TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > غـودولييه.. جونـاثان ري.. وآخـــرون

غـودولييه.. جونـاثان ري.. وآخـــرون

نشر في: 14 مارس, 2011: 05:02 م

سعد محمد رحيمكان السقوط الدراماتيكي المروّع للتجارب الاشتراكية التي تبنت الإيديولوجية الماركسية مناسبة محفِّزة للعودة إلى منابع الماركسية وقراءة نصوصها، وتقويمها ونقدها، مجدداً، في ضوء التطبيق (الممارسة)وعقابيله ودروسه المريرة. وكانت الحصيلة تعريض افتراضات الماركسية ومفاهيمها ومقولاتها، كلها، لمراجعة صارمة مشككة، بدا معها وكأن كامل البنيان الإيديولوجي التقليدي للماركسية على وشك التقوّض والانهيار. ولم يعد سوء التطبيق، في نظر كثـر من الماركسيين ومنتقديهم هو العلّة في ذلك السقوط. وليس أيضاً عدم استيعاب الماركسية بشكل جيد من قبل النخب الحزبية الحاكمة، وإنما هي (أي العلّة)كامنة في بعض أسس النظرية ذاتها.
وحتى لمنظِّر إيديولوجي كبير في الحزب الشيوعي السوفيتي مثل الكساندر ياكوفليف؛ لم تكن مسؤولية ما جرى تقع على عاتق لينين وستالين وحدهما، بل وعلى عاتق ماركس نفسه، كذلك. هذا ما قاله ياكوفليف في العام 1991. ومنذ ذلك التاريخ تنوعت الأبحاث والدراسات التي حاولت تمحيص الماركسية (نظرية وتطبيقاً)ووضعها على طاولة التشريح النقدي. وانطوت تلكم المحاولات إما على سوء النية، كما عند بعضهم، أو على الحرص على مصير الماركسية، ومن ثم على قضية الثورة البروليتارية والاشتراكية كما عند بعضهم الآخر. فالتمسك الأعمى والعنيد بالمفاهيم والمقولات والرؤى النظرية وتخطئة الواقع العياني المتقلب والمعقد الذي يمكنه، في كثر من الأحايين، أن يذلّ أي تصور وأية رؤية أفضى إلى سلسلة من الإخفاقات المؤسفة. ولسنوات طويلة جُمِّدت الماركسية، وحُجب أفقها النظري، وخُنقت طاقتها على التجدد والتوليد خضوعاً لمقتضيات السلطة وشروط الصراع السياسي (الداخلي والدولي ). وكما تقول سوزان فوسبر فإن من الواضح "أن الدول الجديدة تحتاج إلى إيديولوجيات تشرعنها، وأن هذه لن تكون إيديولوجيات نقدية. ومن المؤكد أن استخدام الماركسية بهذه الطريقة أضعف استخدامها اللاحق كأي شيء سوى عقيدة للدولة. وإن افتقار نظام الحكم افتقاراً مزمناً إلى الشرعية جعل تحويل هذه الشرعية إلى دوغما سلطوية ضرورة وظيفية". وفيما بقي ماركس قرابة أربعة عقود يدرس كيفية نشوء النظام الرأسمالي ويراقب حركة تطوره ويحلل قوانينه وأزماته ويستقرئ مصيره في ضوء منهجه المادي التاريخي فإنه لم يضع نظرية متكاملة في الاشتراكية. وبتعبير سوزان فوسبر "فإن الماركسية قدّمت تحليلاً مفصلاً للرأسمالية ولكنها لم تقل شيئاً يُذكر، أو لم تقل شيئاً على الإطلاق عن بناء الاشتراكية". وإذ يجزم سامي دانيال بعدم وجود اقتصاد سياسي للاشتراكية يستشهد بقول أليك نوف؛ "لم يكن ماركس معنياً، بالحساب، والتقويم، والمعايير، والخيار، وصنع القرار العقلاني أو تنظيمه، في ظل الاشتراكية". ولذا فإن عمليات البناء أصبحت، في الغالب، أسيرة قانون  (لتجربة والخطأ) والاجتهادات والفرضيات التي عوملت معاملة النصوص والتعاليم الثابتة والنهائية. وصار أي اجتهاد آخر وأية رؤية جديدة بمثابة الهرطقة التي يجب محاربتها بلا هوادة. فجفت منابع الإبداع النظري والعملي، وتراكمت الأخطاء، وبات السقوط محتماً، ومسألة وقت ليس إلاّ. تعاطى ألتوسير مع الماركسية بعدِّها علماً، لكن العلم الماركسي لم يخلُ من مسحة طوباوية، وبُعد حلمي ما كان له أن يصمد أمام الامتحانات القاسية للواقع ومُكر التاريخ.. كان ماركس علمياً، إلى حد بعيد، وهو يحلل ويفسِّر، لكنه لم يكن كذلك، تماماً، وهو يتنبأ. ويتجلى الإخلاص لماركس في أن لا نأخذ ماركس كله بعدِّ نصوصه من ألفها إلى يائها، مقدّسة. وأظنه أيضاً لم يرد ذلك. يحدد موريس غودولييه بعضاً من أبرز مظاهر تلك المسحة الطوباوية فيقول؛ "وعلى الرغم من رغبة ماركس في جعل خطابه علمياً، لم يستطع التخلص من الإغراء الطوباوي، فهو في رأس المال، ونقد برنامج غوتا، يلمِّح لنا، هنا وهناك، في بعض عباراته، أن عصراً ذهبياً سيأتي، في مستقبل بعيد، حيث تختفي الطبقات الاجتماعية والدولة، وسيكف العمل عن أن يكون ضرورة، وحيث كل سيتسلم أجره حسب حاجته. وباختصار، عصراً ستخطو فيه الإنسانية، أخيراً خطواتها الأولى في مملكة الحرية". يحاول غودولييه كسر تلك الحلقة الميكانيكية التي تربط علاقات الإنتاج بتطور القوى المنتجة ليجد بين المتغيرين الأساسيين آصرة جدلية أكثر معقولية وانفتاحاً من تلك التي روّجت لها طويلاً الماركسية الأرثوذكسية.. يقول؛ "ليس تطور القوى المنتجة هو الذي يولّد أشكال الإنتاج الاجتماعية الجديدة. وإنما ظهور أشكال اجتماعية جديدة وتطورها هما اللذان يُحدثان تطوراً في القوى المنتجة الجديدة. وبشكل عام لا تتطور القوى المنتجة، مادية أو روحية، بذاتها وإنما في سياق تاريخي محدد، ولأسباب اجتماعية ، مهما كانت طبيعتها". ويشير علي شمسفاري إلى أن تراكماً هائلاً للرأسمال قد حدث في مرحلة الرأسمالية التجارية بين القرنين السادس عشر والثامن عشر وتطور النظام الرأسمالي تبعاً لذلك من غير "حصول أي انطلاقة تكنولوجية رئيسية، وهذه هي "مرحلة التطور المتزامن لعلاقات وقوى الإنتاج قامت فيها علاقات الإنتاج الرأسمالية عموماً بتكييف وتشكيل قوى الإنتاج القديمة... وليس تثوير تلك القوى. هكذا فإن العلاقة بين قوى الإنتاج وعلاقاته كانت أعقد بكثير من علاقات السببية التي تسير في اتجاه واحد".  ويمضي شمسفاري في قراءته التاريخية إلى استنتاج أن الثورات ذات الطابع الثقافي والاجتماعي والسياسي (عصور النهضة والإصلاح الديني والتنوير، والثورات؛ الإنكليزية والأميركية والف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram