حاوره: علاء المفرجيكنت وما أزال ليبرالي التفكير، لم تشغلني الأيديولوجية يوماً، الأمر الذي جعلني محاصراً في النشر، لكن لا النشر ولا النجاح اليومي السريع كانا يشكلان هاجساً بالنسبة لي، كان في ذهني مشروع واحد: أن أصبح كاتباً... البحث عن الهوية هي معضلة كل عراقي اليوم،
ليس بالمعنى الفلسفي والوجودي وحسب، بل حتى بالمعنى الحياتي اليومي المعاش..هكذا يلخص الروائي نجم والي تجربته التي تمتد على نحو اكثر من ثلاثة عقود.. المدى حاورت والي خلال زيارته الاخيرة الى بغداد.* أُطلق عليكم جيل السبعينات، تُرى ما الذي تبقى من تلك الأيام؟- من الأفضل أن تقول جيل الجبهة الوطنية.....* حسناً..جيل الجبهة الوطنية..؟- لطيف أن نبدأ بمزحة، ولكن لنترك المزاح جانباً. لسوء حظ ما أُطلق عليه جيلي أنه عاش الفترة التعيسة تلك، لأن المعركة الأيديولوجية كانت على أشدها، فمن جهة قدم الشيوعيون أدباءهم في جريدة الفكر الجديد وطريق الشعب، ومن الناحية الأخرى قدم البعثيون أدباءهم لكن بحلة مزينة وبالألوان في مجلة ألف باء، خزعل الماجدي ومرشد الزبيدي وعبدالمطلب محمود وأمين جياد وغيرهم، الطريف في القضية كلها، هو أنهم جميعهم شعراء، وكأننا عدنا إلى الحرب البدوية القديمة بين القبائل، الشعراء بصفتهم ناطقين بإسم القبيلة، المعركة كانت محسومة طبعاً هنا، لأن الغلبة لقبيلة صدام، كانت عندهم الدولة والجيش والمؤسسات. على هامش هؤلاء عاش طرف ثالث خارج المعسكرين، طرف هاجمه الإثنان، في السبعينات كان من الصعب لمثقف أن يبقى مستقلاً، لأن الطرفين نظرا له بعين الريبة. كان النشر صعباً بالنسبة لكاتب مستقل، خاصة في المجالات غير الشعرية، كتابة القصة او المقالة، عن أي موضوع تكتب وأية قصة تروي، وعيون العسس تحاصرك في كل مكان أو والصحافة الحكومية تسبح بحمد صدام؟ لهذا كنت أنا مثلاً مقلاً في النشر، فحتى خروجي من العراق لم أنشر غير 4 قصص قصيرة، في طريق الشعب، وألف باء والطليعة الأدبية والأديب المعاصر، رغم أنني كنت حاضراً في المشهد الأدبي ومحسوب على جيل السبعينات. نعم كنت وما أزال ليبرالي التفكير، لم تشغلني الأيديولوجية يوماً، الأمر الذي جعلني محاصراً في النشر، لكن لا النشر ولا النجاح اليومي السريع كانا يشكلان هاجساً بالنسبة لي، كان في ذهني مشروع واحد: أن أصبح كاتباً، وكنت أعرف، أنني أنجح بذلك فقط إذا حافظت على إستقلاليتي، تطلع حولك ما حدث بعد ذلك، أغلب أدباء جيلي أضاعتهم الأيديولوجية، الحداثة التي تحدثوا عنها ضاعت، من جهة في المنفى في مكاتب المنظمات الفلسطينية الفاسدة في "جمهورية" الفاكهاني في بيروت، ومن الجهة الأخرى في داخل العراق وهي تنشد للحرب والقتل والعدوان والدمار. لابد من الحديث عن ذلك وتذكره لأن مشهداً شبيهاً يتكرر اليوم، عاد شعراء القبيلة الذين يدافعون عن هذا الحزب أو ذاك، وبالذات أديب السلطة، في السبعينات عندما تسلط الشعراء البعثيون على المشهد سحبوا معهم العديد من الشباب الذين بدأوا بكتابة الشعر للتو، كانت المكافآت والوظائف مغرية، ولم يفلت من قبضة الإغراء إلا القليل. أقرأ الصحافة الحكومية، سترى أسماء تتكاثر مثل نبات الفطر، المعركة الأيديولوجية اليوم في العراق تكرر نفسها بلبوس آخر، بلبوس الدين. فمن جهة أدباء السلطة، ومن الناحية الأخرى أدباء الهامش.rn* كيف تنظر لمستقبل الطرفين؟- النتيجة معروفة دائماً، ليس في العراق وحسب، من يتذكر اليوم في ألمانيا الأدباء الذين خدموا هتلر، أو في أسبانيا الأدباء الذين خدموا فرانكو؟ في النهاية لن يبقى غير الأدب الذي يُكتب خارج كل سلطة. السلطات والسلطات التي تعاقبت في العراق ليست إستثناء، لا تنتج غير أدب هش. لحسن الحظ هناك هامش من الحرية اليوم للكاتب المستقل في الصحافة غير الحكومية أو في النشر خارج العراق.rn* في صورة يوسف اشتغلت على تعدد الهويات وهو امر اشتغل عليه الكثير من الروائيين العراقيين خلال العقد الاخير... هل ترى ان الرواية العراقية في توجهاتها الجديدة اخذت تهتم بالسؤال اكثر من الواقع؟- فيما يخصني اشتغلت على تعدد الهويات قبل صورة يوسف، في رواية "تل اللحم"، بدأت كتابة الرواية عام 1991 وصدرت عن دار الساقي عام 2001، وكانت حسب ما أعتقد أول رواية عراقية يتم الحديث فيها بصوت علني عن تعدد هويات العراقيين، ففي "تل اللحم" المكان والذي كان من ضمن ما كان نقطة تفتيش أو جيك بوينت توقفت عندها القوات البرية لقوات التحالف في زحفها على بغداد في ربيع 1991، التقى بشر قادومون من مدن عراقية عديدة، أصولهم الدينية أو تربيتهم وانحداراتهم الطبقية مختلفة، فيهم المسلم بشقيه السني والشيعي والمسيحي والصابئي وحتى اليهودي، العربي والكردي والتركماني، خريجو جامعة وخريجات، صواعيد نخل وديّاكون، تجار أعضاء بشرية وقوادات..ألخ، كان عليّ بعد نشر الرواية تحمل الهجوم الذي شنه نقاد أيديولوجيون بتهمة تمزيق وحدة الشعب العراقي وعروبته..ألخ من التخريجات التي عودنا عليها هؤلاء. بعد 9 أبريل 2003 ونشأة مجلس الحكم كان عليّ أن أضحك، قلت هاهم النخبة السياسية في العراق يجلسهم أميركي على الكرسي حسب الحروف الأبجدية وحسب طوائفهم وديا
الروائي نجم والي:أنا متفائل بظهور جيل روائي عراقي جديد..ومستقبل باهر للرواية
نشر في: 14 مارس, 2011: 04:59 م