TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حكاية وعاظ السلاطين

العمود الثامن: حكاية وعاظ السلاطين

نشر في: 24 سبتمبر, 2025: 12:05 ص

 علي حسين

عاش علي الوردي ومات وهو ينتمي الى فكر وثقافة مضادة لاثنين، وعاظ السلاطين وشيوخ الطائفية..كلاهما كان وراء مصادرة ومحاربة مؤلفاته، وعاظ السلاطين، الكتاب الذي جلب العداوة للراحل، وجعل منه هدفاً للمتطرفين من كلا الطائفتين السُنّة والشيعة.
في كتابه وعاظ السلاطين حكايتنا جميعا مع مندوبي الطائفية الذين يعتقدون أن الحــلَّ في أزمات البلد هو تحويل الشعب إلى قبائل، كل منها تبحث عن مظلوميتها.. المهم أن يجد الشيعي خلاصه في مطاردة السُنّي، وأن يرى السُنّي سعادته في تحقير الشيعي وشتمه والانتقاص منه.. هذه هي العقلية التي ترفض أن نتساوى جميعا في المواطنة.. عقلية تعادي ما ليس يشبهها.. ولا تجـد للآخر سوى طريقين، إما الرحيل أو القتل.. ثارات لا نهـاية لها.
علي الوردي كتب "وعاظ السلاطين" بعد كتابة "مهزلة العقل البشري" الذي أثار عليه وعاظ الخرافة.، وهو اول كتاب ينشد فيه الوردي التغيير الذى لايتحقق الا من خلال نقد مفاهيم اجتماعية تعشّش في الرؤوس منذ قرون، ولازلت كلما أريد ان أتعرف على أزمة المجتمع العراقي، أعود الى جملة أثيرة احفظها من الكتاب يقول فيها الوردي: "كلنا ننادي بالحق و الحقيقة عندما نخطب او نتجادل او نتلو القصائد الرنانة، ولكننا نفعل ذلك لأننا نشعر في قرارة انفسنا بان هذه الأقوال التي نتشدق بها سليمة لا ضرر منها و لا مسؤولية عليها حتى اذا جدَّ الجد و صار الحق معارضاً لما نحن فيه اسرعنا الى جعبتنا المملوءة بالأدلة العقلية و النقلية فاخترنا منها ما يلائم موقفنا وصورنا الحق بالصورة التي ترضينا ثم لا ننسى بعد ذلك ان نواصل تلاوة القصائد الرنانة من جديد."
" وعاظ السلاطين" كانت أول واجرأ أسئلة علي الوردي التي واجه فيها فرسان الطائفية في محاولة لتفسير التاريخ من خلال الحكايات والموروثات التي ترسخت في أذهان الملايين، عبر مئات السنين، وفي فهم ما يجري وسيحدث مستقبلا في العراق، وهذا سر شهرة هذا الكتاب وخلوده، فرغم مرور اكثر من نصف قرن على صدوره، إلا أنه لا يزال يثير اهتمام القراء. وكما قال الوردي مرة فى أحد حواراته إن: "الهدف من الكتاب هو تصوير ماذا ستفعل حكايات الطائفية لو أصبحت جزءاً من حياة الناس اليومية.. كنت أسأل بعض رجال الدين، هل تريدون السير فى طريق الإصلاح أم العيش في الماضي؟".
بعد ربع قرن على صدور كتاب وعاظ السلاطين يكتب المفكر اللبناني مهدي عامل: إن الاستبداد يوحِّد الطوائف، ينشر اليأس ويزيد أعداد المستضعفين.. إن الدّين أو الطائفة هنا ليس أكثر من لافتة تتجمع عندها عصبية، تتوهم حرباً عقائدية، ستكون بديلاً عن حروب أخرى تتعلق بحياة الناس ومستقبلهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram