ميسان / مهدي الساعدي
ولادة مرتضى الجنوبي في أهوار ميسان شكلت أولى محطات انتمائه إلى بيئته، إذ نشأ في منطقة المشرح منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي، وظل مرتبطاً بها حتى قرر فتح نافذة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليعرّف العالم بجمال الأهوار. غير أن موجات الجفاف دفعته لتكريس جهوده في الدفاع عنها، ليصبح أحد أبرز الأصوات البيئية في المحافظة.
يقول الجنوبي لـ(المدى): «علاقتي بالأهوار تمتد منذ ولادتي في ناحية المشرح، وقضيت معظم أوقاتي فيها، إذ لم نكن نملك متنفساً غيرها. بدأت نشاطي البيئي عام 2019 بتوثيق طبيعة الأهوار والأحياء المائية والتنوع الأحيائي».
مع تفاقم الجفاف في عام 2021، غيّر الجنوبي نشاطه من التوثيق إلى الدفاع المباشر، موضحاً: «خصصت وقتي وجهدي للأهوار، وقمت بتسليط الضوء على معاناة سكانها في وقت كانت المؤسسات الحكومية تنفي وجود الجفاف. قررت آنذاك استخدام جميع الوسائل الممكنة للدفاع عن بيئتنا».
لم يقتصر نشاطه على الإعلام والتواصل الاجتماعي، بل شارك في مؤتمرات وورش وندوات بيئية داخل البلاد، وقال: «طالبت بعودة الأهوار، وحاولت قدر الإمكان إيصال صوتها ومطالبها الحقيقية، كون وجودها مقترناً بوجودنا، ولا شيء يبعث الطاقة الإيجابية في نفسي غيرها».
رغم الإمكانات البسيطة، نجح الجنوبي في توسيع صدى قضيته، مؤكداً: «الفيديوهات والصور التي وثقناها أثرت بشكل كبير وساهمت في إيصال صوت الأهوار ومعرفة أسباب تجفيفها. كما أن المجتمع أخذ دوره في توثيق المعلومات حول الجفاف».
لكن نشاطه لم يخلُ من عراقيل، إذ واجه تهديدات ومضايقات في بيئة عشائرية، مبيناً: «تعرضنا لمضايقات كثيرة وصلت إلى حد التهديد، لكني أعتبر الدفاع عن الأهوار قضية وجود وهوية».
طموحاته امتدت إلى رفض التوسعة النفطية على حساب الأهوار، وخاصة في موقع الحويزة، حيث قال: «نسعى لإبعاد الشبح النفطي عن الأهوار لضمان بقائها، ومع استمرار مشاريع النفط ستكون عودتها مستحيلة، فيما نطمح لعودة الروح إليها». ويصف الأهوار بأنها معلم بيئي واقتصادي أصيل في الجنوب: «الأهوار هوية عراقية جنوبية، ومصدر اقتصادي مهم للبلاد، خصوصاً بعد انضمامها للائحة التراث العالمي».
وختم الجنوبي حديثه بدعوة عامة: «يجب على جميع العراقيين الدفاع عن الأهوار باعتبارها مناطق حضارية وتراثية، شأنها شأن الآثار القديمة، فهي جزء من الوطن والدفاع عنها واجب وطني».










