TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير

كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير

نشر في: 2 أكتوبر, 2025: 12:28 ص

 علاء المفرجي

ما الذي يجعل تلميذاً متسلحاً علمياً بـ (بكالوريوس) أدب انكليزي في بلده، أن يتجشم عناء السفر إلى معقل السينما في العالم، كي يحصل على درجة علمية في السينما، غير عشقه لهذا الفن ودوره المتعاظم بين جميع المعارف الإنسانية، وما الذي جعله يعود إلى بلده ما أن فرغ من هذه الدراسة، بدرجة الماجستير، سوى إيمانه بأهمية ما صار يمتلك من علم وخبرة في السينما، أن يعمل على تطوير هذا الفن في بلده الذي لم يكن حينها قد تجاوز العقدين من العمر.
وإذا كان جعفر علي قد نجح في الأمرين، أعني الذهاب عاشقاً لدراسة السينما في ما يعرف بمهدها، وجدوى ما فعله، وإن أصطدم كثيراً بالعراقيل، والمشاكل التي توزعت بين حداثة هذا الفن في بلده، وبيروقراطية من عملوا في إدارة هذا الفن، والأمر الثاني أنه نجح في أن يضيف شيئاً مهما له، سننتبه إليه ويا – للأسف – بعد رحيله، حيث يرتبط باسمه تأسيس قسم السينما في كلية الفنون الجميلة، وافتتح الدراسات العليا فيه بعد مدة من الزمن، كذلك تأسيسه لفرقة (مسرح اليوم).
وبالرغم من تعدد إهتمامات جعفر علي الفنية في المسرح والسينما والتلفزيون، وتنوع منجزه الفني وسعة ثقافته في جوانب الحياة المتعددة، إلا أنها تنتظم بما عرف بأسلوب جعفر علي، فالمتابع لأعمال هذا المخرج الفطن، يستطيع أن يؤشر ملامح أسلوبية له، متأتية من خلال دراسته في جامعة (آيوا) الأمريكية وتخرج فيها، وأيضاً من خلال أفكار وسلوك المخرج في الحياة مثل تأثره بالفكر اليساري.. فكان تأثير الواقعية والتعبيرية واضحاً سواء في السينما أم في المسرح، وكانت كل أعماله تعالج الجانب الإنساني، وما يعانيه الإنسان من أزمات وجودية، والصراع المحتدم للطبقات المستغَلة (بفتح الغاء) ضد عدوها الطبقي، وكان هذا واضحاً في جل أعماله المسرحية، وواضحاً بشكل أعمق في أعماله السينمائية.
كان فيلما (الجابي) و(المنعطف) هما الثمرتان اليانعتان لعطاء جعفر علي السينمائي، على قصر تجربته في هذا المجال، هذان الفيلمان وضعا الملامح الأسلوبية لجعفر علي، ولو قدر له أن يستمر في عمله السينمائي بما يرغب، وبما تمليه عليه قناعاته وإيمانه من دون تدخل مؤسسة، أو شخص، لكن قد صاغ شخصية وأعمال سينمائية للمرة الأولى في تاريخ السينما في العراق.
فـ (الجابي) كان باكورة أعمال جعفر علي، الذي كتب قصته والسيناريو والحوار له، وهو يتحدث بشكل واقعي عن حياة الناس وهمومهم اليومية داخل حافلة نقل الركاب (طول الفيلم)، وأزعم أنه أول فيلم في السينما العراقية من أفلام الطريق..
استخدم فيه عنصر المونتاج وهو التقاطع بواسطة اللقطات من (اللص) إلى (الجابي) حيث لقطة نظرات اللص ثم الانتقال إلى لقطة أخرى حيث الجابي وجيبه المليء بالنقود وهذا إيحاء إلى حدث سوف يحدث في اللقطات الأخرى. أعتمد جعفر علي الواقعية وهي نزعة ذاتية تعبر عن الافكار للفنان وصانع الفلم من خلال انطباعه للواقع الذي يعيشه. ولا يخطء المتابع النبه الى تأثير السينما السوفيتية على هذا العمل.
أما (المنعطف) وهو الفيلم الذي أخرجه عام 1974 وعرض في غير مهرجان سينمائي عالمي، وهو معد عن قصة (خمسة أصوات) لغائب طعمة فرمان وكتب السيناريو له بالاشتراك مع صادق الصائغ.. وعرض في مهرجان موسكو عام 1975، والفيلم يسير على النهج نفسه في فيلم ()الجابي، حيث الواقعية في أحسن تجلياتها، إستخدم المخرج في هذا الفيلم عناصر اللغة السينمائية في الإيحاء عن المعاني والدلالات التعبيرية والجمالية في الكثير من المشاهد، مع الإلتزام بواقعية أفلت من الشاشة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram