TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: البرلمان شركة مساهمة

العمود الثامن: البرلمان شركة مساهمة

نشر في: 18 سبتمبر, 2025: 12:39 ص

 علي حسين

هل تريدون الفوضى، أم مجلس نواب ظريف وخفيف الظل يجنبكم الوقوع في أهوال المصائب؟.. هذا السؤال أصبح يطرح هذه الأيام وبقوة.. كيف تريدون غلق باب مجلس النواب، والسادة النواب "المساكين" جاهدوا واجتهدوا ولم يقبضوا شهرياً سوى "30 " مليون دينار تضاف لها عمولات المقاولات والمشاريع والتعينات .
يردد المقربون والمنتفعون من مجلس النواب شريطاً غنائياً واحداً: إنكم تريدون إسقاط التجربة الديمقراطية الوليدة، والالتفاف على إرادة الجماهير، وإجهاض العملية السياسية.. وبلغت الشعارات حد أن البعض قال: إذا كنتم مصرون على احداث تغيير.. فليس هناك من حل سوى رفع علم ايران في عموم العراق ، وان يسيطر الحرس الثوري على المحافظات العراقية .. هذه كانت آخر بدع جهابذة المحطات الفضائية .
فيما العراقيون يعيشون وسط خطابات زائفة ومقيتة عن الديمقراطية وإرادة الناس وإعادة انتاج نظام لا يعرف إلا لغة السمع والطاعة.. وجدنا مجلس النواب " الموقر " يصرف اكثر من 400 مليار دينار رواتب ومخصصات للسادة النواب الذين لم يدخلوا المجلس على مدى الاربع سنوات ( 1460 يوم) سوى مئة مرة فقط ، وقد اخبرنا احد النواب مشكورا انهم ليسوا طلاب مدرسة حتى يحضرون جلسات البرلمان كل يوم .
نواب وسياسيون يحذروننا هذه الأيام من أن العراق سيمر بظرف عصيب، لو أن الشعب لم يأخذ "الحيطة والحذر" من الأعداء الذين يتربصون به.. يتحدثون كل يوم عن الكارثة التي تنتظرنا لو أننا تجرأنا على مجرد التفكير في المطالبة بالإصلاح السياسي، ففي خطابات متشنجة تعيش على بث الرعب والفزع في نفوس العراقيين، خطابات يذرف أصحابها الدموع، كذباً، دفاعاً عن الأمان والاستقرار، متناسين أن "الحيطة والحذر" التي صدعوا رؤوسنا بها لم تجلب للناس سوى الفشل وسرقة المال العام .
دعك من كل ذلك، وفكر قليلاً في الفرق بين الأداء "العظيم" لمجلس النواب العراقي، وأداء مجالس النواب "العقيمة" في بلدان العالم، ففي برلماننا هناك مناقشة علمية رصينة ومحترمة لجميع جوانب الحياة العراقية، ويستمتع المواطن كل يوم برؤية نائب أو نائبة يتجول أو تتجول في الشوارع لسؤال الناس عن أحوالها، ويمكن اعتبار إطلالة البعض منهم في الفضائيات، نموذجاً للديمقراطية الحديثة، فيما لا تزال مجالس النواب في دول العالم منقسمة في تعريف معنى العدالة الاجتماعية التي يتمتع بها جميع سكان بلاد الرافدين ، بل أن العديد من البرلمانات لم تدخلها مفردة (عطلة) التي أصبحنا نباهي بها الأمم. بينما مجلسنا الموقر تحولت قاعته إلى ساحات للهتاف، ضد المرأة التي يريد لها البرلمان أن تبقى مواطناً من الدرجة العاشرة ، في الوقت الذي يخوض فيه النواب معركة داحس والغبراء من أجل أن يعيش النائب مرفهاً وسعيداً .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

عندما يجفُّ دجلة!

كلاكيت: المدينة والسينما حين يصبح الإسفلت بطلًا

مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاكرة

العمود الثامن: ماذا نريد من الانتخابات؟

 علي حسين قال لي أحد الزملاء هل أنت متفائل بنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت امس ؟ قلت له أنا"متشائل"على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أريد ألاّ أحترس...
علي حسين

قناطر: لا بندقية بيد الرئيس

طالب عبد العزيز مع أنَّ الخلطة غير المتجانسة هي الصفة العامة للمرشحين في الدورة الانتخابية الحالية، فهي نسيج غريب، ينطبق عليه المثل العراقي (من كل زيج رَكَّه)، أو هي (زبالة الخيّاط)، إلا أنه وبعد...
طالب عبد العزيز

مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاكرة

جورج منصور شكَّل الوجود المسيحي في بلاد النهرين، منذ نهايات القرن الأول الميلادي، امتداداً طبيعياً لتاريخ البلاد. هنا قامت أولى الكنائس، وتأسست المدارس والرهبانيات، وانطلقت منها الترجمات الأولى التي نقلت الفلسفة اليونانية إلى العربية...
جورج منصور

قراءة في كتاب (البعث كما عرفته)

زهير كاظم عبود يقدّم الكتاب بمقولة لقائد بعثي سابق (سامي الجندي) يقول فيها: أصبح البعثيون بلا بعث، والبعث بلا بعثيين، أيديهم ملطخة بالدم والعار، يتسابقون إلى القتل والظلم والركوع أمام مهماز الجزمة. تُعبّر الصراحة...
زهير كاظم عبود
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram