TOP

جريدة المدى > عام > حكمت داود: كان لعملي مع الفلسطينيين تأثير كبير على مسيرتي

حكمت داود: كان لعملي مع الفلسطينيين تأثير كبير على مسيرتي

نعمل على إعادة الحياة إلى المسرح الفني الحديث رغم قلة إمكاناتنا

نشر في: 30 سبتمبر, 2025: 12:01 ص

علاء المفرجي
لم يعلن المسرحي والسينمائي د. حكمت داود يأسه من الفن ، بل لا يزال يحلم بأن يعيد المسرح العراقي امجاده وتضاء خشبة مسرح بغداد ، ويعود العشاق الى نخلة غائب واحلام عبود الذي انقطعت اغانيه منذ عقود .
حكمت داود فنان امتلأت حياته بالصور والمشاريع واصوات الرصاص واغاني الثورة الفلسطينية وحوارات الغربة والحنين الى رفاق الفن الجميل ، يخزنها في ذاكرته التي تحتشد بالأفكار المؤجلة ، خشية الضياع أو الإهمال، وإذ به يختزل ذاكرة السينما العراقية والفلسطينية وذكريات مسرح السبعينيات ، إلا أن هذا كله لا يمنعه من التطلع الى المستقبل من اجل اعادة الالق الى السينما والمسرخ في عراق اليوم .
المدى تحاور السينمائي والمسرحي الدكتور حكمت داود ليقدم لنا شهادة حقيقية ومخلصة يؤرخ فيها لهموم جيله ، ويصوغ لنا بورتريه لابرز علامات مسيرته الفنية ، ويقدم شهادة متميزة عن زمن كانت فيه الفنون جزءا من حياة الناس وهمومهم وتطلعاتهم .
حدثنا عن بداياتك في النشأة والطفولة التي أسهمت في ميلك نحو السينما وما هي المراجع (حيوات، احداث، تفاصيل) التي كان لها أثر في ذلك؟
- اللحظة الأولى التي أتذكرها الآن، والتي جذبتني لعالم السينما، هي انتقال عائلتي من مدينة (القوش) في الموصل، الى محافظة الناصرية، كنتُ اسيرُ مع والدي في طرقاتها مبهوراً بأسواق وجدران وحركة الناس في هذه المدينة الجديدة على ما تراه عيناي قبل هذا الوقت. ذات مرّة سألت أبي عن اعلانات جذبت اهتمامي حتى صرتُ اتعثر بخطواتي وأنا أتمعن في صورها وألوانها وشخصياتها. أجابني أبي: إنّها اعلانات للدعاية عن افلام مصرية وأجنبية، إذ توجد في المدينة قاعتان لعرض الافلام السينمائية هي ( سينما الاندلس) و(سينما البطحاء). وكانت هناك سينما صيفية مفتوحة، دائماً ما أسمع من بعيد نداءً يدعو المارة والعابرين لمشاهدة أفلامها، حتى إذا اقترب الصوت، أرى رجلاً يسيرُ وأمامه لافتة معروضاً عليها مجموعة من اللقطات موزعة على لوح مستطيل. كان هذا الرجل اسمه ( كوزان) كانت عبارته الدائمة أن لا يضيّع العابرون والمهتمون الفرصة لمشاهدة هذا الفيلم العالمي. كنتُ أفرح كثيراً حين أرى هذا المشهد الممتع بالنسبة لي آنذاك. كان أهل المدينة ينامون على السطوح في الصيف ابتغاء برودة النسيم المتهادي من صوب ( نهر الفرات) وهنا تبدأ متعة الاستماع للأصوات الآتية من سينما ( البطحاء) الصيفي إذ كانت تبثّ أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش قبل بداية عرض أي فيلم سينمائي.
أما اللحظة الثانية التي كانت سبباً في حبي للسينما هي المشاركة في النشاطات الموسيقية والمسرحية إضافة الى استعارة الكتب من المكتبة المدرسية العامة والمجلات التي تتناسب مع اعمارنا في تلك السنوات،
أما المكتبات الخاصة فقد كانت تزودنا بالمجلات القديمة ومنها مجلة الحياة الأمريكية والتي تضم بين محتوياتها مواضيع متنوعة و منها حكايات المغامرين الأمريكان مع اختيارات لنجوم السينما الهوليودية بحجم وطباعة جيدة وجميلة وقد كنت اقصها واعلقها على جدار الغرفة التي أعيش بها أنا وأخي الذي كان هو الآخر مغرم بصور الأدباء والشعراء والعلماء، هكذا كانت البدايات التي قادتنا إلى المشاركة في المسرح المدرسي بعد ذلك تابعتُ انتاجات السينما العالمية عبر عروض السينما الجوّالة التي كنا تشاهدها كل يوم خميس في الساحات العامة، إضافة الى الافلام التسجيلية وافلام الأطفال وافلام شارلي شابلن والأخوة ماركس مما كان لهم دور كبير في تطور السينما.
تخرجت من اكاديمية الفنون الجميلة بداية السبعينيات ومنذ تلك الفترة الى نهاية السبعينيات ما هي أهم نتاجاتك في مجال السينما؟ وماذا تقول عن تلك المرحلة من الزمن؟
- بعد التخرج من أكاديمية الفنون الجميلة عام 1972 تم افتتاح دورة مكثفة لمدة عام في المعهد التدريبي للإذاعة والتلفزيون بإشراف المخرج الكبير توفيق صالح مع مجموعة من الخبراء الألمان والبولنديين مع سينمائيين عراقيين منهم عبد الهادي الراوي وفكتور حداد وحاتم حسين وآخرين في مجالات تقنيات السينما والسيناريو والمدارس الإخراجية في العالم، إضافة إلى تاريخ السينما، وأهم الأسماء التي شكلت حضوراً مؤثراً في مجال تطور جماليات السينما وقد شاهدنا أفلام شاربي شابلن و غریفث و ازنشتاين و مورناو وديزيغا فيرتوف ودوره في السينما التسجيلية. بعدها شاهدنا أهم أفلام الواقعية، والواقعية الإيطالية والموجة الفرنسية الجديدة وسينما المؤلف ..الخ.
وقد أنجزت فيلماً روائياً قصيراً لمدة 12 دقيقة باسم (رحلة في الظهيرة) في هذه السنة. تعيّنتُ موظفاً للعمل في وحدة الانتاج السينمائي التابعة للتلفزيون العراقي مع الزملاء الذين اشتركوا معي في الدورة وقمت بكتابة السيناريو والاخراج لأفلام عديدة منها: (نبراس التعليم)، الذي يعالج تجربة محو الأمية في العراق، وفيلم (السواعد الفولاذية)، حول منجزات الطبقة العاملة العراقية في البناء وهي تستخدم أحدات الوسائل الهندسية في إعمار المشاريع الكبيرة. ثم فيلم (الجفاف) الذي يعالج المشاكل الناجمة عن شحة المياه فى حوض نهري دجلة والفرات نتيجة استئثار دول المنبع في استخدام المياه غبر بناء السدود. ثمّ كتبتُ وأخرجتُ فيلم (اعتيادي...ولكن!) عن حرب تشرين للمشاركة في (مهرجان أفلام تشرين) عام 1974 وهو فيلم روائي قصير مدته 14 دقيقة. بعد ذلك انجزت فيلم (خذوهم صغاراً) وهو فيلم. عالج حياة الأطفال في سنوات السبعينات بما فيها من فقر وعوز. وقد ارتكز الفيلم في معالجته على حوارية بين أم وطفلها إذ نتعرف من خلال الحوارية على اوضاع اطفال العراق. في حينها كنتُ قد كلفت الشاعر فراس عبد المجيد في كتابة هذه الحوارية بدلاً من التعليق المتعارف عليه في الأفلام الوثائقية والتسجيلية، وقد حقق هذا الفيلم نجاحاً أشاد به نقّاد السينما آنذاك وقد كرس له برنامج (السينما والناس) حلقة كاملة لعرضه والحديث عنه مع فيلم (نصف الناس) للزميل المخرج فاروق داود. وقد تابعت الصحافة الكتابة عن الفيلمين مشيرة إلى ولادة مخرجين سينمائيين جدد.
لم تكن هناك هذه الأفلام منسجمة مع رؤية السلطة واعلامها ووسائلها. فطلب (طارق عزيز) وزير الاعلام آنذاك مشاهدة الفيلم، فسأل عن المخرج فرفعتُ يدي، فسألني بالحرف الواحد. هل أنت بعثي؟ وقد كان جوابي بالنفي فأشار الى ضرورة حذف بعض المشاهد عن أوضاع الأطفال المشردين في بغداد وأطفال كردستان الذين كانوا يعانون من الإعاقة والتشرّد نتيجة قصف قراهم ومدارسهم.
بعد ذلك تمّ نقلي الى وزارة الزراعة مع مجموعة من الفنانين والمثقفين وآخرين إلى مؤسسات لا علاقة لها بالسينما. فذهبت الى وزارة الزراعة لكي أطلع على كتابي الموجه الى الوزارة. فوجدت هامشاً غريباً يشير إلى: (إنّ المنقول الى الوزارة مخرج سينمائي فعليه أن يلتحق الى قسم (الاخراج الكمركي).
أخذتُ كتابي وغادرتُ مكتبه بعد أن قلتُ له ولكنني مخرج سينمائي ما علاقة الكمرك بالسينما. فأجاب: ( إن الإخراج واحد. السينما والكمرك لا فرق بينهما).
بعد ذلك التحقتُ بالمؤسسة العامة للثقافة الفلاحية، مما أتاح لي العمل فيها أن أنجز أفلاماً عديدة منها: (أرض الرافدين) و(وطن الحضارات) وأغنية سينمائية (الخير يزيد) وفيلم (التبغ) الذي حصل على جائزة في مهرجان الفيلم العراقي/ 1977. كان الموضوع الزراعي هو مشكلة الأرض والمياه ومعاناة الفلاحين وسوء استخدام التكنولوجيا هي المعالجات الواضحة في الافلام التي انجزتها في المؤسسة العامة للثقافة الفلاحية.
أنت مع مجموعة من الفنانين والادباء اليساريين والشيوعيين، غادرت العراق في تلك الفترة (نهاية السبعينيات)، ما تأثير هذا النزوح على مسيرتكم الإبداعية؟
- بعد اطلاق سراحي من السجن أصبح عليّ من الصعب مواصلة العمل الوظيفي والسينمائي بسبب المراقبة والاستفزاز والتوتر الذي مارسته السلطة ضدّنا، وضدّ سوانا من غير البعثيين. مما دفعني الى مغادرة الوطن. كانت تفكيري نهائياً في الرحيل الى بيروت مدينة الابداع والحرية، ووجود الأصدقاء السينمائيين الفلسطينيين الذين التقيتهم أيام مهرجان أفلام فلسطين في بغداد عام 1975.
في بيروت التحقت بمؤسسة السينما الفلسطينية، وكان قد سبقني للعمل في هذه المؤسسة العديد من المخرجين العراقيين منهم: قاسم حول وقيس الزبيدي وسمير نمر ومحمد توفیق. كانت أجواء بيروت ملغومة بسبب الصراع. لم تكن هناك سينما فلسطينية بامكانيات كبيرة بل أجهزة ومعدات قديمة، لذلك كان من الصعب خلق خطة سينمائية موحدة.
لقد كان لكلّ تنظيم فلسطيني وحدة سينمائية تعكس سياسة هذا التنظيم أو ذاك. عملت مع مؤسسة السينما الفلسطينية التابعة للأعلام الموحد (حركة فتح)، وواكبت يوميات الثورة الفلسطينية والعمل الفدائي في مخيمات بيروت وحركة المقاتلين في الجنوب عبر المعايشة الميدانية.
إذ أنجزت فيلمي( أبداً في الذاكرة) عن حياة الشهيد ماجد أبو شرارة، القائد الفلسطيني الذي قتل في فندقه في روما بعد أن تم تفجير غرفته، وقد رصدت ثلاثة محاور من حياته : السياسية و الاجتماعية واهتمامه بالثقافة من خلال مجموعته القصصية التي كان قد أصدرها في بيروت وقد كان للشهيد دور بارز في الاعلام الموحد، شارك فيلمي في مهرجان لايبزك الدولي ونال جائزة تقديرية، شاركت به أيضاً في مهرجان دمشق السينمائي الدولي وقد حصل على دبلوم المشاركة .. ثم أنجزت فيلمي ( متألق في الذاكرة) عن حياة القائد (أبو جهاد) الذي اغتالته المخابرات الإسرائيلية في تونس. ارتكز على دوره في النضال الفلسطيني داخل المقاومة وفي الأرض المحتلة ودعمه للانتفاضة.
ثم سافرت الى اليمن وانجزت فيلمي (النصر لهم) ، وهو فيلم عن أشبال فلسطين الذين يتدربون في المعسكر وهم من انتماءات طبقية وأماكن متعددة من بيروت والشام والأردن وغيرها.
كان للسينمائيين العراقيين في السينما الفلسطينية أثر واضح هل تحدثنا عن ذلك، عن الأسماء التي أسهمت في الأمر وعن ابرز اعمالها في هذا المجال؟ ما هو دورك انت بالضبط في هذا الحراك؟
- استقطبت السينما الفلسطينية الكثير من الفنانين السينمائيين العراقيين. وذلك بسبب الظروف السياسية التي مرّت بالعراق بعد مجيء حزب البعث إلى السلطة ومطاردة الشيوعيين ومراقبتهم، وخاصة المخرجين السينمائيين الذين خرجوا من البلاد للالتحاق بالمقاومة الفلسطينية. وكان في القائمة منهم: المخرج قاسم حول تبعه المخرجان قيس الزبيدي ومحمد توفيق وكنت أنا وسمير نمر قد سبقناهم إلى ذلك وقد توزعنا في وحدات الانتاج السينمائي الفلسطيني التابعة للفصائل. وبالتأكيد هناك تباين في المستويات الابداعية والثقافية والمهنية. مما أثّر في تنوع سينما المقاومة إذ انتجت تجارب متنوعة ومختلفة ومؤثرة يمكن أن نذكر بعض الأفلام لقاسم حول منها:
(الكلمة البندقية) عن غسان كنفاني و( لماذا نزرع الورد؟) و (لماذا نحمل السلاح؟) و( لن تسكت البنادق). وفيلمه الروائي الطويل (عائد الى حيفا) وأفلام سمير نمر (رياح التحرير) و(لمن الثورة؟) و(كفر شوبا) و(حرب الأيام الخمسة) أما افلام المخرج قيس الزبيدي فهي: (صوت من القدس) و(حصار مضاد) و (وطن الأسلاك الشائكة) و( فلسطين سجل الشعب). أما المخرج محمد توفيق فقد أخرج فيلماً ( أم علي ) و ( الناطور).
أما أفلامي التي أخرجتها فهي ( أبداً في الذاكرة) و (متألق في الذاكرة) و(النصر لهم)، كان لعملي معنى وكان للمعنى تأثير رئيسي على ذاكرتي، وقد كانت أعمالنا يتداخل فيها التصوير والمونتاج والاخراج وكتابة السيناريو وكل ما يمكن عمله لإنجاز الفيلم وهنا نلاحظ بأن المخرجين العراقيين انتجوا تجارب متنوعة ومختلفة بين عملهم في السينما العراقية، وما قدموه في السينما الفلسطينية، وقد كانوا من اليساريين والتقدميين الذين نجوا بجلودهم من بطش النظام الدكتاتوري.
خلال حصار واجتياح بيروت كان لك مساهمة في توثيق هذه القضية، حدثنا عنها؟
- كان عملنا يتداخل بين العمل النضالي والسينمائي، وسبق لي أن أنتجتُ الكثير من توثيق المشاهد والأحداث لفدائيين من فلسطين وعرب في جنوب لبنان وفي البقاع وللحياة في المخيمات الفلسطينية.
كان اهتمامي باستعادة ذاكرة هؤلاء الغائبين في الزمن البعيد منذ الانتفاضة الفلاحية في الثلاثينيات إلى حرب التهجير عام 1948، وما حصل في أيلول الأسود في الأردن وفي حرب 1967- وحرب تشرين إلى أيام الحصار في عام 1982 في بيروت. ويبدو لي قول جين أوستن: (يبدو أن هناك شيئًا غامضًا في قوى الذاكرة وإخفاقاتها وتفاوتاتها يلفت الانتباه، مقارنةً بأي من قدراتنا الإدراكية الأخرى.) هذا ما جعل عناوين افلامي لها علاقة بالذاكرة.
كان أمل هؤلاء الأبطال قوياً في تحرير فلسطين والعودة الى ديارهم وهم يستعرضون صور واسماء الشهداء خلال المراحل التاريخية التي مرّت بها الأرض الفلسطينية.
أما في حصار بيروت فقد عملتُ على متابعة يوميات المقاومة في التصدي للقوات الاسرائيلية في (حي السلّم والليلكي و محيط كلية العلوم) وهذه كلها محاور قتال ومواجهات اضافة إلى القصف الجوي المستمر والحياة في المخيمات.
أتذكّر لقطة صورّتُها لامرأة عجوز كانت تحيط بها أكثر من مئة قطة تجتهد لإطعامهم في مخيم شاتيلا.
وفي صباح يوم آخر رأيتُ طفلاً عمره لا يتجاوز عشر سنوات يحمل قاذفة (آر بي جي سفن)، وخلفه اخته تحمل القذائف بيديها فسألتهما إلى أين انتما ذاهبان؟ فقالا لي الى ساحة المعركة. فصورتهما. دائماً كنتُ مع السينما الفلسطينية في حالة استرجاع صريح للزمان والمكان.
عملت أيضا في المسرح، كيف تلخص لنا أعمالك في المسرح العراقي؟
- منذ دخولي أكاديمية الفنون الجميلة قادماً من الناصرية الى بغداد اشتركتُ في أعمال بعض الفرق المسرحية ومنها فرقة مسرح الفن الحديث إذا كنتُ ممثلاً في مسرحية ( النخلة والجيران) للكاتب غائب طعمة فرمان واخراج قاسم محمد عام 1968 بعدها اشتركتُ كممثل في مسرحية (تموز يقرع الناقوس) للكاتب عادل كاظم وإخراج سامي عبد الحميد. ومسرحية (شعيط ومعيط وجرار الخيط). أما في الناصرية فقد أخرجتُ مسرحية (في انتظار اليسار) عام 1970 لنقابة العمل والشؤون الاجتماعية. وفي أكاديمية الفنون الجميلة أخرين مسرحية (هو وهي) لمارغريت دوراس. ومسرحية (جسر دلال) مع نادي بابل الكلداني وباللغة السريانية باشتراك أكثر من عشرين ممثلاً وممثلة. بعدها اشتركت بالتمثيل في مسرحية (الكراسي) في اكاديمية الفنون الجميلة اخراح سامي عبد الحميد ومسرحية (فيت روك) اخراج جعفر علي. ومثلّتُ في مسرحية ( مدينة تحت الجذر التكعيبي) تأليف طه سالم واخراج (علي ماجد شبو).
وبعد مغادرة العراق أخرجتُ في بيروت مسرحية ( الطيور تبني اعشاشها بين الأصابع) للشاعر معين بسيسو والمشاركة في مسرحية ( رحلة حنظلة) افراح الراجل كاظم الخالدي، وفي بلغاريا أثناء دراستي للدكتوراه أخرجت قصيدة الشاعر الكبير الراحل سعدي يوسف ( اعلان سياحي في مصيف الحاج عمران) وقد استلهمتُ فيها قصائده الأخرى ومنها عبور الوادي الكبير، أما عملي المسرحي الأخير فهو (حكاية الرجل الذي صار كلباً) وقد قدمته في المعهد العالي للفن المسرحي في تونس.
نعمل حالياً لإعادة الحياة إلى فرقة المسرح الفني الحديث رغم معاناتنا في ايجاد المكان والتمويل لغرض انتاج عمل مسرحي يليق بتاريخ الفرقة.
ما الذي تراه في المشهد السينمائي والمسرحي الان في العراق؟
- يعاني المشهد السينمائي والمسرحي من صعوبة الحصول على تمويل من قبل الدولة لإنتاج الأعمال الفنية، وعدم وضوح الرؤية لما نريده من هذه الفنون ودورها في تطوير الذوق الجمالي والحس الانساني للمتلقي العراقي. يبدو لي أن المؤسسات الثقافية والفنية لم تكترث لرسم سياستها الثقافية ولم تفكّر بمسرح وسينما المستقبل المهدد باجتياح الفنون الرقمية وتحديات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الثقافة الآن. وبالرغم من المبادرات التمويلية واهتمام الدولة لإنتاج الدراما والسينما والمسرح. ولكن العروض المسرحية والسينمائية لم تستطع أن ترتقي بعروضها وافلامها وهذا ما حصل مع توظيف ميزانية كبيرة لبغداد عاصمة الثقافة العربية التي انتجت 14 فيلماً ولم نشاهد منها سوى فيلم صامت الراعي فلم تكن. أما الأفلام الأخرى فقد كانت ليست بالمستوى الفني الجمالي المتميز في معالجتها الفنية وبعيدة عن ما يعانيه الناس من صعوبات وازمات وبذلك خسرنا التمويل الذين قدمناه إلى هؤلاء المخرجين من دون أن يحاسبهم أحد.
أما في المسرح فأننا نشاهد عروضاً مسرحية لبعض المخرجين الذين يقدمون اعمالهم للنخبة فقط. وقد أشار كثيرٌ منم النقّاد الى ذلك.
نلاحظ انك في السنوات الأخيرة لم تقدم أي نتاج.. هل الخلل في المؤسسات الفنية التي يجب ان تهتم بعمل الفنانين أم تراه كسلا منك؟
- كنتُ في تونس أستاذاً لمادة الجماليات السمعية والبصرية في المعهد العالي للمسرح لمدة 16 عاماً. وبعد سقوط النظام الدكتاتوري. عدتُ إلى العراق وكنت متفائلاً بعودتي إلى مؤسسة السينما، ولكن جواب الوزارة أحبطني إذ أشار لي بعدم توفر ملاكات للتعيين وكان ذلك جواباً موجعاً.
وقد قابلتُ الوزير والمستشار والآخرين من دون جدوى. ثمّ قدّمتُ ملفاً آخر الى اكاديمية الفنون مرفقاً بتواريخ خدمتي لمدة 16 سنة من التعليم الجامعي. فوجدت الموقف نفسه الذي لا يكترث للخبرة الاخراجية والفنية. فقررت العودة الى تونس ولكن المصادفة التي جمعتني بوزير الخارجية هوشيار الزيباري كانت سبباً في دخولي بدورة دبلوماسية في وزارة الخارجية والعمل في السلك الدبلوماسي.
وهنا لابد لي أن أشير الى الإصدارات الفنية والسينمائية التي جاءت خالية من كل إشارة إلى أعمالنا ومنجزاتنا نحن الذين كنّا نعارض النظام الدكتاتوري السابق. وكما هو معروف لدى الجميع، أننا قد قاومنا وانتجنا اعمالاً مهمة وكثيرة في السينما الفلسطينية. ومن الجدير بالذكر أنّ المنحة التي اطلقها رئيس الوزراء لدعم السينما لم نستفد منها (لسبب لم تعرفه سوى نفس يعقوب). هذا لم يكن كسلاً منّي لأنني حاولتُ كثيراً اختراق جدار المحسوبية والعلاقات الشخصية ولكنني لم استطع لأنني. أمل الآن أن تتوفر المناسبة الجمالية وكيمياء الابداع لإنجاز وتحقيق الفيلم الذي تستحقه بلادي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

شخصيات اغنت عصرنا.. الملاكم محمد علي كلاي

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram