الكتاب: ثروة رومانوفتأليف: سولومون فولكوفترجمة: ابتسام عبد اللهموضوع هذا الكتاب غريب ومثير للدهشة. فهو لا يعتبر تاريخاً للثقافة، وليس هو دراسة أدبية. والمؤلف فوكوف يتجاهل البحوث الأدبية المتعلقة بعمله، ويفضل إنجاز كتابه عبر اعتماده أحداث ومقاطع من سيرة حيلة عدد من الأشخاص، من اجل الاقتراب من الشخوص التي تناولها. وقد يكون الكتاب ممتعاً، ولكنه يفتقر إلى التحليل.
إن المشكلة التي يعاني منها الكتاب، هي الحنين إلى الماضي، وإلى أيام حكم أسرة رومانوف. وسولومون فونكوف عالم موسيقي، نشأ في الاتحاد السوفيتي، قبل استقراره في الولايات المتحدة الأمريكية في أعوام السبعينيات، وهو شهير بكتاب أصدره سابقاً، عن مقابلاته مع عدد كبير من الفانين الروس ومنهم ديمتري شوستاكوفيج، جوزيف برودسكي. وقد عُرف أيضاً بتسييس الفن على حساب البحث.وفي كتابه،" ثروة رومانوف"، يجد النقاد أيضاً حنيناً الى الماضي وحكم القياصرة. فالقيصر نيقولا الأول، يبدو حاكماً طيباً، تصرف بحكمة عند إعادة الشاعر الكسندر بوشكين من المنفى. ويتحدث فولكوف عن اللقاء الذي تم بين الاثنين في عام 1826، وعن سؤال القيصر للشاعر، إن كان قد تخلى عن أفكاره المتطرفة، فأجاب الشاعر متردداً، إنه قد فعل. وكما نعرف من التاريخ أن بوشكين، في خلال مراحل عمله ونفيه، قد وصل إلى قناعة، أن يكون"كتاب الدول"، بحيث إن القيصر يأخذ بنصائحه. ونيقولا الأول، عيّر ذلك الحلم، وأمر بعدم إخضاع قصائد بوشكين لأية رقابة ماعدا رقابته الشخصية. وقد بدا ذلك للاثنين تسوية مربحة. ولكن فولكوف لا يشرح بشكل مفصّل أن ذلك الإجراء كان مؤقتاً. إذ تم وضع بوشكين تحت رقابة دقيقة للشرطة السرية، وكان الشاعر مراقباً باستمرار، أينما يتوجه. ولم يكن يسمح له بمغادرة البلاد دون موافقة خاصة، عدا أن كل كلمة يكتبها، ترسل إلى القيصر لتنال موافقته.ولم يصبح بوشكين،"كاتب الدولة"، كما يعترف فولكوف بذلك، ومع ذلك يغيب عن باله الإشارة إلى العنف والقسوة التي سادت روسيا في خلال حكم القيصر نيقولا، أو ما كان يدور في البلاط. وفي نهاية الأمر قتل بوشكين في مبارزة بالسيف، إذ كان استدان مبلغاً من المال، ولم يتمكن من إعادته، فغرق في اليأس. والمؤلف لا يصف عذاب بوشكين في تلك الأيام، ويعمد إلى الاستعانة بوصف الباحث يوري لوتمان عن أيام القيصر الزاهية، بدلاً من وصف حكمه الفردي وأيامه التي اتسمت بالعنف.واغرب فصول الكتاب، ذلك المختص بتشايكوفسكي. ولم يتحدث فولكوف عن موسيقى تشايكوفسكي وعبقريته، بل يفضل الحديث عن أهوائه الشخصية، واصفاً إياه بالشذوذ، فردياً وقد وصفه الكاتب بالإنسان المحطم، وشخصية غير سوية يخضع مشاعره لموسيقاه. وفي النهاية، فإن الكتاب يترك القارئ في حيرة من أمره بعد أن يقدم صور خيالية عن أيام القيصر نيقولا الأول وأسرة رومانوف التي ترعى الأدب: فالقيصر الكسندر الثالث يصغي بانتباه إلى سمفونية بحيرة البجع، ونيقولا الثاني يقرأ قصص تولستوي بابنه، مع علمنا أن العوائل السعيدة في تلك الأيام لا تحكي عن شقاء الفانين والكتاب.rnعن/ النيويورك تايمز
الشاعر بوشكين والقيصر نيقولا
نشر في: 14 مارس, 2011: 04:56 م