ترجمة: حامد أحمد
تناول تقرير لصحيفة The Art Newspaper البريطانية حركة السياحة في منطقة بابل الأثرية، وكيف أن مشاريع ترميم يرعاها صندوق التراث العالمي WMF عملت على انتعاش الجانب السياحي والثقافي في المكان، وشملت الجدار الشمالي لبوابة عشتار مع معبد تاريخي، وذلك ضمن مشروع «مستقبل بابل» الذي يهدف إلى توثيق المواقع الأثرية وحمايتها من الضرر.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن السياح سيعودون بعد غياب مع قرب اكتمال مشروعين تابعين لصندوق التراث العالمي WMF في موقع مدينة بابل التاريخية، حيث يتضمن أحد المشروعين معالجة أضرار المياه الجوفية في الجدار الشمالي لبوابة عشتار، والمشروع الثاني هو ترميم معبد نينماخ.
ويأمل الفريق في إعادة افتتاح رسمية للمعبد هذا الخريف، ليصبح متاحاً لإقامة التجمعات مثل حفلات الزفاف والحفلات الموسيقية، بالإضافة إلى مهرجان بابل، وهو احتفال بالثقافات الدولية يُقام كل ربيع.
ويشير التقرير إلى أن المشروع مُموَّل بشكل كبير من قِبل السفارة الأمريكية في بغداد، ويأتي ترميم المعبد والجدار الشمالي ضمن مشروع «مستقبل بابل» الذي انطلق قبل 15 عاماً، والذي يهدف إلى توثيق المباني، وجعلها مقاومة للماء، وتثبيت هياكلها في جميع أنحاء الموقع الذي يمتد على مساحة 2500 فدان. (ألغت السفارة الأمريكية تمويلاً لمسار كان مخططاً ليمتد عبر موقع بوابة عشتار في تموز بسبب تخفيضات في الميزانية).
يتزامن اكتمال هذين المشروعين مع ازدهار السياحة. حتى في حرارة منتصف النهار، يستكشف الزوار من رومانيا وروسيا وإيران بحماسة معالم المدينة، بما في ذلك أسد بابل المحفوظ على نحو جيد، والطريق الاحتفالي، والمتحف بجوار بوابة عشتار المُعاد بناؤها.
عودة السياحة التراثية تُعد واحدة من قصص النجاح القليلة في العراق مؤخراً. حتى مع استمرار التوترات الطائفية، وعدم إعادة تشغيل شبكة الكهرباء بعد 22 عاماً من تدميرها خلال الغزو الأمريكي، تشهد بابل ولادة جديدة.
يقول رعد حميد عبد الله، مفتش الآثار والتراث في بابل، لصحيفة The Art Newspaper: «شهدنا أعداداً قياسية من الزوار هذا العام». في 2024، استضافت بابل 43,530 سائحاً عراقياً و5,370 سائحاً أجنبياً، بزيادة عن 36,957 زائراً عراقياً و4,109 زوار أجانب في 2023، حسب قوله.
ويضيف عبد الله: «الآن حتى سكان المدينة المجاورة بابل يأتون. أصبحت مرة أخرى مكاناً شعبياً للتجمعات العائلية وحفلات الزفاف». ويقول بفخر: «بابل رمز للعراق».
تقع بابل على بعد نحو 80 كم جنوب بغداد، وتشمل آثار المدينة القديمة وكذلك القرى والمناطق الزراعية المحيطة، وتُعتبر مدينة صامدة. من ذروتها كعاصمة للبابليين تحت حكم الملك نبوخذ نصر الثاني، وحتى الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وما تسبّب به تواجد الجنود الأمريكيين والبولنديين في الموقع من أضرار على آثارها، ومن ثم لاحقاً تهديدات تنظيم داعش لوجودها، فقد شهدت المدينة القديمة أحداثاً متتالية.
ويشير التقرير إلى أن موقع بابل الأثري نجا من عقود من النهب والتحديات البيئية المستمرة. كما ألحق البناء ضرراً على مر السنين. ففي 1927، شق البريطانيون خط سكة حديد عبر الموقع، وفي الثمانينيات، بنى رئيس النظام السابق صدام حسين طريقاً سريعاً عبر جزء منه، إضافة إلى قصر له مزوَّد بمهبط للطائرات. ولا تزال هناك ثلاثة خطوط أنابيب نفط غير عاملة، اثنتان بُنيتا في السبعينيات والثمانينيات، وثالثة أحدث وقد أُوقف العمل عليها بعد رفع هيئة الآثار والتراث العراقية دعوى قضائية في 2012. ولم تُعترف بابل كموقع تراث عالمي لليونسكو إلا في 2019.
الآن، يعمل المهندس المعماري المصري أحمد عبد الجواد، خبير مباني الطابوق الطيني، مع صندوق التراث العالمي لتدريب السكان المحليين على الفن التقليدي المناسب لمعبد نينماخ.
أدّى تضرر المعبد بسبب الحروب والإهمال، إلى جانب أساليب إعادة الإعمار غير الناجحة في منتصف القرن، إلى مشاكل هيكلية خطيرة. التآكل الناتج عن دخول المياه الجوفية المالحة نتيجة الجفاف الطويل وتعرية التربة يُمثل تهديداً مستمراً في العراق المعرَّض للتغير المناخي.
يقول عبد الجواد: «كان القوس عند مدخل الحرم الداخلي لمعبد نينماخ على وشك الانهيار في 2022. اضطررنا لتفكيك القوس القديم بالكامل وإعادة بنائه بالطوب الطيني».
يقول أسامة هشام، مدير مشروع مستقبل بابل: «هذا هو أول قوس يُرمَّم بالكامل من الطابوق الطيني في العراق».
ويضيف هشام أن المعبد الآن يتكون من خشب الحور من غابات الموصل في شمال العراق، وطين من بابل، وقصب من الأهوار في الجنوب. أصبح مكان رمز قلب العراق مُرمماً بمواد من مختلف أنحاء البلاد.
ويذكر التقرير أن بوابة عشتار الزرقاء المذهلة، التي بناها نبوخذ نصر الثاني على القوس الأصلي، تفتت تدريجياً بعد سقوط الإمبراطورية البابلية في القرن السادس قبل الميلاد. نسخة مقلدة، وُضعت في خمسينيات القرن الماضي، تستقبل الآن الزوار في بابل.
يتمنى الكثير من العراقيين إعادة بناء بوابة عشتار المأخوذة إلى متحف بيرغامون في برلين، المصنوعة من شظايا الأحجار التي استخرجتها الجمعية الشرقية الألمانية من 1899 إلى 1917.
لكن هشام يشير إلى أن بوابة عشتار في برلين ليست سوى 20% أصلية، بينما البوابة في بابل هي 80% أصلية.
عن The Art Newspaper










