علي حسين
يحاول البعض أن يوهم العراقيين، بأن معركتهم الحقيقية ليست مع سراق المال العام، ومروجي الخطب الطائفية، وأن الأزمة العراقية ليست السعي إلى تقسيم العباد الى كانتونات طائفية.. وإنما أزمتنا الحقيقية هي مع برامج تلفزيونية ساخرة، يتجرأ مقدموها على السخرية مما يجري من مهازل، فالمطلوب أن يتابع المواطن العراقي الحوارات السياسية التي يريد لهاأن تصبح جزءاً من طقوسنا اليومية.. ولهذا لابد من " سحل " مقدمي البرامج هؤلاء في الشوارع، ومن ثم نضعهم تحت الحادلة، فنحن نعيش عصر "الحدل" لكل من يختلف مع رغبات ونزوات نوابنا الاعزاء.
وكنت اتمنى لو ان السادة اصحاب شعار "الحادلة" خصصوا جزءا من وقتهم الثمين لعمل جردة حساب بما انجزوه خلال السنوات الماضية، وما هو المنجز الحقيقي الذي قدموه لهذا الشعب.
في كل مرة يخرج علينا البعض ليذكرنا بإننا تحت رحمة "الحادلة" إذا لم نسبح بحمد العملية السياسية.
فقط في بلاد الرافدين يستطيع المزور وسارق المال العام أن يتمتع بكل الامتيازات، وأن يصمت الجميع امام عمليات النهب المنظمة. فالمهم ان نُخرس اصحاب البرامج الساخرة، اما نور زهير وشلته فليتمتعوا بما سرقوه في وضح النهار.
منذ سنوات يتقاتل ساستنا لان يصبح العراق ضمن الفلك الصيني، لكنهم لا يعرفون ماذا تفعل الصين من سارق المال العام، وكيف يقود الرئيس شي جينبينغ حملة محاربة الفساد التي أطلق عليها اسم "النمور والذباب" وشملت محاكمة وسجن أكثر من مليون شخص من كبار وصغار مسؤولي الحزب. وكان آخرها ان صدر قبل يومين حكم بإعدام وزير الزراعة السابق تانغ رنيجيان بعد إدانته بتهم فساد، لانه تقاضى أموالاً نقدية ورشاوى على شكل ممتلكات عقارية، وان هذا الفعل ألحق خسائر بمصالح الدولة والمواطنين، ويستحق عليهاعقوبة الإعدام"، فيما نحن نعيش حملة الحفاظ على الفساد وتنميته وتسمينه، ترليون دولار اهدرت في مشاريع وهمية، ولا يستطيع البرلمان ان يستجوب رؤوس الفساد الكبيرة، لانها خط احمر ممنوع تجاوزه، وإلا "الكاتم" موجود.
يقول الرئيس الصيني للصحفيين وهم يسألونه عن نظرته للمستقبل: "في شبابي كنت أقرأ كونفوسيوش كثيراً وظلت في ذاكرتي عبارته التي يقول فيها "إن السياسة هي الإصلاح، فإذا جعل الحاكم نفسه أسوة حسنة لرعيته، فلن يجرؤ أحد على الفساد".
تتذكرون ما قاله "كونفوسيوش العراق" إبراهيم الجعفري: عندما يتهدد مصيرنا سيخرج المارد المعنوي من القمقم، وعندما خرج الشباب من قمقم المحاصصة والفساد، اطلقوا عليهم الرصاص وقنابل الغاز ونعتوهم بـ" الجوكر" والآن يهددونه من يختلف معم بـ "الحادلة".









