 بغداد/ تبارك عبد المجيد

تمر محافظة نينوى بمرحلة حرجة، حيث يتفاقم الفساد ويؤثر على القطاعات الحيوية والخدمات الأساسية، من البنية التحتية إلى المشاريع الاقتصادية والمطار الجديد الذي لم يبدأ عمله بعد رغم الإعلان الرسمي عن افتتاحه. ويشير خبراء محليون ومراقبون إلى أن هذه التحديات تؤثر مباشرة في حياة المواطنين، وتجعلهم ينتظرون بفارغ الصبر انطلاق مشاريعهم الحيوية وتحسين الخدمات في المدينة والمناطق المجاورة مثل سنجار.
يقول د. علي أُغوان أستاذ العلوم السياسية في حديثه لـ«المدى» عن أوضاع محافظة نينوى، إن «المحافظة تعيش مرحلة خطيرة من الفساد المستشري، رغم تجاوزها حرب الإرهاب». ويشير إلى أن ما يسمى بـ«المكاتب الاقتصادية» التابعة لأحزاب وجهات نافذة أصبحت تسيطر على قطاعات حيوية داخل المحافظة، بدءًا من المقاولات وأعمال التبليط والطرق والجسور، مرورًا بالقطاع الصحي وما يرتبط به من استثمارات في الأدوية وبناء المستشفيات، وصولًا إلى المطار الذي يخضع بدوره لتجاذبات ومصالح مرتبطة بهذه الجهات.
ويرى أُغوان أن «الفساد تحول إلى وباء يهدد استقرار نينوى، بل ويُعد امتدادًا لأحد أهم أسباب عودة الإرهاب بعد عام 2003، ليس في نينوى فقط بل في عموم العراق».
ويحذر من أن استمرار هذا التمدد سيجعل المواطن الخاسر الأكبر، إذ تُبنى ثروات هائلة على حساب أمنه ومعيشته، بينما تركز الأحزاب على تحقيق مكاسب شخصية و«ربح فاحش» بعيدًا عن مصلحة الدولة. ويشدد أُغوان على أن مرحلة الحرب على الإرهاب قد انتهت في نينوى، لكن معركة أكثر خطورة لم تبدأ بعد، وهي معركة مكافحة الفساد. ويضيف أن هذا الملف يتطلب إرادة سياسية جادة وعلاجات مباشرة من قبل الحكومة، حتى لا تتكرر المآسي ولا يُسمح للفاسدين بالسيطرة مجددًا على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
في النهاية، يخلص أُغوان إلى أن نينوى اليوم ليست سوى صورة مكثفة لمشهد عراقي أوسع، يعيش تراكمات كبيرة في ملفات الفساد والإدارة، مشيرًا إلى أن مواجهة هذه التحديات هي الخطوة الحاسمة نحو بناء استقرار حقيقي.
وأكد حجي شلال، مراقب الشأن المحلي في محافظة الموصل، أن المدينة بحاجة ماسة إلى افتتاح مطارها الجديد، مشيرًا إلى أن المطار افتُتح رسميًا على يد رئيس الوزراء، لكنه لم يبدأ العمل بعد، رغم مرور أكثر من شهرين على الإعلان الرسمي. وأضاف شلال أن شركات محلية وعالمية معنية بالمطار لم تتسلّم مشاريعها بعد، ما يعرقل بدء التشغيل الفعلي ويؤثر على المواطنين الذين كانوا يترقبون الاستفادة منه.
وأوضح شلال لـ«المدى» أن افتتاح المطار سيسهم بشكل كبير في تسهيل حركة السفر والتنقل للمواطنين الموصليين، إذ سيقلل المسافات بين الموصل ومطارات بغداد والسليمانية، كما سيسهل الرحلات الدولية والوصول إلى العراق من الخارج. وأكد أن المطار يمثل شريانًا أساسيًا لسكان المدينة، موضحًا أن أهالي الموصل يستحقون أكثر من مطار، وأن تشغيل هذا المطار سيخفف الجهد والتكاليف على المواطنين ويعزز النشاط الاقتصادي، خاصة في قطاع التجارة والشحن.
وعن التأخير المستمر في فتح المطار، أشار شلال إلى وجود ضغوطات أو عراقيل، مضيفًا: «كل ما يهمنا كمواطنين هو أن يبدأ المطار بالعمل بأسرع وقت».
وتطرّق شلال أيضًا إلى قضية الفساد وتأخر المشاريع في المحافظة، قائلاً إن بعض المشاريع مثل أعمال المجاري في سنجار تعاني من تأخير كبير بسبب المقاولين أو سوء التنفيذ، ما يعرقل حركة المواطنين ويزيد من معاناتهم اليومية. وأضاف أن هناك حالات طلب مبالغ مالية من الموظفين مقابل تنفيذ الأعمال أو الانتقال إلى مواقعهم، ما يعكس ضعف الرقابة في الدوائر الحكومية. وأكد شلال أن عدم وجود رقابة فعالة على المشاريع والدوائر الخدمية يؤدي إلى استمرار التجاوزات والإهمال.
وتابع شلال حديثه بالإشارة إلى المشاريع المتأخرة في سنجار، مثل مشاريع الطرق والبنية التحتية والمستشفيات والجامعة، مؤكداً أن هذا التأخير يمثل إهمالًا متعمدًا بحق أهالي سنجار، ويضر بالخدمات الأساسية والتنمية المحلية.
واختتم شلال حديثه بالتشديد على أن المواطنين الموصليين وأهالي سنجار يتطلعون إلى سرعة افتتاح المطار وإنجاز المشاريع المتوقفة، أن هذه الخطوات ستكون حاسمة لتسهيل الحياة اليومية، ودعم التجارة، وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.