TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كم ساركوزي عندنا؟

العمود الثامن: كم ساركوزي عندنا؟

نشر في: 29 سبتمبر, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

انشغلت صحف العالم قبل ايام قليلة بخبر الحكم على الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا ساركوزي بالسجن خمس سنوات بتهمة الحصول على تمويل من ليبيا لحملته الانتخابية عام 2007. وكنا قد تابعنا قبل هذا الخبر بسنوات قرار القضاء الفرنسي بالحكم على الرئيس جاك شيراك بتهمة استغلال المنصب
استغلال المنصب والحصول على تمويل تهمة مضحكة في بلاد الرافدين، فماذا تعني ان يستغل المسؤول وظيفته، ويستثمر النائب مكانته في صفقات وعمولات. في بلاد الرافدين نسمع عن الاستغلال في كل مفاصل الدولة، مثلما نسمع الاغاني ونعرف جيدا أن "حيتان" ما بعد 2003 لم يتركوا مجالاً دون أن يستغلوا نفوذهم فيه، هم وأقاربهم وأحبابهم؟.
منذ أن قرر "المناضل" احمد الجبوري الملقب بأبو مازن فتح بورصة المناصب داخل قبة البرلمان، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق تعرض به أصناف الوظائف، المطلوب فقط الدفع بالدولار ثم تجلس على كرسي الوظيفة، هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى مزايدات، لتكتب في النهاية شهادة وفاة للتغيير الذي كان ينتظره المواطن العراقي الذي عاش عقودا من الظلم، ليجد نفسه اليوم في ظل نظام سياسي يرفع شعار المحسوبية ويبيح سرقة المال العام .
وأتمنى وأنت تتابع معي ما يجري في بلاد الرافدين، ان تعرف ان الصحافة في فرنسا اعتبرت الحكم على ساركوزي لحظة فارقة في تاريخ العدالة.
والآن، هل جنابك مُصرّ على معرفة الفرق بين ديمقراطيتنا "العظيمة" وديمقراطية فرنسا العرجاء؟.. هل تريد أن تعرف الفرق بين ساركوزي ومسؤولينا الأشاوس، اذا عليك ان تحفظ هذه العبارة جيدا: سجن الرئيس لمخالفته الدستور.. فانت وانا نعيش في ظل عملية ديمقراطية سمحت لمن نهب وسرق وقتل على الهوية ان يظل صاحب الصوت الاعلى!.. اما في باريس فقد تصدرت صورة ساركوزي رهن الاعتقال الصفحات الأولى.. فالخطأ هناك لا حماية له،.. كما أن القانون ليس رجلاً، ولا مزاجاً شخصياً.
في الديمقراطيات الحقيقية يتجاوز الاعلام حدود المحرمات السياسية، وعندما يخطا السياسي او المسؤول تصبح كل افعاله تحت رحمة الصحف والفضائيات. وقبيل خروج ساركوزي من قصر الإليزيه وبعده صدرت عشرات المقالات والكتب عن قضاياه الشخصية. وقبله بدأت الصحافة تدخل إلى أسرار جاك شيراك لكي تنبش فيها. ودمرت الصحافة الفرنسية مستقبل الرئيس جيسكار ديستان السياسي.. فيما نحن لا نزال نصر ان نغلق ابواب الحقيقة امام الناس ونطارد الصحفي إذا تجرأ وكشف المستور ونحاكمه بتهمة المحتوى الهابط.
إحفظ هذه االكلمات جيدأً.. سجن الرئيس.. فأنت وأنا نعيش في ظل عملية ديمقراطية سمحت لمن نهب وزوّر أن يظل صاحب النفوذ الاقوى!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. فؤاد الصفار

    منذ 2 شهور

    <> بهذه الكلمات أعلنت رئاسة محكمة باريس الحكم على ساركوزي ، في الدول التي تحترم مواطنيها ،فأن القانون فوق الجميع ،

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

عندما يجفُّ دجلة!

كلاكيت: المدينة والسينما حين يصبح الإسفلت بطلًا

مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاكرة

العمود الثامن: ماذا نريد من الانتخابات؟

 علي حسين قال لي أحد الزملاء هل أنت متفائل بنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت امس ؟ قلت له أنا"متشائل"على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أريد ألاّ أحترس...
علي حسين

قناطر: لا بندقية بيد الرئيس

طالب عبد العزيز مع أنَّ الخلطة غير المتجانسة هي الصفة العامة للمرشحين في الدورة الانتخابية الحالية، فهي نسيج غريب، ينطبق عليه المثل العراقي (من كل زيج رَكَّه)، أو هي (زبالة الخيّاط)، إلا أنه وبعد...
طالب عبد العزيز

مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاكرة

جورج منصور شكَّل الوجود المسيحي في بلاد النهرين، منذ نهايات القرن الأول الميلادي، امتداداً طبيعياً لتاريخ البلاد. هنا قامت أولى الكنائس، وتأسست المدارس والرهبانيات، وانطلقت منها الترجمات الأولى التي نقلت الفلسفة اليونانية إلى العربية...
جورج منصور

قراءة في كتاب (البعث كما عرفته)

زهير كاظم عبود يقدّم الكتاب بمقولة لقائد بعثي سابق (سامي الجندي) يقول فيها: أصبح البعثيون بلا بعث، والبعث بلا بعثيين، أيديهم ملطخة بالدم والعار، يتسابقون إلى القتل والظلم والركوع أمام مهماز الجزمة. تُعبّر الصراحة...
زهير كاظم عبود
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram