الكتاب: النوع الذي نفضله من الخونة تأليف: جون ولكاريهترجمة: هاجر العانيلقد عالج التاريخ مسألتي جون لو كاريه منذ ارتفاعه إلى منزلة شبيهة بمنزلة غراهام غرين بصفته كاتباً محترماً لكتب تحقق أفضل المبيعات وكنزاً وطنياً إبان عقد الثمانينيات من القرن الماضي، وإحدى تلك المسألتين كانت نهاية الحرب الباردة التي كانت قد وفرت البيئة لأفضل روايتين له وهما (الجاسوس الذي دخل من البرد) الصادرة عام 1963 و (سمكري، خياط، جندي، جاسوس) الصادرة عام 1974.
وقد وسم روايته المميزة عن ذلك النزاع حول الخيال الشائع فقد كان من الممكن مسامحته على استخدامه كخلفيته الرئيسية لبقية حياته التأليفية كما قد يكون الكثير من قرائه يفضــَّــل، وبدلاً من ذلك فقد بيــَّـن وجهة نظر عن التحرك مع الأحوال السائدة حاملاً رؤيته المتشائمة للـتحامل على أمور مثل رأسمالية العصابات ما بعد الاتحاد السوفيتي وشرور الشركات متعددة الجنسيات في العالم النامي والفوضى التي تولدها "الحرب على الإرهاب"، ومن المحتمل أن تجد بعضاً من رواياته المتأخرة وعظية بعض الشيء دون الإنكار بأنها مجمــَّـعة بشكل أنيق او انها تخفق في إدراك الامتعاض الميال لليسار من ورائها. أما المسألة الثانية فلها علاقة بالتغيير الاجتماعي، وكونه قد ولد عام 1931 فـإن لو كاريه نتاج زمن كانت فيه الإدارة المدنية (وظائف الدولة ما عدا الجيش) – مفضلين إيّاها على المصارف أو القانون التجاري كما هو الحال الآن - (كانت) خط المهنة المقولـَـبة بالنسبة للمستفيدين من تعليم النخبة، ومدراء الجواسيس وموظفي الحكومة البريطانية في كتبه التي صدرت في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي يتم تصويرهم بوضوح كـ"رؤية" مشوهة "للمؤسسة البريطانية في طور اللعب" كما عبر عنها ذات مرة، ومعرفة لو كاريه اللاذعة بشأن فراعين الطبقة الحاكمة وتكلفاتها ما بعد الحرب تساعد على جعل أنشطة جواسيسه تبدو معقولة بشكل مطلع على بواطن الأمور أيضاً، ومن العسير التصديق بأن موظفي اليوم الكبار في الغرف السرية يتمتعون بأسلوب الكلام الجذاب نفسه على حد سواء او انهم يمثلون الصميم المعتم للامتياز البريطاني بالطريقة نفسها تماماً، ولو كاريه يعي ذلك ويقضي في الحقيقة الكثير من الوقت يشخص أنماطاً احدث من تقديم الذات من النخبة من "فقير لندني مـُـفسـَـد متكبر" إلى "وصمة عار متمثل بالذين لا يتبعون أي طبقة المؤيدين لبلير. بيري ماكبيس و غيل بيركنز هما ثنائي بريء تم جره إلى عالم الجريمة وأجهزة الأمن في (النوع الذي نفضله من الخونة) – رواية لو كاريه الثانية والعشرين - هما رمزان كبيران، وبيري ميال لليسار يستبد به ضميره ولد أواخر سبعينيات القرن الماضي والذي يدرِّس اللغة الانكليزية في اوكسفورد، اما غيل – خليلته – فــإنها محامية شابة صاعدة، ويؤكد لو كاريه مراراً وتكراراً على الافتقار إلى الجلال في خلفيتيهما، إذ كان والدا غيل ممثلين يضربهما الإملاق (على الرغم من أن والدها قد خلف لها شقة في (برمروز هل) في حين أن بيري "الابن المتعلم في مدارس الدولة (ابن) لمدرسـَـي ثانوية" يدين باسمه الأول الأنيق لـ "اسقف ميثودي (منهجي من إتباع الحركة الدينية الإصلاحية في اكسفورد بقيادة تشارلز وجون ويزلي عام 1729 محاولين إحياء كنيسة انكلترا) مهيج للدهماء من القرن التاسع عشر اسمه آرثر بيريغرين من هودرسفيلد"، ومع ذلك وفي الواقع يعبر بيري كنموذج مدارس عامة متسق بلا هوادة ومدمن على التنس و رياضات جبال الألب وطالب دراسات عليا في وودهاوس ومزوَّد – كمثل الكثير من شخوص لو كاريه – بطبقة من الوطنية الرومانسية.واذ يثبط طلابه همته يقرر بيري مغادرة اوكسفورد وفعل شيء أكثر نفعاً، ولكنه أولاً – بفضل ميراث عرضي وربما ليس بشكل معقول تماماً بالنسبة لأكاديمي يساري يبلغ الثلاثين – يصطحب غيل في إجازة ممتازة للعب التنس في انتيغوا، ويفصِّـل الثلث الأول من الرواية مصادفتهما في هذه الإجازة لمتنفذ ثري روسي ذي شخصية مؤثرة يـُـعرَف بـ (ديما) الذي يعرِّف عن حضوره بطلب مباراة تنس – وهي الأولى من عدة مباريات في الكتاب، ولدى ديما دافع خفي لجذب الثنائي الانكليزي الى مداره، حيث انه غاسل أموال دولي واسع النطاق قد وضعه زملاؤه ذوو العقول القتيلة تحت الإقامة الجبرية الفعلية ويتمنى التفاوض على صفقة مع المخابرات البريطانية مستخدماً بيري كوسيط، وبالعودة إلى المملكة المتحدة يتصل بيري ببعض أفراد الشرطة السرية الذين تلوح الحكاية بوجهة نظرهم فيما يرسم لو كاريه شبكة من المصرفيين والسياسيين الناشرين للسطوة والمتورطين بالفساد ومن الأموال الروسية الملوَّثة. ومع ذلك فللكتاب الكثير من اللمسات الحسنة، فخلفية ديما في عالم الجريمة الروسية محشوة قليلاً وبشكل قابل للتصديق ويزين لو كاريه بشكل مبتهج الطرف البريطاني من خط مكيدة الفساد مع تلميحات مخفية بالكاد ومقرفة تشير إلى ملحمة جورج اوزبورن وبيتر ماندلسون و أوليغ ديريباسكا، كما ان هناك سجية تخلو من الهم لاختياراته للتصوير، فأحد لقاءات التنس يكون مدبـَّــراً في الحجيرات في بطولة فرنسا المفتوحة بالتنس مما يسمح بكتابة بضعة فقرات عن روجر فيديرير، واذا كن
لو كاريه - التنس والفساد والرعاع
نشر في: 14 مارس, 2011: 04:55 م