المدى/ متابعة
أثارت الخطوة التي اتخذتها كندا وبريطانيا وأستراليا بالاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، جدلاً واسعاً على الصعيد الدولي، حيث انتقدت وزارة الخارجية الأمريكية هذا الإجراء ووصفت الاعتراف بـ"الاستعراضي"، فيما رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالدول الثلاث ودعت دولاً أخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى الانضمام إلى هذه الخطوة.
وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية، تحدث شرط لم يكشف عن هويته، الاثنين الماضي، إن الإجراءات الأخيرة كانت "من أجل العرض فقط"، مؤكداً أن الولايات المتحدة ما زالت تعطي الأولوية "للدبلوماسية الجادة على الشعبوية". وأضاف المتحدث أن "أولوياتنا واضحة وهي إطلاق سراح الرهائن وأمن إسرائيل وسلامها وازدهارها في جميع أنحاء المنطقة، وهو ما سيكون مضمونا عندما لا تكون حماس كذلك". ويأتي هذا التصريح الأمريكي في وقت يتزايد فيه الضغط الدولي لتعزيز الاعتراف بدولة فلسطين، خصوصاً بعد إعلان كندا وبريطانيا وأستراليا اعترافها رسمياً، وذلك قبيل يوم من مؤتمر دولي سيعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، برئاسة سعودية فرنسية، حيث يُتوقع أن تعلن دول عدة على رأسها فرنسا اعترافها بالدولة الفلسطينية.
خلفية تاريخية ودبلوماسية
تعود قضية الاعتراف بدولة فلسطين إلى عقود من الصراع العربي الإسرائيلي، حيث أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وعلى الرغم من تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرارات تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، فإن العديد من الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لم تعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية، معتبرة أن الاعتراف مرتبط بالتوصل إلى حل شامل للقضية الفلسطينية من خلال المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.
في المقابل، شهدت الايام الأخيرة حراكاً متزايداً من بعض الدول الأوروبية وكندا وأستراليا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مستندة إلى ما اعتبروه التزاماً بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وتعتبر هذه الخطوات جزءاً من جهد دولي للضغط نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.
تصريحات فلسطينية
من جانبها، أعربت وزارة الخارجية الفلسطينية عن تقديرها لخطوة كندا وبريطانيا وأستراليا، ووصفتها بأنها "قرارات شجاعة تنسجم مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتنطلق من حرص تلك الدول على إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام بما يضمن أمن واستقرار وازدهار المنطقة والعالم". وأضافت الوزارة أن "الاعتراف بدولة فلسطين يمثل دعماً للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويؤكد شرعية مطالبهم الدولية".
وطالبت الوزارة الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بالتحرك نحو الاعتراف الرسمي، والانحياز للقانون الدولي وللرأي الاستشاري الذي صدر عن محكمة العدل الدولية بشأن الجدار الفاصل والمستوطنات، مؤكدة أن "الاعتراف بدولة فلسطين هو جانب من التزام الدول بالجانب الصحيح من التاريخ وحقوق الشعوب".
ردود الفعل الدولية
ردود الفعل على هذا الإعلان كانت متباينة، حيث رحبت بعض الدول الأوروبية والآسيوية بهذه الخطوة واعتبرتها "إشارة إلى دعم حل الدولتين ومبادرة نحو تحقيق سلام مستدام". في المقابل، أبدت إسرائيل تحفظها على هذه الاعترافات، مؤكدة أنها "لا تخدم عملية السلام، بل تزيد من تعقيد الوضع السياسي والأمني في المنطقة".
وبحسب خبراء في الشؤون الدولية، فإن اعتراف هذه الدول بدولة فلسطين يمكن أن يزيد الضغط على الولايات المتحدة للانضمام إلى الاعتراف الدولي، خصوصاً مع تزايد الدعوات داخل المجتمع الدولي لتكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين. ويشير الخبراء إلى أن الخطوة يمكن أن تكون بداية لتحولات دبلوماسية أوسع، إذا ما تبعتها دول أخرى بالاعتراف الرسمي، بما يحقق مزيداً من الاعتراف الدولي بشرعية الدولة الفلسطينية.
خلفية اقتصادية وأمنية
ويقول محللون أن الاعتراف الدولي بدولة فلسطين قد يفتح المجال أمام دعم اقتصادي إضافي للفلسطينيين، بما في ذلك الاستثمار في البنى التحتية والخدمات الأساسية، ويساعد على تعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي. كما يمكن أن يسهم في تقليل التوترات في المناطق الفلسطينية المحتلة، ودعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف، خصوصاً في ظل استمرار التوترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
مع استمرار الضغط الدولي والاعترافات المتتابعة، يبقى الملف الفلسطيني محوراً حساساً في السياسة الدولية، يجمع بين القانون الدولي، الأمن الإقليمي، والدبلوماسية العالمية. وتؤكد الخطوات الأخيرة للدول الثلاث أن الحراك الدولي لصالح الاعتراف بدولة فلسطين يزداد زخماً، في وقت تتواصل فيه الدعوات لفعل مماثل من قبل القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لضمان تحقيق سلام عادل ومستدام في الشرق الأوسط.










