ذي قار / حسين العامل
كشف مجلس محافظة ذي قار عن تحرك إداري لمواجهة التحديات التي تواجه المدارس والعملية التربوية، وتدارس سبل تداركها بالتزامن مع قرب انطلاق العام الدراسي الجديد، مشدداً على التعجيل بتنفيذ مشاريع بناء مدارس جديدة ضمن موازنة 2025.
يأتي ذلك في ظل عجز كبير في الأبنية المدرسية يقدر بأكثر من 1000 بناية في محافظة ذي قار، ناهيك عن تقادم عمر العديد من الأبنية المدرسية وتفاقم مشكلة المدارس الكرفانية. وإزاء ذلك استضاف مجلس محافظة ذي قار في جلسته الثانية والستين مدير عام تربية المحافظة علي إسماعيل سبتي ومدراء أقسام الإشراف الاختصاصي والتربوي والأبنية المدرسية لغرض عرض واقع العملية التربوية والتحديات التي تواجه المدارس.
وذكر بيان لمجلس محافظة ذي قار أن "مجلس محافظة ذي قار استعرض في جلسته الدورية واقع العملية التربوية والتحديات التي تواجه المدارس إذ طرح أعضاء المجلس جملة من الأسئلة والاستفسارات بشأن قضايا أساسية منها نقص الأبنية المدرسية والنقل والتنسيب وتوزيع الملاكات وقطع الأراضي والتعليم المهني وحقوق الملاكات التربوية في المدارس الأهلية فضلاً عن توفير المستلزمات الدراسية".
ونقل البيان عن رئيس مجلس المحافظة عزة عودة الناشي قوله إن “الجلسة شهدت بحث ملف المدارس الكرفانية إذ طالب الأعضاء بالإسراع في تنفيذ مشاريع بناء مدارس جديدة ضمن موازنة 2025 لتحسين البيئة التعليمية للطلبة وتوفير بنية مدرسية سليمة بعيداً عن الحلول المؤقتة". وشدد رئيس المجلس في البيان الذي تلقت (المدى) نسخة منه على "أهمية استمرار التعاون بين المجلس ومديرية التربية لغرض الارتقاء بالواقع التعليمي باعتباره حجر الأساس لبناء مستقبل أفضل".
وبدورها قررت لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة ذي قار تشكيل لجنة لزيارة مدينتي النصر والمنار للاطّلاع على الشكاوى المتعلقة بالواقع التربوي. وأفاد رئيس اللجنة أحمد فرحان الخفاجي أن "لجنة التربية والتعليم تدارست خلال اجتماعها الدوري عدة ملفات تمس الواقع التربوي في المحافظة”، مشيراً إلى بحث ملف افتتاح المدارس الجديدة لتخفيف الزخم الدراسي وواقع التعليم الأهلي وارتفاع أقساط بعض المدارس".
وكشف الخفاجي عن توجيه بمتابعة ملف المدارس الكرفانية والمتلكئة وتشكيل لجنة لزيارة مدينتي النصر والمنار للاطّلاع على الشكاوى، مؤكداً تواصل متابعة جميع القضايا التربوية بما يضمن تطوير العملية التعليمية وتوفير بيئة أفضل.
وفي السياق ذاته اقترحت عضو مجلس محافظة ذي قار زينب الأسدي على هيئة رئاسة مجلس المحافظة توجيه حملة شاملة لتنفيذ أعمال تنظيف وصيانة لجميع المدارس في أقضية ونواحي المحافظة وذلك عبر دوائر (البلدية، الماء، المجاري والدفاع المدني)، مشددة على أهمية توفير بيئة صحية وآمنة للطلبة وبما يسهم في دعم المسيرة التربوية وتوفير أجواء ملائمة للتعليم.
ومن جهته يرى رئيس نقابة المعلمين في ذي قار، حسن علي السعيدي، أن "المحافظة تعاني من عجز متراكم في الأبنية المدرسية، إذ تحتاج إلى أكثر من 850 بناية لفك الازدواج في الدوام، بالإضافة إلى 500 بناية أخرى لمواجهة مشكلة الاكتظاظ".
وأضاف السعيدي في حديث لـ (المدى) أن "بعض المدارس تضم ما يزيد عن 1000 تلميذ، حيث يتراوح عدد الطلاب في القاعة الدراسية بين 80 إلى 90 تلميذاً، وهو ما يتطلب شطر المدارس لأكثر من مدرسة لغرض تقليص مشكلة الاكتظاظ»، مشيراً إلى أن “العجز في الأبنية المدرسية يعود إلى أكثر من 20 عاماً، حيث شهدت مشاريع تشييد المدارس تلكؤاً كبيراً".
وأردف "ورغم وجود مئات المدارس المتلكئة منذ عدة سنوات، إلا أن هناك تحركاً ميدانياً من قبل الحكومة العراقية لمعالجة هذه الأزمة".
ويجد رئيس نقابة المعلمين في ذي قار أن "المحافظة تحتاج إلى 60 بناية مدرسية جديدة سنوياً لاستيعاب التدفق الكبير للطلاب، إذ تستقبل المدارس سنوياً أكثر من 60 ألف تلميذ جديد، في حين لا تتجاوز المخرجات 30 ألف طالب سنوياً".
وينتظم أكثر من 800 ألف تلميذ وطالب في مدارس محافظة ذي قار التي يقدر عدد الأبنية المدرسية فيها بـ 1300 بناية، إذ ما زالوا يكابدون وبصورة يومية من مشاكل جمة أبرزها اكتظاظ الصفوف الدراسية والدوام الثنائي أو الثلاثي ناهيك عن تقادم عمر الأبنية المدرسية وافتقارها لأساسيات نجاح العملية التربوية.
وكانت إدارة محافظة ذي قار كشفت في (أواسط شباط 2025) عن تحرك محلي ووزاري لتدارك مشكلة تلكؤ 216 بناية مدرسية و80 مشروعاً آخر، وفيما أشارت إلى توجه لتصفير المشكلة خلال دورة الحكومة الحالية، تحدثت نقابة المعلمين عن عجز كبير وتقادم الأبنية المدرسية.
يشار إلى أن إدارة محافظة ذي قار أعلنت مطلع عام 2022 عن جملة من الإجراءات الإدارية الهادفة لمعالجة نقص الأبنية المدرسية وذلك بتسليم 106 مواقع لبناء المدارس إلى الشركات الصينية ضمن المشروع الوطني لبناء المدارس، وتشكيل لجنة لاستكمال إجراءات تخصيص 300 موقع لبناء 300 مدرسة أخرى ضمن المشروع ذاته.
يعاني العراق منذ سنوات طويلة من عجز حاد في الأبنية المدرسية، إذ تشير تقديرات وزارة التربية إلى حاجة البلاد لأكثر من 12 ألف بناية مدرسية جديدة، وهو ما ينعكس على ارتفاع نسب الدوام المزدوج والثلاثي في معظم المحافظات.
ظاهرة المدارس الكرفانية ظهرت بعد عام 2003 كحل مؤقت لمشكلة نقص الأبنية، لكنها استمرت لعقدين من الزمن تقريباً. هذه المدارس تعاني من مشاكل خطيرة أبرزها ارتفاع درجات الحرارة داخل الصفوف صيفاً وانخفاضها شتاءً، فضلاً عن المخاطر الصحية المرتبطة بالرطوبة والتهوية الرديئة.
في عام 2011 أطلقت الحكومة العراقية مشروعاً لبناء ألف مدرسة، لكنه تعثر ولم يُستكمل، وتحوّل إلى ملف فساد كبير. أما في عام 2022 فقد جرى توقيع اتفاق مع الشركات الصينية ضمن مشروع “الألف مدرسة” أيضاً، لكن التنفيذ ما زال بطيئاً ويواجه تحديات إدارية ومالية.
تعد ذي قار واحدة من أكثر المحافظات معاناة على مستوى الأبنية المدرسية بسبب الكثافة السكانية العالية مقارنة بالبنى التحتية المتوفرة. وتشير إحصاءات محلية إلى أن بعض مدارسها تضم أكثر من 90 تلميذاً في الصف الواحد، وهو من أعلى المعدلات في العراق.
الأزمة لا تتوقف عند الاكتظاظ ونقص الأبنية، بل تمتد إلى ظواهر أخرى مثل ارتفاع نسب التسرب من المدارس وضعف الإقبال على التعليم المهني، ما يهدد بتفاقم نسب الأمية والبطالة في المستقبل.
خبراء التربية يؤكدون أن الاستثمار في بناء المدارس لا يقتصر على توفير مقاعد للطلاب، بل يُعدّ جزءاً من استراتيجية تنموية شاملة، لأنه ينعكس مباشرة على جودة التعليم ويقلل الفوارق الاجتماعية بين الطلبة في المدن والأرياف.










