TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > رفض كنسي واسع لتعديل الأوقاف: تهديد للخصوصية الدينية وفتح لباب التدخلات

رفض كنسي واسع لتعديل الأوقاف: تهديد للخصوصية الدينية وفتح لباب التدخلات

نشر في: 16 سبتمبر, 2025: 12:04 ص

بغداد / محمد العبيدي
تتصاعد موجة اعتراضات داخل أوساط المكوّنات في العراق على خلفية مقترح تعديل قانون أوقاف الديانات المسيحية والإيزيدية والصابئة المندائية، وسط تحذيرات من أن الصيغة المطروحة قد تُفضي إلى تقليص استقلال إدارة الأوقاف وإتاحة التدخلات أمام القوى السياسية.
ويأتي الجدل بالتوازي مع مساعٍ برلمانية لمنح المقترح مسارًا تشريعيًا سريعًا، بدعوى "تنظيم تمثيل الطوائف" وتوحيد المرجعيات الإدارية.
وبحسب الصيغة المتداولة، والمدعومة من كتلة "بابليون" وكذلك رئاسة ديوان الأوقاف، فإن التعديل يقترح تغيير اسم "ديوان أوقاف الديانات المسيحية والإيزيدية والصابئة المندائية" إلى "ديوان الطوائف الدينية في العراق"، وربطه بمجلس الوزراء مع منحه الشخصية المعنوية.
ويعرّف المشروع المسيحية والإيزيدية والصابئة المندائية باعتبارها "أديانًا"، بينما يمنح طوائف مسيحية متعددة، إضافة إلى "الطائفة اليهودية"، صفة الشخصية المعنوية. كما يتيح لمجلس الوزراء، بقرار يُتخذ بأغلبية الثلثين ويصدر بمرسوم جمهوري، إضافة طوائف جديدة أو إلغاء الاعتراف بطائفة قائمة.
ويمضي المقترح إلى رفع درجة رئيس الديوان إلى مرتبة وزير، وتثبيت تمثيل واحد لكل طائفة مسيحية، وتمثيل واحد للإيزيدية وآخر للصابئة، مع النص على توزيع الموازنة الاستثمارية على الطوائف الدينية "وفق مبدأ المساواة والعدالة"، عبر نظام خاص يُصدره مجلس الوزراء.
وفي "الأسباب الموجبة"، يروّج الداعمون لفكرة أن التعديل سيُحسّن أوضاع الطوائف ويُمكّنها من ممارسة شعائرها، غير أن معارضي المشروع يرون أن هذا الإطار يمنح السلطة التنفيذية مفاتيح حساسة على حساب استقلال المرجعيات الدينية.
ورفض المتحدث باسم ديوان الأوقاف التصريح لـ(المدى) بشأن سبب تقديم مسودة تعديل القانون، والموجبات لذلك.
رفض الكنيسة الكلدانية
وأعلنت الكنيسة الكلدانية رفضًا قاطعًا للتعديل، ووصفت الطرح بأنه "إسفاف بحقها"، مؤكدةً أنها لن تتعامل "جملة وتفصيلًا" مع رئيس الديوان الحالي، ومهددةً باللجوء إلى الشارع والمحافل الدولية إن مُرّر المقترح.
وأوضحت في بيان أن المجلس الذي صاغ التوصية "غير معترف به من الدولة، بل هو اتفاق بين الكنائس"، مشيرةً إلى أن "مجلس رؤساء الكنائس" يُعدّ منحلاً منذ انسحاب الكنيسة الكلدانية منه، وهي التي تمثل غالبية مسيحيي العراق.
كما نشرت البطريركية الكلدانية على موقعها الرسمي بيانًا انتقد فيه تغيير اسم الوقف وربطه برئيس الوزراء، ومنح مجلس الوزراء صلاحية إلغاء الاعتراف بأي طائفة، وشدّد على أحقية رؤساء هذه الديانات بتسمية رئيس الديوان، أسوةً بما هو معمول به في الوقفين الشيعي والسنّي.
تهديد لاستقلالية الطوائف
بدوره، أوضح سكرتير الحركة الديمقراطية الآشورية يونادم كنا أن "صياغة المشروع لم تتم بمشاركة جميع المرجعيات الدينية، كما أن الكنيسة الكلدانية، كبرى الكنائس المسيحية في العراق، لم تشارك في إعداده، إضافة إلى غياب تمثيل الإيزيديين والصابئة المندائيين".
وأضاف لـ(المدى) أن "تمرير المشروع بصيغته الحالية قد يتيح للحكومة التدخل المباشر في شؤون الطوائف الدينية، خصوصًا ما يتعلق بطريقة اختيار رئيس ديوان الأوقاف"، مبيّنًا أن "القانون النافذ يمنح المرجعيات الدينية حق ترشيح أسماء لشغل المنصب ليختار مجلس الوزراء أحدهم، بينما يدفع التعديل باتجاه سلطة تعيين مباشرة، وهو ما يقوّض استقلالية الطوائف في إدارة أوقافها وشؤونها".
وحذّر كنا من أن "الدوافع وراء هذا المشروع قد تكون ذات أبعاد سياسية بحتة"، لافتًا إلى أن غالبية المرجعيات والشخصيات الدينية عبّرت عن رفضها. في المقابل، أصدر عدد من رؤساء الطوائف المسيحية في بغداد بيانًا أكدوا فيه أن مشاركتهم جاءت استجابة لدعوة رسمية من رئيس الديوان الحالي لعقد اجتماع تشاوري، وأن ما طُرح لم يكن سوى مقترحات أولية للنقاش وتبادل الرأي، وليست قرارات نهائية أو متفقًا عليها.
وأوضح البيان أن "الهدف من الاجتماع كان بحث إمكانية تحديث القوانين النافذة بعد مرور أكثر من 12 عامًا على إقرارها، بما ينسجم مع تطورات الواقع ويعزز مبدأ المساواة بين الطوائف".
ورفض رؤساء الطوائف المسيحية ما وصفوه بـ"محاولات التضليل"، معتبرين أن الهدف من الترويج لهذه الادعاءات هو خلط الأوراق واستغلال الملف لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة. كما شدّدوا على أنهم غير معنيين بأي تدخلات خارجية، وأن خصوصية الأديان المشمولة محفوظة بعيدًا عن أي أجندات سياسية أو صراعات إقليمية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram