ترجمة المدى
في الوقت الذي وجَّه فيه فلاديمير بوتين أوامره بتجنيد 135 ألف شاب في روسيا للخدمة العسكرية، أصدر تحذيراً بعد الكشف عن نية الولايات المتحدة إرسال صواريخ «توماهوك» إلى أوكرانيا، وهي صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى موسكو، مؤكداً أن روسيا سوف تنتصر في حربها ضد أوكرانيا.
ووقَّع الرئيس الروسي بوتين مرسوماً بتجنيد (135,000) شاب في روسيا في أكبر حملة تعبئة خريفية تشهدها البلاد منذ أكثر من عقد، ويأتي ذلك في وقت عانى الجيش الروسي خسائر كبيرة بين صفوفه ما بين قتيل وجريح منذ بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022، حيث من المنتظر تجنيد الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً خلال الفترة بين الأول من تشرين الأول الحالي و31 كانون الأول.
ولا يمكن أن يُنشَر المجندون للقتال في أوكرانيا إلا بعد قضاء سنة في الخدمة الإلزامية، حيث إن روسيا تقوم بإجراء دورتين للتجنيد كل عام، في الربيع والخريف. وقد شهد فصل الربيع هذا العام عدداً قياسياً من المجندين بلغ 160 ألف مجند، لتصبح حصيلة هذا العام من التجنيد الأكبر منذ عام 2016. ويأتي ذلك في وقت يستمر فيه عدد الشباب الروس المتاحين للقتال في النمو سنوياً نتيجة التغييرات الديموغرافية، وهو ما تستفيد منه روسيا لصالحها.
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022، وسَّع الكرملين من حجم قواته المسلحة، وقبل عام أمر بوتين بزيادة قوة الجيش الرسمية إلى 2.4 مليون شخص، من بينهم 1.5 مليون جندي، ليصبح من بين أكبر الجيوش في العالم. وزادت حملات التجنيد السنوية منذ ذلك العام بمعدل يقارب 5% سنوياً.
واصل بوتين دفع حدود قدرات جيشه من حيث الأفراد والأسلحة من خلال استخدام الطائرات المسيّرة التي تتسلل إلى المجال الجوي الأوروبي. وفي الأسبوع الماضي تسببت أنظمة الطائرات المسيّرة (UAS) في إغلاق أكثر المطارات ازدحاماً في الدنمارك، كما تم رصدها بالقرب من قاعدة بحرية في السويد.
وبعد أن أعلن البيت الأبيض احتمال إرسال صواريخ «توماهوك» إلى أوكرانيا، وهي صواريخ ذات مدى طويل يكفي لضرب موسكو، ردّ الرئيس الروسي بوتين بإصراره على أن روسيا ستنتصر في أوكرانيا.
وكشف نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس أن دونالد ترامب يبحث إمكانية تقديم هذه الأسلحة لكييف، في وقت تواصل فيه روسيا إحراز تقدم على طول خطوط الجبهة، بما في ذلك السيطرة على مستوطنتي شاندريهولوف وزاريتشني الواقعتين شمال شرق مدينة سلافيانسك الاستراتيجية، لكن ليس من دون خسائر كبيرة في صفوفها العسكرية.
وفي رسالة فيديو جديدة على موقع الكرملين، قال بوتين: «مقاتلونا وقادتنا يواصلون الهجوم، والبلاد بأكملها، كل روسيا، تخوض هذه المعركة العادلة وتعمل بجد». وأضاف: «نحن نقاتل وننتصر».
لكن المبعوث الأميركي الخاص كيث كيلوج أكد أن تصريحات فانس تمثل احتمالاً قائماً.
صاروخ «توماهوك» للهجوم البري بعيد المدى هو سلاح يُطلق من البحر لمهاجمة أهداف في مهام عمليات الاستهداف العميق، ويمكنه ضرب مواقع تبعد حتى 1,000 ميل (1,600 كم)، حتى في الأجواء المحمية بشكل مكثف، مما يجعل موسكو ضمن مدى أوكرانيا.
وقال كيلوج لبرنامج فوكس نيوز: «قراءة ما قاله [ترامب]، وقراءة ما قاله نائب الرئيس فانس… الإجابة هي نعم. استخدم القدرة على الضرب العميق. لا توجد ملاذات آمنة».
وقال ترامب الأسبوع الماضي إن أوكرانيا لديها فرصة لاستعادة كل أراضيها المفقودة، وأضاف أن «الفوز في الحرب مستحيل» من دون القدرة على ضرب الخصم.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن احتمال إرسال الولايات المتحدة صواريخ «توماهوك» إلى أوكرانيا هو «جدّي جداً».
وكما أفادت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس»، سُئل بيسكوف خلال مؤتمر صحفي يوم الاثنين الماضي عن تعليقاته على تصريحات نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أوكرانيا كيث كيلوج، بشأن احتمال تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك» وتنفيذ ضربات داخل روسيا.
وقال بيسكوف: «لقد سمعنا بالفعل هذه التصريحات ونحن نحللها بعناية». مشيراً إلى أن الخبراء العسكريين الروس يراقبون هذه المسألة عن كثب.
وأضاف: «يبقى السؤال على النحو التالي: من الذي يمكنه إطلاق هذه الصواريخ؟ حتى وإن ظهرت على الأراضي التي يسيطر عليها نظام كييف، هل يمكن للأوكرانيين وحدهم إطلاقها أم يجب أن يكون هناك عسكريون أميركيون؟ من الذي يعطي أوامر الاستهداف لهذه الصواريخ – الجانب الأميركي أم الأوكرانيون أنفسهم؟ وهكذا. لهذا السبب نحن بحاجة إلى تقييم مفصل. لقد سمعنا بالتأكيد هذه التصريحات، إنها خطيرة للغاية ونحن ندرسها».
وعندما سُئل عن كيفية رد موسكو في حال تسليم صواريخ «توماهوك» إلى كييف، أشار بيسكوف إلى أنه من الضروري أولاً فهم طبيعة التهديدات المحتملة وتوضيح من سيكون مشاركاً في هذه العملية.
وكانت أوكرانيا قد طلبت هذه الصواريخ من الولايات المتحدة من قبل، لكن تم رفض الطلب بوصفه «غير قابل للتنفيذ تماماً». لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعاد تقديم الطلب الأسبوع الماضي خلال لقائه مع ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقد شنّت روسيا الأسبوع الماضي مئات الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ على كييف والمناطق المحيطة، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل.
حتى الآن، درجة حسم الولايات المتحدة في تمكين أوكرانيا من شن ضربات عميقة ضد روسيا غير معروفة. ويبدو مع ذلك أن إدارة الرئيس ترامب أكثر استعداداً قليلاً لتوفير هذه القدرات لأوكرانيا طالما تم تمويلها من قِبل الدول الأوروبية وليس من دافع الضرائب الأميركي، خصوصاً لأن ذلك يمنح الولايات المتحدة مزيداً من الحرية للاستثمار في قاعدتها الصناعية من دون الحاجة إلى تخصيص تمويل إضافي من الكونغرس.
عن وكالات عالمية










