علاء المفرجي
كيم كي دوك، مُخرج «العنف» المنبوذ، الكتاب الصادر عن دار جسور الثقافة، ففي منتصف الثمانينات من القرن الماضي، بدأت موجة السينما المستقلة في كوريا. وبدأت (موجة المخرجين الكوريين الجدد) تتدفق إلى عالم السينما الفنية بأسلوب مختلف عن تلك السينما التجارية التي تحظى بقبول واسع من قِبل الحكومة الكورية ودور العرض السينمائية. المخرجون الأوائل لهذه الموجة اتجهوا إلى (السينما الواقعية) بينما بدأت تتشكل في الجيل المتأخر لهذه الموجة ملامح فنية هجينة بين الواقعية التقليدية وأساليبهم الخاصة، فأصبح لكل مخرج أسلوبه الخاص والفريد. كيم كي دوك خرج بتجربته التي بدأها بفيلم (تمساح) عام 1996من بين هذين الجيلين.
وإذا ما أردنا تعداد المخرجين العباقرة حول العالم بشكلٍ عام وداخل كوريا الجنوبية بشكل خاص سنجد بأنَّ المُخرج الرّاحل والمثير للجدل ((كيم كي دوك)» يُعد واحداً من أهم المخرجين الذين دخلوا إلى عالم السينما الواسع من بابين مهمّين: باب ((السينما المستقلة)) وباب ((سينما المؤلف)). فهو كاتبٌ، ومُخرجٌ، ومُنتج، ومُونتير. هو فنانٌ بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. خاض في مشواره الفني طُرقاً لم تعهدها السينما الكورية ولا العالمية قبله. طُرقاً محظورةً على الصعيد الاجتماعي بشكلٍ خاص. طرقاً كان المخرجون من قبله - إذا ما أرادوا عبورها- يسيرون فيها بخطى مواربة، ولكن (كيم كي دوك)) سلك هذه الطرق آخذاً بأفلامه التي تعكس رؤاه الخاصة حول السينما والوجود والطبيعة البشرية إلى أقصاها. سلك هذه الطرق ولم يعِر اهتماماً كبيراً إلى كثرة الانتقادات التي طالته من النقاد السينمائيين داخل كوريا وخارجها ومن أنصار الحركة النسوية داخل كوريا بشكلٍ خاص، والجمهور بشكل عام. لذلك وبالرغم من شهرته العالمية وحصوله على العديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية عالمية، لم ينل ((كيم كي دوك)) ما يستحقه من شهرةٍ وتقدير داخل كوريا، وبقيت أعماله منبوذةً من قِبل المجتمع الكوري كونها - في نظرهم - تشوّهُ صورة مجتمعهم أمام العالم لما فيها من عنفٍ مُفرط تجاه المرأة بالخصوص. عنفٌ مقززٌ للنفس البشرية كون هذا العنف يُصوَّر بواقعية صارخة مختلفة كثيراً عن العنف المصوّر في أفلامٍ أخرى بالكثير من المؤثرات البصرية والتقنيات المونتاجية التي وإن أجّجت مشاعر الاستياء في النفس حين مُشاهدتها، فلن تكون بمثل شدّة مشاعر الاستياء التي تمسُّ شغاف القلوب أثناء مشاهدة ذلك العنف المُفرط في واقعيته في أعمال ((كيم كي دوك) الاستثنائية. ولكن لدى (كيم كي دوك)) ما يُبرر هذا العنف في أعماله مُنطلقاً - كما سنرى - من رؤية خاصة اتجاه ثيمة العنف وعلاقته بالطبيعة البشرية، وليس العنفُ المجرد وحده ما يميّز معظم أفلامه.
وُلِد كيم في 20 ديسمبر 1960 في بونغهوا ، شمال كيونغسانغ . في عام 1990، سافر إلى باريس لدراسة الفنون الجميلة ، لكنه قضى عامين يعمل هناك في الشوارع كرسام بورتريه. خدم لمدة خمس سنوات في سلاح مشاة البحرية الكوري الجنوبي ، ليصبح ضابط صف.
في عام 2003، أصدر كي دوك فيلم “الربيع، الصيف، الخريف، الشتاء... والربيع” . وقد أشاد به العديد من النقاد، منهم الناقد بيتر برادشو ، الذي اعتبره تحفته الفنية وأحد أعظم أعمال السينما الكورية الحديثة. “حكاية مؤثرة وغامضة، تجمع بين الهدوء والتشويق،
نال كيم دوك العديد من الجوائز، فقد حصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجانين سينمائيين مختلفين، لفيلمين مختلفين، في مهرجان برلين السينمائي الدولي ، و مهرجان البندقية السينمائي، كما حصل على جائزة أفضل فيلم في مهرجان كان السينمائي . وأيضا على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي .
كيم كي دوك، مُخرج «العنف» المنبوذ

نشر في: 22 سبتمبر, 2025: 12:02 ص









