TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > بين رزق الفقراء ومشاريع التطوير.. إخلاء “سوق الجمعة” يثير الجدل في السماوة

بين رزق الفقراء ومشاريع التطوير.. إخلاء “سوق الجمعة” يثير الجدل في السماوة

السلطات تؤكد شرعية الإخلاء والمراقبون يحذرون من آثار اجتماعية

نشر في: 16 سبتمبر, 2025: 12:03 ص

السماوة / كريم ستار

منذ سنوات، شكّل ما يُعرف محلياً بـ”سوق الجمعة” وسط مدينة السماوة ملاذاً للفقراء والبسطاء، حيث كان يتجمع الباعة والمتسوقون أسبوعياً في مساحة مفتوحة تعرض كل ما يمكن أن يخطر في البال، من الأدوات المنزلية المستعملة إلى الحيوانات الأليفة. لكن السوق أُخلي مؤخراً لإفساح المجال أمام مشروع جسر الصدرين الجديد، ما أثار جدلاً واسعاً بين أصحاب البسطات والجهات الرسمية حول التوفيق بين رزق العوائل ومشاريع التحديث العمراني. لم يكن السوق مجرد تجمع عشوائي، بل تحوّل إلى مساحة اقتصادية واجتماعية لها خصوصيتها. ففيه تُباع مختلف السلع: مكيفات، سبالت، ثلاجات، مولدات، كاونترات، مبردات، دراجات هوائية ونارية، وحتى الحيوانات الأليفة والدواجن مثل الدجاج والبط والإوز. هذا التنوع جعل السوق مقصداً للفئات محدودة الدخل الباحثة عن أسعار مناسبة وبضائع مستعملة صالحة للاستخدام، في وقت يصعب على كثير من العوائل شراء الجديد من الأسواق النظامية.

أصوات الباعة: “أُغلق باب رزقنا”
يقول أبو أحمد، أحد الباعة المتضررين: منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أعتمد على دخلي من السوق لإعالة أسرتي. السوق كان يجمع مئات العوائل من مختلف مناطق السماوة، وبعد الإخلاء لم يعد أمامنا خيار آخر، وأصبحنا بلا عمل. أما أم حسين، وهي أرملة تعيل ثلاثة أطفال، فتوضح أن السوق النظامي الجديد بعيد عن حركة الناس، وأن الزبائن لا يقصدونه. وتضيف: نريد حلاً واقعياً لا مجرد كلام. من جانبه، يشير البائع حيدر جبار إلى أن المشكلة لا تتعلق فقط بالمكان، قائلاً: السوق لا يُبنى بالجدران، بل بالزبائن. إذا لم يكن هناك إقبال، فإننا نخسر كل شيء.

المراقبون: التخطيط الحضري والبعد الاجتماعي
يرى الباحث الاجتماعي أحمد فاضل أن الإخلاء كان خطوة متوقعة لكنه ترك فراغاً اجتماعياً واقتصادياً، موضحاً أن إزالة الأسواق العشوائية ضرورية أحياناً، لكنها تتحول إلى أزمة حين لا يُوجد بديل مناسب. ويضيف أن سوق الجمعة كان أيضاً ملتقى أسبوعياً للعائلات البسيطة ومصدراً لإعادة تدوير السلع المستعملة، وتجاهل هذه الأبعاد يجعل أي حل رسمي ناقصاً.
في المقابل، يؤكد مدير إعلام محافظة المثنى، سعيد مشعان، أن الموقع القديم لا يمكن العودة إليه لوقوعه في شارع رئيسي وبشكل غير قانوني. ويشير إلى أن المحافظة أنشأت سوقاً بديلاً بجانب مجمع الجوادين، لكنه لم يستقطب جميع الباعة. ويضيف أن المشروع يصب في مصلحة المدينة وتقليل العشوائيات، داعياً الباعة إلى التكيّف مع الواقع الجديد.

اقتصاد السوق البديل
ويعلّق المحلل الاقتصادي فراس التميمي قائلاً: نجاح أي سوق بديل لا يعتمد فقط على توفير المكان، بل على تهيئة بيئة مناسبة تشجع الزبائن. ويقترح توفير حملات ترويجية، إعفاءات للباعة، أو خدمات أساسية، محذراً من أن غياب هذه الخطوات سيؤدي إلى فشل المشروع وبقاء الباعة في دائرة البطالة والفقر.
حتى الآن، يبقى أصحاب “سوق الجمعة” بين مطرقة الحاجة المعيشية وسندان القرارات الرسمية. وبينما ترى السلطات أن السوق الجديد يمثل حلاً قانونياً وحضارياً، يعتبره الباعة غير مجدٍ بسبب ضعف الإقبال. وبين شد وجذب، يترقب عشرات العوائل في السماوة مبادرة أكثر واقعية تعيد لهم قوت يومهم، سواء عبر تطوير السوق البديل أو تخصيص مواقع أقرب لحركة الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram