التقرير أن الإخفاقات التي ظهرت في قطاع الكهرباء لا تقتصر عليه وحده، بل تؤثر على حياة الناس اليومية. ففي إدارة قطاع المياه، على سبيل المثال، تظهر أنماط مشابهة. فوعود إنشاء أنظمة حديثة لمعالجة المياه وإدارتها غالباً ما تبقى غير مكتملة بسبب الفساد والإهمال والمحاصصة السياسية.
إن أزمة الكهرباء ربما تكون الأكثر وضوحاً بين إخفاقات القطاعات الأخرى. فالعراق يحرق مليارات الأمتار المكعبة من الغاز المصاحب كل عام، في الوقت الذي يستورد فيه الوقود من الخارج. من الناحية الاقتصادية يُعد ذلك هدراً، إذ إن استثمار الغاز سيكون أرخص بكثير من الاستيراد المستمر، ومن الناحية البيئية فهو كارثي. إذ يولد الحرق غازات دفيئة ويلوث نوعية الهواء، خصوصاً في مناطق مثل البصرة، المحاطة بحقول النفط، حيث أبلغ السكان عن ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والسرطان.
ويؤكد التقرير أن استمرار هذه الحالة ليس لأن البدائل غير معروفة، بل لأن الاقتصاد السياسي في العراق يثني عن الاستثمار طويل الأمد. فنظام المحاصصة، الذي يوزع السلطة بين الكتل السياسية في البلاد، يشجع التوجه نحو المشاريع التي تولد عوائد ومنافع سريعة بدلاً من البنية التحتية المستدامة.
ويضيف أن العراق إذا أراد أن يخرج من دوامة هذه الأزمة، فعليه أولاً أن يدرك أن الاستيراد المؤقت والصفقات الاستثمارية قصيرة الأمد ليست بديلاً عن المؤسسات المسؤولة والتخطيط المستدام. فالبلد يمتلك الموارد والخبرة الفنية والشركاء الأجانب وعائدات النفط، لكنه يفتقر إلى الإرادة السياسية. مشيراً إلى أن إعطاء الأولوية للإصلاح يعني الإصرار على أن يتم قياس تقدم استثمار الغاز بوحدات ميغاواط فعلية تتناسب مع حجم الطلب، بدلاً من الاتكال على حلول مؤقتة تجعل من الأزمة المزمنة هي القاعدة أكثر من كونها استثناء.
عن «ذي ناشنال» الإخبار

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

الجلسة الأولى للبرلمان: الرئاسة والنائب الأول في قلب الخلاف
سياسية

الجلسة الأولى للبرلمان: الرئاسة والنائب الأول في قلب الخلاف

بغداد/ تميم الحسن تتجه البلاد – على الأرجح – نحو جلسة برلمانية في نهاية الشهر الحالي من دون حسم أيٍّ من الرئاسات الثلاث، في مشهد يعيد إلى الأذهان انسداد عام 2022 حين دخلت العملية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram