بغداد/ المدىأعلنت القائمة العراقية، أمس الأحد، أن مبالغ إيفادات المسؤولين الحكوميين تتجاوز عشرة أضعاف المبالغ التي تم تخفيضها من رواتب الرئاسات الثلاث وكبار الموظفين والبرلمانيين، مطالباً بكشف أرقام المبالغ التي تم صرفها على إيفادات "غير ضرورية"،
في حين كان بالإمكان استثمارها لحل معضلات اقتصادية واجتماعية كبيرة تواجه العراق.وقال مستشار القائمة العراقية هاني عاشور في بيان إن "هناك هوساً غير مبرر في حجم الإيفادات الحكومية ومبالغها التي قد تتجاوز مليار دولار في السنة (الدولار نحو 1190 دينار)، في وقت تبلغ ميزانية عدد من الوزارات ربع أو عشر مبالغ الإيفادات على الرغم من أنها خدمية وتمس حياة المواطن بشكل مباشر".وكان الرأي العام ومراقبون سياسيون عدوا الشهر الماضي قرار رئيسي الجمهورية والوزراء بتخفيض راتبهما خطوة ايجابية، رغم أنها جاءت متأخرة.لكن تقليص الرواتب في هذه المرحلة الحساسة التي يتصاعد فيها الغضب الشعبي من سوء الأحوال المعيشية ليس كافيا على صعيد موازنة وتعديل أوجه صرف الأموال.وأضاف عاشور أن "تخفيض رواتب المسؤولين لا يوازي ربع ما يتم صرفه على الايفادات، لاسيما تلك المتعلقة بمجالس المحافظات"، لافتاً إلى "وجود إيفادات حكومية أشبه بالخيال لزيارات غير مبررة وغير ضرورية لمسؤولين في بغداد والمحافظات، كما تترتب عليها مخصصات إيفاد وسكن في فنادق راقية جداً لا يقيم فيها إلا أثرياء العالم".واقترح عاشور "تحويل تلك الأموال إلى صندوق الحماية الاجتماعية أو لمساعدة الفقراء أو تنفيذ المشاريع الخدمية".وينظر بعض المحللين السياسيين إلى أن الخلاف حول مسألة التخفيض قد يدخل في باب التجاذبات السياسية.وبينما يشكو الشارع العراقي نقص الخدمات وتعذر المؤسسات الحكومية بعجز في التخصيصات المالية، يضم ملف الرواتب والمنافع الكثير من الجدل. إذ من المفترض أن تتم معالجة جميع رواتب الدرجات الخاصة، سواء في البرلمان أو الحكومة المركزية أو الحكومات المحلية بمن فيهم النواب والوزراء والمحافظون ورؤساء مجالس المحافظات والوكلاء والمستشارون والمدراء العامون.ودعا عاشور البرلمان إلى "مناقشة هذه الظاهرة الخطرة التي استنزفت أموال الدولة والشعب لمدة ثماني سنوات"، مبيناً أنها "تمثل ميزانية مضافة إلى البلاد هدفها تحقيق رغبات شخصية بدلاً من الوطنية"، حسب تعبيره.وشدد عاشور على "ضرورة تقنين الحكومة للإيفادات وعرض حقيقة أرقام المبالغ التي أنفقت أمام الشعب ليطلع على ما يجري، خصوصاً أن قلةً استفادت منها على حساب الشعب، وأضاعت على العراقيين فرصة استثمارها لإعادة البنى التحتية".وكان مجلس النواب العراقي صوت، أمس الأول السبت، خلال جلسته الـ41 على قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث "بشكل مبدئي"، بعد القراءة الأولى لمشروع قانون رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن هم بدرجتهم والمكافآت الشهرية .وصادق مجلس الوزراء مطلع شهر آذار الحالي، على مشروع قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة، وحوله إلى مجلس النواب لإقراره.وتراوحت نسب التخفيض بين 40 و80%، إذ تم تخفيض رواتب رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب، من 50 إلى 12 مليون دينار، في حين تم تخفيض مخصصات الرؤساء الثلاثة ونوابهم بنسبة 80%.وقدم رئيس الجمهورية جلال طالباني، في السابع من شباط الماضي، طلباً لرئاسة البرلمان يقضي بتعديل قانون نواب رئيس الجمهورية، باستحداث موقع لنائب رابع، لترشيح شخصية تركمانية لتولي المنصب الأمر الذي جوبه بالرفض من قبل مجلس النواب.ويرى الخبراء الاقتصاديون أن معظم التجارب الديمقراطية في العالم لا توفر امتيازات التقاعد للبرلمانيين السابقين، كما هو الحال في العراق حيث يحصل النواب السابقون على امتيازات مبالغ فيها. يؤشر هذا الملف، أيضا، أهمية الالتفات إلى الامتيازات غير المبررة التي يحصل عليها المسؤولون، وهي تندرج، فيما تندرج، بمستحقات تأجير الدور وبدلات السفر والضيافة والمرافقين والنثرية الخاصة ولائحة طويلة من المصروفات التي تصل، في كثير من الأحيان، إلى مبالغ مرتفعة جدا.وفي وقت تعاني فيه وسائل الإعلام صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة ورسمية لحدود المنافع الاجتماعية، يتجه المسؤولون إلى تقليص رواتبهم، الإعلان، بشفافية، عن حجم تلك المنافع، بل وتقليصها، أيضا.وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي ماجد الصوري للمدى إن تأثير خفض رواتب المسؤولين لا يمكن معرفته ما لم يتم الإعلان عن حجمها والمقدار الأصلي لما يتحصلون عليه.وما دامت الحكومة العراقية تفكر، إزاء احتجاجات متنامية على نقص فادح في وسائل العيش الكريم، فإن عليها متابعة خروقات واضحة تتعلق، أيضا، بطرق صرف المال العام.ومنها المخصصات المالية التي تصرف كرواتب ومخصصات لهيئات عراقية مستقلة يرتبط عملها، أساسا، بمهام وفترات زمنية محددة.هذا الملف الشائك الطويل، الذي يفتح النقاش حوله قرار تخفيض مسؤولين لرواتبهم دون الإعلان عن مقدارها وبقية أوجه الصرف التي يحصلون عليها، هذا الملف يكشف، في إحدى أو
تخفيض الرواتب لا يوازي ربع إيفادات مسؤولي الحكومة
نشر في: 13 مارس, 2011: 10:58 م