TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > عمالة الأطفال..ظاهرة اجتماعية في كردستان بأسباب مختلفة

عمالة الأطفال..ظاهرة اجتماعية في كردستان بأسباب مختلفة

نشر في: 23 سبتمبر, 2025: 12:08 ص

 بغداد/سوزان طاهر

 

انتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة عمالة الأطفال بإقليم كردستان بشكل ملحوظ، حيث يضطر آلاف الأطفال للعمل ساعات طويلة يوميًا لإعالة أسرهم. في ظل الأزمات الاقتصادية والتغيرات التي حصلت في المنطقة.
ويمكن ملاحظة الارتفاع المخيف في عمالة الأطفال دون السن القانوني في الأسواق الشعبية بمدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية.

ولا يخلو أي شارع من شوارع أسواق مدن كردستان إلا وترى أطفالًا وهم يتسابقون على بيع أكياس النايلون، أو علب المناديل، أو تقديم مساعدة حمل البضائع للمتبضعين.
ويرى عدد من المختصين أن هذه الظاهرة تثير القلق في المجتمعات أمام تناميها في ظل الأزمات الاقتصادية التي يشهدها الإقليم.

أقسام الأطفال
ويقول سالار إحسان، وهو عضو إحدى المنظمات المختصة برعاية الأسرة والطفل في السليمانية، إن ظاهرة عمالة الأطفال اتسعت خلال الأعوام الأخيرة، بسبب جملة من العوامل. ولفت خلال حديثه لـ "المدى" إلى أن "السبب الأول لعمالة الاطفال يعود للأزمة المالية الكبيرة التي يعيشها إقليم كردستان وتراجع مستويات الدخل، نتيجة التأخر في صرف رواتب الموظفين، والسبب الثاني يعود لنزوح وهجرة الآلاف من العوائل من سكان محافظات وسط وجنوب العراق، والمحافظات التي سيطر عليها تنظيم داعش، فضلًا عن اللاجئين من سوريا وإيران وتركيا".
وأشار إلى أن "الآلاف ممن فقدوا آباءهم من النازحين ما زالوا يعيشون في الإقليم، وبات الأطفال هم المعيل الأول للعائلة، لذلك نراهم يعملون في الأسواق، أو في التقاطعات المرورية، أو في محطات غسل السيارات، والحي الصناعي، وغيرها من الأعمال غير المناسبة".
وشدد على أن "نسب عمالة الأطفال تنقسم إلى 3 أقسام، بينهم 40% من أطفال اللاجئين السوريين، و30% من أطفال النازحين وسط وجنوب العراق، والباقي بنسبة 30% من أطفال الإقليم". وحذرت عدة منظمات مختصة بالطفل من استغلال الأطفال من قبل عصابات الجريمة المنظمة، أو عصابات التسول، وطالبت حكومة الإقليم بالتحرك السريع والعاجل، لغرض معالجة ظاهرة عمالة الأطفال.

ملف خطير
من جانب آخر يرى الباحث في الشأن الاجتماعي سلام حسن أن ملف عمالة الأطفال في إقليم كردستان لا ينبغي السكوت عنه، لأنه تحول إلى ظاهرة اجتماعية يجب التصدي لها.
ويضيف خلال حديثه لـ "المدى" أن "ظاهرة عمالة الأطفال سببها الرئيسي الواقع الاقتصادي المزري، الذي أدى إلى تأخر دوام المدارس، نتيجة الإضراب عن الدوام من قبل الكوادر التربوية".
وشدد على أن "الآلاف من العوائل لديها أكثر من طفل، ولا تستطيع تلبية حاجاتهم، وبالتالي يضطرون لإرسالهم إلى العمل في السوق، وفي الأعمال الشاقة، والتي لا تتناسب مع البنية الجسدية". وتابع أن "ما يدعو إلى أن نضع هذه الشريحة تحت مجهر الحكومة والجهات المعنية، من مغبة وقوعهم في شَرَك الجريمة وتعاطي الممنوعات مُجبرين غير مختارين، أو يتم استغلالهم من قبل عصابات الجريمة المنظمة".
ومنذ سنوات، لم يُحل ملف الرواتب في إقليم كردستان، وبقي معلّقًا بين الشد والجذب مع الحكومة الاتحادية، وفي كل عام يتجدد هذا الجدل مع إقرار الموازنة الاتحادية، التي تضع شروطًا على الإقليم، مقابل تسلمه حصته منها. وبعد سيطرة تنظيم داعش على محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين في عام 2014، نزحت الآلاف من العوائل من تلك المحافظات واستقرت في مدن الإقليم، وفضل العديد منها البقاء داخل كردستان، بالرغم من تحرير مدنهم، وعودة الحياة والاستقرار إليها. لكن المئات من العوائل ما تزال غير قادرة على العودة إلى مدنها، لأسباب أمنية وعشائرية، أو بسبب وجود أحد أفراد العائلة من عناصر تنظيم داعش، وهذا الأمر لا يسمح لهم بالعودة إلى مناطقهم.

خطة استراتيجية
من جهة أخرى يطالب عضو برلمان كردستان مسلم عبد الله بضرورة وضع خطة استراتيجية على المدى القريب، للقضاء على ظاهرة عمالة الأطفال.
وأشار خلال حديثه لـ "المدى" إلى أنه "صحيح أن النسبة الأكبر من الأطفال العاملين في الإقليم هم من خارجه، لكنه بالنهاية تبقى هذه الظاهرة خطرة، ولها تأثيرات كبيرة على المجتمع".
وتابع أنه "ينبغي إعداد خطة لتقليل عدد الطلبة المتسربين من المدارس، لكن كل هذا يتعلق بإنهاء أزمة الرواتب، وتحسن الوضع الاقتصادي، الذي يعني عودة الحياة إلى جميع القطاعات التي تعرضت للضرر".
ويروي عدد من الأطفال في إقليم كردستان الأسباب التي دعتهم للعمل في السوق، بالرغم من الظروف الصعبة التي يواجهونها.
ويروي وسام البالغ من العمر 11 عامًا، وهو نازح من أهالي محافظة صلاح الدين قصته لـ "المدى" بالقول إن "والده توفي أثناء المعارك، وهو ممنوع من العودة إلى منطقته في ناحية يثرب لأسباب أمنية، ولديه عائلة تتكون من 8 أشخاص، وهو مضطر للعمل في السوق مع أحد محلات بيع الدجاج، لكي يعيل أسرته".
أما روند، فهو طفل من أهالي السليمانية يبلغ من العمر 12 عامًا، ويعمل ببيع أكياس النايلون، وعلب "الكلينكس"، ويؤكد لـ "المدى" أن "والده توفي قبل عامين، وكان منتسبًا في البيشمركة، والرواتب التقاعدية تتأخر كثيرًا، وبالتالي هو وأسرته يحتاجون إلى المال، وهو يعمل لمدة 10 ساعات يوميًا، ليعيل أسرته".
يحظر قانون العمل العراقي رقم (37) لسنة 2015 تشغيل الأطفال دون سن 15 عامًا، مع وضع ضوابط للأعمال المسموح بها للأطفال الأكبر. العراق صادق على اتفاقية حقوق الطفل (1989) واتفاقيات منظمة العمل الدولية لمنع أسوأ أشكال عمل الأطفال.
تشير إحصاءات وزارة التخطيط العراقية (2021) إلى أن نسبة عمالة الأطفال تصل إلى 7% من إجمالي الأطفال دون 15 عامًا، وتزداد في المناطق المتأثرة بالنزاعات.
في إقليم كردستان تضاعفت ظاهرة عمالة الأطفال منذ أزمة الرواتب عام 2014، مع دخول موجات نزوح كبيرة من محافظات مثل الموصل والأنبار وصلاح الدين.
يؤدي عمل الأطفال إلى التسرب من المدارس ويعرضهم للاستغلال الجسدي والنفسي، إضافة إلى مخاطر الانخراط في التسول والجريمة، الأزمات المالية بين الحكومة الاتحادية والإقليم، وتأخر صرف الرواتب، دفعت آلاف الأسر للاعتماد على دخل الأطفال لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
اللاجئون والنازحون يواجهون مستويات فقر مرتفعة، حيث يعيش العديد منهم على أقل من 3.2 دولار يوميًا للفرد، وفق بيانات البنك الدولي. منظمة العمل الدولية أطلقت خطة عالمية لإنهاء عمل الأطفال بحلول 2025، لكن النزاعات والأزمات في الشرق الأوسط تؤخر تحقيق هذا الهدف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram